أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بموريتانيا
رسميا نتائج
الانتخابات النيابية والمحلية، التي جرى شوطها الأول 13 أيار/ مايو الجاري
وشوطها الثاني في 27 من الشهر نفسه.
وتعتبر الانتخابات الحالية الأكثر جدلا في تاريخ
البلاد، إذ وصفتها المعارضة بأنها "الأسوأ" منذ بداية الديمقراطية بالبلد
في تسعينيات القرن الماضي، مطالبة بإلغاء نتائجها وإعادتها من جديد.
ووفق النتائج الرسمية فشلت 10
أحزاب سياسية في الحصول
على أي مقعد برلماني في هذه الانتخابات.
أحزاب عريقة خارج البرلمان
ووجدت أحزاب معارضة وأخرى موالية عريقة نفسها خارج
البرلمان الموريتاني لأول مرة منذ نحو عقدين من الزمن، فيما تحدث قادة هذه الأحزاب،
ومعهم أحزاب نالت تمثيلا في البرلمان عن تزوير الانتخابات، وانعدام مصداقيتها، ودعوا
لإعادتها.
ومن بين هذه الأحزاب "الحزب الجمهوري للديمقراطية
والتجديد"، الذي حكم
موريتانيا 14 سنة خلال فترة حكم الرئيس الموريتاني الأسبق
معاوية ولد الطايع (1991 – 2005).
ورغم الإطاحة بالرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد
الطايع في انقلاب عسكري سنة 2005، إلا أن "الحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد"، ظل يشارك في الانتخابات ويحصد مقاعد في البرلمان قبل أن يجد نفسه خارج التشكيلة البرلمانية
لأول مرة.
وبجانب "الحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد"، وجدت أحزاب أخرى عريقة نفسها لأول مرة أيضا بدون تمثيل في البرلمان.
ومن بين هذه الأحزاب حزب "تكتل القوى الديمقراطية"
الذي تأسس أيضا سنة 1991 أي بداية إعلان التعددية السياسية، ويرأسه أحمد ولد داداه
الذي يعتبر أحد أبرز الوجوه المعارضة في البلد منذ التسعينيات.
تمكن رئيس هذا الحزب أحمد ولد داداه من التجاوز إلى
الجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية 2007، وحصل على أكثر من 47% من أصوات الناخبين،
وفاز في تلك الانتخابات المرشح سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله المدعوم من قبل العسكر، حيث حصل على أكثر من 52%.
ولأول مرة أيضا، يجد حزب "التحالف الشعبي التقدمي"
نفسه خارج البرلمان.
ويعتبر حزب "التحالف الشعبي التقدمي" واحدا
من أعرق أحزاب المعارضة بموريتانيا ويرأسه مسعود ولد بلخير، الذي انتخب رئيسا للبرلمان
الموريتاني سنة 2009.
حزب عريق آخر وجد نفسه أيضا خارج البرلمان لأول مرة
هو حزب "اتحاد قوى التقدم"، الذي يصنف على أنه الممثل الوحيد لليسار في موريتانيا،
ويرأسه محمد ولد مولود.
إظهار أخبار متعلقة
مخاوف من الحل
وتواجه هذه الأحزاب العريقة إلى جانب أحزاب أخرى
سيف الحل وفقا لنص القانون، الذي ينص على حل الأحزاب السياسية التي لا تشارك في استحقاقين
انتخابين متواليين، أو التي تفشل في الحصول على نسبة 1% فيهما.
وكانت الحكومة الموريتانية أصدرت سنة 2018 قانونا
ينظم عمل الأحزاب السياسية في موريتانيا.
وينص القانون على حل جميع الأحزاب السياسية التي
تتخلف عن المشاركة في استحقاقَين انتخابيَّين بلديين متواليين، أو تشارك فيهما وتحصل
على أقل من 1% من أصوات الناخبين.
وتنص المادة 20 من القانون المتعلق بالأحزاب السياسية
في فقرتها الخامسة على أنه "يتم بقوة القانون حل كل حزب سياسي قدم مرشحين لاقتراعين
بلديين اثنين، وحصل على أقل من 1% من الأصوات المعبر عنها في كل اقتراع، أو الذي لم
يشارك في اقتراعين بلديين اثنين متواليين".
أسباب الفشل
ويرى متابعون أن عدم تمثيل هذه الأحزاب العريقة في
البرلمان لأول مرة يعود إلى عدة أسباب، منها الخلافات السياسية الداخلية.
ويرى المحلل السياسي الهيبة ولد الشيخ سيداتي، أن
فشل هذه الأحزاب لأول مرة في الحصول على تمثيل برلماني، يعود لأسباب "أبرزها هجرة
الكثير من الشخصيات السياسية البارزة في هذه الأحزاب، والتحاقها بالحزب الحاكم، طمعا
ربما بتحقيق مكاسب سياسية أو وظائف حكومية".
وقال ولد الشيخ سيداتي في تصريح لـ"عربي21"؛ إن هذه الأحزاب فشلت في عقد مؤتمراتها بشكل منتظم، كما تمسكت بقيادتها دون أي تغيير، ما دفع كثيرين لمغادرتها.
إظهار أخبار متعلقة
وأضاف: "أيضا نلاحظ أن هذه الأحزاب لم تستفد
من رصيد قياداتها التاريخية التي تتمسك بها، حيث لم ترشح أيا من هذه القيادات على رأس
لوائحها في الانتخابات الحالية، وهذا قد يكون من بين أسباب الفشل الذي حصل".
ولفت إلى أن أحزاب "تكتل القوى الديمقراطية"
و"اتحاد قوى التقدم" و"التحالف الشعبي التقدمي"، ظلت لسنوات محور
العمل الحزبي المعارض في البلد، لتجد نفسها فجأة ولأول مرة خارج التمثيل البرلماني
ومهددة بالحل، فيما وجد "الحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد" الذي حكم
البلاد نحو 14 سنة نفسه أيضا مهددا بالحل.
وتابع: "يبدو أن أعمار الأحزاب عندنا لا تتجاوز
العقدين ونصف العقد، وهي حالة ترتبط بالأحزاب نفسها من حيث بنيتها التنظيمية ونمط القيادة
واستراتيجيات الممارسة السياسية".
نتائج رسمية
وأظهرت النتائج الرسمية للانتخابات النيابية والمحلية
فوزا كاسحا لحزب "الإنصاف" الحاكم الذي حصد 107 مقاعد من أصل 176.
وحل ثانيا في هذه الانتخابات حزب "التجمع الوطني
للإصلاح والتنمية" (إسلامي / معارض) بحصوله على 11 مقعدا برلمانيا، فيما حل ثالثا
"الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم" (موالاة) بـ10 مقاعد.
وتقاسمت أحزاب أخرى من المعارضة والموالاة المقاعد
المتبقية بنسب متفاوتة.
وأثارت هذه الانتخابات جدلا واسعا في البلد، حيث
طالبت أحزاب المعارضة وبعض أحزاب الموالاة بإعادتها، معتبرة أنها عرفت تزويرا واسعا،
فيما يرفض حزب "الإنصاف" الحاكم ذلك ويقول؛ إن حجم الخروقات الذي حصل لا يؤثر
على مصداقية العملية الانتخابية.