تنذر
تحركات القوى العسكرية المنتشرة على ضفتي نهر الفرات شرق
سوريا، باحتمالية وقوع
صدام عسكري واسع النطاق في المنقطة، وذلك بالتزامن مع توترات جوية بين قوات
التحالف الدولي والقوات الروسية في البلاد.
وأكدت
مصادر "عربي21"، أن مناطق ريف
دير الزور شرق سوريا شهدت تحركات عسكرية
للقوات الأمريكية وحليفتها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من جهة، ولقوات النظام
السوري والمليشيات الإيرانية من جهة أخرى.
ودفعت
القوات الأمريكية و"قسد" خلال الأيام الماضية بحشود عسكرية هي الأولى من
نوعها، قادمة من محافظة الرقة شمال سوريا إلى محيط قاعدة حقل العمر النفطي"
و"كونيكو" للغاز الطبيعي والبلدات المجاورة لها شرق البلاد.
في
المقابل، أفادت وسائل إعلام محلية بأن
المليشيات الإيرانية وقوات الفرقة الرابعة
في قوات النظام السوري، نقلت عددا من الصواريخ، قصيرة ومتوسطة المدى، إلى مقراتها
وثكناتها العسكرية المنتشرة ضمن مدينة دير الزور.
وتنتشر
القوات الأمريكية في تسعة مواقع ونقاط عسكرية في دير الزور ضمن المناطق الخاضعة
لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية على ضفة نهر الفرات الشرقية، بينما توجد
روسيا في
ستة مواقع ضمن مواقع قوات النظام السوري، في حين تملك إيران العدد الأكبر من قواعد
القوى الأجنبية في شرق سوريا بواقع 77 موقعا معظمها تابع للحرس الثوري الإيراني.
وتزامنت
الحشود العسكرية للقوى المسيطرة على شرق سوريا، مع توترات بين التحالف الدولي
لمحاربة تنظيم الدولة، والقوات الروسية، حيث يتبادل الطرفات الاتهامات بشأن انتهاك
بروتوكول منع التصادم في سوريا.
وتواصل
القوات الروسية في سوريا، اتهام الولايات المتحدة وطائرات التحالف الدولي بانتهاك
بروتوكول منع التصادم، عبر القيام برحلات جوية غير قانونية في سوريا، ما ينذر بوقوع
حوادث قد تطال الطائرات المدنية لا سيما فوق منطقة التنف الواقعة على المثلث
الحدودي بين سوريا والعراق والأردن.
من
جهتها، تتهم القوات الأمريكية، الطائرات الروسية بارتكاب استفزازات تجاه طائرات
التحالف الدولي في أثناء القيام بعمليات ضد تنظيم الدولة، وهو ما تحدث عنه الجنرال
مايكل كوريلا قائد القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم"، عند إعلانه عن
مقتل قيادي بارز من "داعش" بغارة أمريكية شرق سوريا.
اظهار أخبار متعلقة
توزع
القوى الخارجية
وبحسب
آخر الخرائط التحليلية للمواقع العسكرية التابعة لقوات خارجية في سوريا، فإن
إجمالي القواعد والنقاط العسكرية الأجنبية بلغ 830 موقعا على امتدادا الجغرافية
السورية، بينها 92 موقعا في محافظة دير الزور شرق سوريا.
وأوضح
مركز "جسور" أن القوات الإيرانية والمليشيات المدعومة من طهران تنتشر في
570 موقعا متفرقا في سوريا معظمها في حلب، بينما تتواجد القوات الروسية في 105
مواقع، في حين تتمركز القوات الأمريكية في 30 موقعا فقط معظمها في شمال وشرق سوريا،
فيما بلغ عدد القواعد والنقاط للقوات التركية 125 موقعا تنتشر في شمال وشمال غرب البلاد.
المحلل
السياسي وأحد معدي الدراسة، وائل علوان، قال لـ"عربي21"، إن مواقع
المليشيات الإيرانية غير قادرة على شن الأعمال العسكرية بمفردها بسبب افتقارها للبنية
التحتية، إضافة إلى إعادة انتشارها المتكرر وما ينجم عنه من استنزاف لجاهزية
القوات القتالية نتيجة الغارات الإسرائيلية المتكررة.
وفي ما
يتعلق بانتشار القوات الروسية، أكد السياسي المشارك في إعداد الدراسة أن روسيا
قلصت عدد قواتها في سوريا عقب الحرب الأوكرانية، حيث تراجع عدد مواقع انتشارها من
132 موقعا إلى 105 فقط، لكنها حافظت في الوقت نفسه على تفوقها في ميزان المنافسة
على المليشيات والقوات الإيرانية، عبر محاولة حرمانها من الانتشار في المواقع
الاستراتيجية، خاصة في المطارات والموانئ السورية.
ورأى
أن تراجع الانتشار العسكري للقوات الروسية لا يؤثر على وجودها في سوريا، نظرا إلى
حجم إمساكها بالقرار العسكري لقوات النظام السوري، التي تلتزم بدورها بتنفيذ
التوجيهات الروسية الهادفة إلى المحافظة على النظام وتدعيم الخطوط الخلفية لجبهات
القتال، إضافة إلى تحقيق توازن مع المليشيات الإيرانية.
وبالتزامن
مع تراجع الانتشار الروسي، فقد زادت قوات التحالف الدولي والقوات الأمريكية عدد مواقعها
في سوريا إلى 30 موقعا بعد أن كانت 25 موقعا في 2022.
ولفت
علوان إلى أن مهام التحالف الدولي والقوات الأمريكية في سوريا، تتمثل في تدريب
وتطوير قدرات حلفائها (قسد) وفصيل (جيش سوريا الحرة) المتمركز في قاعدة التنف العسكرية،
لمواجهة أي تهديد من قبل تنظيم "داعش" والمليشيات الإيرانية، إضافة إلى
تقديم الإسناد لحلفائها في المهام القتالية والأمنية، كتنفيذ عمليات الإنزال الجوي
وتقديم الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية الثقيلة.
واعتبر
أن الوجود الأمريكي في سوريا، رغم أنه الأقل من حيث العدد والانتشار إلا أنه
الأكثر تأثيرا قياسا على فارق القوة بالتسليح والانتشار، وقد زودت الولايات
المتحدة خلال النصف الأول من عام 2023 قواتها في سوريا بمنظومة هيمارس للدفاع
الجوي بعد الزيادة الملحوظة في انتهاك روسيا لآلية عدم التصادم.