تصاعدت في الأشهر الأخيرة بتونس، التحذيرات من بروز مؤشرات قوية تنذر بـ"انحراف" خطير في مؤشر الحقوق والحريات مع ارتفاع عدد المعتقلين السياسيين المعارضين لسياسات الرئيس قيس سعيّد.
وتشن السلطات
التونسية حملة
اعتقالات منذ شباط/ فبراير الماضي طالت معارضين أبرزهم رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي، وأعضاء من جبهة الخلاص الوطني، أكبر تكتل معارض للرئيس سعيّد.
وتقول منظمات حقوقية وشخصيات سياسية تونسية إن الوضع الحقوقي في البلاد أصبح سيئا ومقلقا منذ استحواذ الرئيس على كامل الصلاحيات منذ 25 تموز/ يوليو 2021.
اظهار أخبار متعلقة
"وضع حرج"
وفي تعليق، قال أستاذ القانون بجامعة قرطاج وعضو مكتب الدفاع عن
الحريات الفردية وحيد الفرشيشي إن وضع الحقوق والحريات في تونس "مقلق جدا وحرج".
وأكد وحيد الفرشيشي، في تصريح لـ"
عربي21"، أن "تونس تعيش في وضع استبداد إن لم نقل أنها في اتجاه الدكتاتورية وكل المؤشرات خطيرة".
وشدد الفرشيشي على أنه "رغم كل الانتهاكات التي حصلت في سنوات ما قبل وبعد الثورة، فإن الوضع ما بعد 25 تموز/ يوليو 2021 أخطر بكثير وسيء للغاية".
واعتبر الفرشيشي أنه "في سابقة خطيرة للغاية، يتم منع الصحفيين من التداول في موضوع التآمر أي أن السلطة يمكن أن يصل بها الأمر أن تنشر قائمة وتحدد أي مواضيع يمكن الحديث فيها".
وكشف الحقوقي أنه يوجد أكثر من 30 موقوفا في قضية التآمر على أمن الدولة، و17 نقابيا في حالة إيقاف، وأكثر من 280 انتهاكا في صفوف الصحفيين.
جدير بالذكر أن القضاء التونسي أصدر قرارًا بمنع التداول الإعلامي في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة"، فيما أعلنت هيئة الدفاع عن المعتقلين ونقابة الصحفيين الطعن في القرار ورفضه.
واعتبر الفرشيشي أن هذا القرار "تضييق وحد من حرية الدفاع في كل القضايا"، مضيفا: "الحقوق منتهكة ماذا يعني أن يصدر قاضي تحقيق قرارا بالإفراج عن الناشطة شيماء عيسى والنيابة تستأنف؟ أيضا هناك آلاف الناس الموقوفين تنتهك حقوقهم ولكن لا أحد يسمع بهم".
كما لفت المحامي إلى ما قال إنه "تحريض وعنف وكراهية وعنصرية من رئاسة الجمهورية صاحب القرار والسلطة في الدولة وهو أمر على درجة عالية من الخطورة".
اظهار أخبار متعلقة
"المرسوم 54"
ويرى السياسيون أن "تلفيق التهم" ووضع الخصوم المعارضين بالسجن بملفات "فارغة" مع إحالات على معنى المرسوم 54 دلائل قاطعة على أن النظام يستهدف بشكل "بشع" الحقوق وحرية الرأي والتعبير.
وللإشارة فإن المادة 24 من المرسوم عدد 54 لسنة 2022 الصادر في 13 أيلول/ سبتمبر الماضي تنص على عقوبة السجن مدة 5 أعوام وبغرامة قدرها 50 ألف دينار (نحو 16 ألف دولار) لكل من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان".
وفي تعليق، قال الناطق الرسمي باسم حزب "العمال"، حمة الهمامي، إن "واقع الحقوق والحريات سيء جدا، بعد أن كانت الحقوق أهم المكاسب التي افتكها الشعب بعد الثورة".
وأفاد الهمامي، في تصريح لـ"
عربي21"، بأنه "في ظل حكم قيس سعيّد اليميني الشعبوي المتطرف هناك إرادة واضحة لنسف كل المكاسب الديمقراطية وبسط حكم فردي فيه فقط رئيس ورعية".
وأشار الهمامي إلى أن المحاكمات على معنى المرسوم 54 هي فضيحة ووصمة عار على جبين هذا الحكم الفردي المطلق لقيس سعيد، مشددا على أن هذا المرسوم سيسقط لأنه "فضيحة وعار".