نظم المئات من
التونسيين، الأحد مظاهرة احتجاجية في صفاقس، جنوب البلاد، ضد تواجد مهاجرين غير شرعيين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في المدينة.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي تجمع المئات في صفاقس استجابة لدعوات منظمات المجتمع المدني.
ورفع المشاركون شعارات من قبيل "صفاقس ليست منطقة عبور" و"
الهجرة غير النظامية خطر على الجمهورية"، ولافتات تطالب بـ"فرض تأشيرات دخول على المسافرين القادمين من دول جنوب الصحراء".
وفي تجمع منفصل، تظاهر أنصار الحزب الدستوري الحر في صفاقس، ضد تواجد عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين في المدينة، غالبيتهم من دول جنوب الصحراء.
وفي كلمة خلال التظاهرة التي تم تنظيمها أمام مقر محافظة صفاقس، طالبت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، سلطات البلاد "بفتح مفاوضات مع مفوضية اللاجئين الأممية لترحيل المهاجرين غير النظاميين في إطار إعادة التوطين بلدان قادرة على استقبالهم، وهو أمر قانوني ومطابق للمعايير الدولية".
وأضافت موسي: "حق اللجوء يبقى مضموناً لمن هو في خطر داهم ووفق الشروط التي تضبطها القوانين الدولية". وشددت على ضرورة رفض إملاءات الاتحاد الأوروبي بخصوص ملف اللاجئين غير النظاميين.
وتابعت: "السلطة القائمة لم تقم بأي مجهود لحماية الحدود التونسية مع الجزائر وليبيا لمنع توافد المهاجرين من هناك".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، انتقد نشطاء الرئيس التونسي قيس سعيّد بسبب ما اعتبروه تجاهلا منه للجهة، رغم أنه أدى زيارة إلى صفاقس منتصف حزيران/ يونيو الجاري، التقى فيها عددا من المهاجرين، قائلا إن بلاده "لن تقبل أن تكون حارسة لحدود أي دولة أخرى، أو توطين المهاجرين على أراضيها".
وانتقد آخرون الرئيس سعيّد بسبب عدم تعيين محافظ جديد لصفاقس منذ إقالته للمحافظ السابق في كانون الثاني/ يناير الماضي، دون أن يتم تسمية مسؤول جديد.
وأبرمت تونس اتفاقية سفر دون تأشيرة مع ساحل العاج، البلد الذي يأتي منه غالبية مهاجريها من جنوب الصحراء الذين يقدر عددهم بنحو 70 ألف مهاجر، وباعتبارها دولة ذات نظام جامعي فرانكفوني فقد أصبحت تونس مركزًا للطلاب من غرب أفريقيا.
وأصبح قربها من أوروبا أيضًا عامل جذب لأولئك الذين يأملون في عبور البحر الأبيض المتوسط لإيجاد المزيد من الفرص في إيطاليا أو فرنسا.
ويصل جميع المهاجرين إلى تونس تقريبًا بشكل قانوني، ولكن بعد ثلاثة أشهر يصبح وضعهم "غير قانوني" وتُفرض عليهم غرامة شهرية تبلغ حوالي 27 دولارًا، ولا يوجد سوى القليل من الطرق التي يمكن اتباعها للحصول على إذن قانوني للعمل في تونس؛ حيث تمنع قوانين العمل المحلية الأجانب من شغل منصب يمكن للمواطن التونسي القيام به نسبيًّا.
ونتيجة لذلك؛ فإنه يعمل معظمهم في ظروف محفوفة بالمخاطر في مناصب دون إشراف أو حماية أو حقوق، وتعتبر سرقة الأجور أمرًا شائعًا، وكذلك العنف الجسدي. وبالنسبة للعديد من المهاجرين الذين يقيمون في تونس منذ أشهر أو سنوات - بما في ذلك خلال جائحة كورونا عندما أغلقت الحدود - مع عمل متقطع وبأجر ضعيف، فإن رسوم مغادرتهم البلاد تصبح باهظة للغاية ويُتركون في طي النسيان، ولا يكسبون سوى القليل من المال لدفع رسومهم المتزايدة باستمرار، ويصبحون غير قادرين على المغادرة.
وفي عام 2023، وصل عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس إلى 9 آلاف و547 لاجئا، من جنسيات مختلفة، أبرزها ساحل العاج وسوريا والسودان والكاميرون، وفق تقرير نشره المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في 22 حزيران/ يونيو الجاري.
ويتوزع اللاجئون في تونس في عدة مدن أبرزها العاصمة بنحو 4 آلاف و390 لاجئا، و2200 في صفاقس (وسط)، و1200 في مدنين (جنوبا)، وأكثر من 6 آلاف و500 آخرين قدموا طلباتهم للحصول على حق اللجوء إلى تونس، بحسب التقرير.
ودعا سعيّد خلال مجلس الأمن القومي، في 21 شباط/ فبراير الماضي، إلى ضرورة وضع حد لظاهرة تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، مرجعا الأمر إلى "ترتيب إجرامي يهدف لتغيير تركيبة تونس الديمغرافية".
وقال سعيّد إن "هذا الوضع غير طبيعي، وهناك ترتيب إجرامي تمّ إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس، وهناك جهات تلقت أموالا طائلة بعد سنة 2011، لتوطين المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء في تونس".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار سعيّد إلى أن "الهدف غير المعلن لهذه الموجات المتعاقبة من الهجرة غير النظامية، هو اعتبار تونس دولة أفريقية فقط، ولا انتماء لها للأمتين العربية والإسلامية".
وأثارت تصريحات سعيّد غضب الاتحاد الأفريقي، حيث أدان رئيس المفوضية موسى فقي محمد في بيان "بشدة تصريحات السلطات التونسية الصادمة ضد مواطنينا الأفارقة، والتي تتعارض مع روح منظمتنا ومبادئنا التأسيسية".
وحاولت السلطات التونسية استدراك الأمر من خلال بيان لوزارة الخارجية قالت فيه إنه يوجد "خلط غير مبرّر وغير مفهوم" في بيان الاتحاد الأفريقي بين المهاجرين القانونيين و"الجماعات غير القانونية التي تتاجر بالبشر وتزج بهم في قوارب الموت وتستغلهم لأغراض إجرامية"، بحسب زعمها.