كتاب عربي 21

عزيزي الإعلام الغربي.. مدح العنصريين لا يجلب لا الديمقراطية ولا الاستقرار

أسامة جاويش
عبارة عنصرية بامتياز اتخذت منها المعارضة التركية شعارا- تويتر
عبارة عنصرية بامتياز اتخذت منها المعارضة التركية شعارا- تويتر
"السوريون سيذهبون".. عبارة انتشرت بشكل واسع على لوحات الإعلانات في الطرق الرئيسية في المدن التركية قبيل الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، والتي يتنافس فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو.

عبارة عنصرية بامتياز اتخذت منها المعارضة التركية شعارا لها في هذه الجولة من الانتخابات، الهدف الرئيس هو طرد اللاجئين السوريين من تركيا وإعادتهم إلى بلدهم مرة أخرى، حتى لو كان خطرا على حياتهم، المهم في الأمر أن يعيش الأتراك وحدهم في هذا البلد دون أي إزعاج من جنسيات أخرى.

كتبت الصحفية البريطانية إميلي ويثر على حسابها على تويتر تعليقا على هذه الحملة؛ قائلة إن أمّا سورية تقيم في إسطنبول منذ سبع سنوات أخبرتها أنها لا تستطيع إخفاء هذه اللوحات الإعلانية عن أعين أطفالها، ما أدى إلى تعرض أحد أطفالها الصغار إلى التنمر داخل المدرسة، والسبب أنه سوري ويجب أن يذهب من هنا.

الشعب التركي شعب تحكمه العاطفة بشكل كبير ويتأثر بما تنقله وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وينعكس هذا الأمر على سلوكه اليومي في الشارع وداخل وسائل المواصلات وفي الأماكن العامة. وهذا بالضبط ما عاشته تركيا خلال الأيام القليلة الماضية

عشت في تركيا خمس سنوات وأستطيع القول إن الشعب التركي شعب تحكمه العاطفة بشكل كبير ويتأثر بما تنقله وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وينعكس هذا الأمر على سلوكه اليومي في الشارع وداخل وسائل المواصلات وفي الأماكن العامة. وهذا بالضبط ما عاشته تركيا خلال الأيام القليلة الماضية، فقد وثّقت كاميرات المترو اعتداء مواطن تركي على آخر يرتدي ملابس تبدو وكأنها ملابس عربية، وقال له المعتدي اذهب من هنا وعد إلى بلدك.

تكرر نفس الأمر مع مراسلة قناة الجزيرة مباشر في إسطنبول، وهي مواطنة تركية من أصول عربية، حيث طالبها بعض أعضاء حزب الجيد المشارك في تحالف المعارضة بالعودة إلى بلدها وعدم التحدث باللغة العربية في الشارع، بل وصل الأمر إلى التعدي عليها بالضرب ومحاولة تكسير معدات التصوير.

أوميت أوزداغ سياسي تركي ورمز للتصريحات العنصرية البغيضة ضد اللاجئين؛ أعلن دعمه لكمال كليتشدار أوغلو وأن اتفاقا تم بينهما في حال فوز الأخير بانتخابات الرئاسة بأن يتم تعيين أوزداغ وزيرا للداخلية؛ ليبدأ فورا في تنفيذ حملة طرد اللاجئين السوريين من تركيا وإعادتهم إلى مصير مجهول بيد بشار الأسد، رئيس النظام السوري.

احترام سيادة القانون والحرية الفردية والديمقراطية والاحترام المتبادل والتسامح بين الأديان والمعتقدات المختلفة، هذه هي المبادئ والقيم البريطانية الخمس التي يتم تعليمها لطلاب المدارس في المملكة المتحدة، لا يسمح أبدا بانتهاكها أو تجاهلها، ويعاقب من ينتهك أو يتعدى على أي مبدأ من هذه المبادئ الخمس.

الغريب في الأمر أن وسائل الإعلام الغربية وعلى رأسها البريطانية ترى في كمال كليتشدار أوغلو مرشحا للديمقراطية والتغيير والحريات الفردية، وهذا كان واضحا قبيل الجولة الأولى في تقارير صحفية وتغطية تلفزيونية كثيرة كانت ضد أردوغان، ووصفته بالديكتاتور الذي قمع الحريات وأنه آن الأوان لرحيله كي تعود الديمقراطية

نفس الأمر يسري على الصحافة والإعلام في بريطانيا ودول غربية كثيرة، فلا مجال للتمييز أو العنصرية على أساس ديني أو عرقي أو مذهبي. والديمقراطية والحرية الفردية لا تعني التعدي على حريات ومعتقدات الآخرين أو التقليل منهم.

الغريب في الأمر أن وسائل الإعلام الغربية وعلى رأسها البريطانية ترى في كمال كليتشدار أوغلو مرشحا للديمقراطية والتغيير والحريات الفردية، وهذا كان واضحا قبيل الجولة الأولى في تقارير صحفية وتغطية تلفزيونية كثيرة كانت ضد أردوغان، ووصفته بالديكتاتور الذي قمع الحريات وأنه آن الأوان لرحيله كي تعود الديمقراطية إلى البلاد مرة أخرى.

ربما نختلف حول طريقة أردوغان في الحكم، نناقش تقارير بعض المنظمات الحقوقية والصحفية حول اعتقال الصحفيين في تركيا وحجب بعض وسائل التواصل، نحلل ونفند قراراته بعد محاولة الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2016، ولكن ما لا يمكن أن نختلف عليه هو أن الحملة الانتخابية الحالية للمعارضة وخطابها يصنف في الغرب بأنها حملة عنصرية تروّج لخطاب الكراهية والتحريض ضد فئة معينة داخل تركيا.

فلتخبرنا الصحافة البريطانية إذا ما هو الفارق بين حملة سويلا برافرمان ضد طالبي اللجوء؛ وبين حملة كمال كليتشدار أوغلو ضد اللاجئين في تركيا.. ولتخبرنا أيضا الصحافة البريطانية كيف لمن ينتهك القيم البريطانية ويمارس العنصرية أن يجلب الديمقراطية والاستقرار لبلد بحجم تركيا

الصحافة البريطانية انتقدت قرارات وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان ضد اللاجئين، بل وصفت تصريحاتها السابقة ضد اللاجئين عندما وصفتهم بالغزاة؛ بالتصريحات العنصرية وطالبت بإقالتها من منصبها، كذلك فعلت معظم وسائل الإعلام في بريطانيا عندما قررت وزيرة الداخلية ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا ووصفت هذا القرار باللا إنساني.

فلتخبرنا الصحافة البريطانية إذا ما هو الفارق بين حملة سويلا برافرمان ضد طالبي اللجوء؛ وبين حملة كمال كليتشدار أوغلو ضد اللاجئين في تركيا.. ولتخبرنا أيضا الصحافة البريطانية كيف لمن ينتهك القيم البريطانية ويمارس العنصرية أن يجلب الديمقراطية والاستقرار لبلد بحجم تركيا.

الحقيقة أن هذه الحملات العنصرية ضد اللاجئين السوريين ومحاولة إعادتهم مرة أخرى لنظام قمعي مجرم لن يجلب لتركيا الديمقراطية ولن يجلب للغرب الاستقرار، فملايين اللاجئين السوريين ستدفعهم حملات العنصرية ومحاولة القضاء عليهم إلى النجاة بحياتهم والبحث عن ملاذ آمن، ولن يجدوا إلا دول أوروبا للذهاب إليها، وهو ما لا تريده حكومات الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.

twitter.com/osgaweesh
التعليقات (3)
الكاتب المقدام
الأحد، 28-05-2023 10:05 م
*** 3- يقول الكاتب الإعلامي المتخصص الواسع الإطلاع على شئون الإعلام: "عشت في تركيا خمس سنوات، وأستطيع القول إن الشعب التركي شعب تحكمه العاطفة بشكل كبير، ويتأثر بما تنقله وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وينعكس هذا الأمر على سلوكه اليومي"، وأنا اختلف معه في أنه لا الإعلام التقليدي ولا الحديث له هذا التأثير في حياة الناس وسلوكها اليومي في أي شعب من الشعوب، إلا بقبولهم لهذا التأثير الإعلامي، والإقبال عليه برغبتهم وإرادتهم، لأن الطبيعة البشرية أن الناس يستمعون لما يطلبونه، ويفهمون منه ما يحبونه، ويصدقون فيه ما يرضي أهوائهم، وما يشبع ميولهم وطموحاتهم وأطماعهم ومصالحهم، ويغمضون أعينهم ويصمون آذانهم عن ما لا يحبون سماعه، أي أن كل ذلك التأثير الإعلامي الصالح أو الطالح فيهم هو بإرادتهم وبرضاهم، وهم غير مجبرين على قبوله، وهم المسئولون عنه والمحاسبون عليه، وأستاذ أساتيذ وزعيم دعاة الشر والتلفيق وهو إبليس، ليس له من سلطة ولا قدرة على التلاعب بأفكار أبسط الناس اصحا الاستقامة، بما يوحيه إليهم من زخرف، وأتباعه ومريديه من المسوخ البشرية أوهى وأضعف، والسيسي الجنرال المنقلب وعصابته مهووسون بصناعة الأذرع الإعلامية، التي تروج لإفكهم، وما أنفق على الإعلام في عهد المسخ المنقلب مئات المليارات، ولا توجد في مصر اليوم مؤسسة إعلامية عامة أو خاصة، إلا وهي غارقة في ديون بمئات الملايين، في دولة يعيش نصف مواطنيها في فقر مدقع، ورغم كل تلك الجهود الخارقة للإعلام السيساوي، فبعد عشر سنوات من انقلاب العسكر، وتجنيد كل من بقي في مصر من شخوص تعيش في أبهة من مثقفين وإعلاميين واكاديميين وفنانين ومهنيين مدعين، محشودون للدعاية لجمهورية السيسي الجديدة، والإشادة بإنجازات طبيب الفلاسفة، فلم يستطيعوا كسب أي مواطن كان قد وقف ضد انقلابهم الخبيث، والعكس صحيح، ففي مقطع مصور لشاب من قيادات تمرد، قال إن السيسي قد ضحك عليهم ووعدهم ومناهم، وأنه يعتذر للشعب المصري على كونه كان من زعامات حشد الجماهير في 30 يونيو، وأمسك حذائه وضرب به قفاه، وقال هذا ما أستحقه، وهذه قمة الشجاعة الأدبية، ولكن كثيراً من أنصار 30 يونيو ما زالوا سادرين في غيهم رغم تبينهم للحق، ولكن تأخذهم العزة بالإثم على التراجع والاعتراف بما ارتكبوه من خطيئة في حق الشعب المصري، ولكن غداً ناظره قريب، والله أعلم بعباده.
الكاتب المقدام
الأحد، 28-05-2023 03:15 م
*** 2- جاويش إعلامي متخصص نحترمه ونهتم بتقييم أفكاره ورؤيته، فله دوره الوطني والعربي المقدر، ولكن ما يمكن أن يؤدي إلى بث الكراهية بين الشعوب، وإشاعة النعرات القومية المتعصبة العنصرية، هو أمر نتائجه خطيرة، وتاريخ العلاقات التركية العربية حافل بالأحداث، فبعد انهيار الدولة العثمانية بإيجابياتها وسلبياتها، اتُهِمت حركات النهضة العربية حينها ظلماً بأنها كانت ورائها، رغم أن حركة التتريك وإيقاظ القومية التركية العنصرية هي المسئولة الأولى عن انهيارها وليس العرب، وبتولي كمال اتاتورك (أبو الأتراك)، وقعت تركيا تحت حكم دولة علمانية شديدة التطرف، واتجهت صوب أوروبا، وقطعت علاقاتها التاريخية بمحيطها الإسلامي والعربي، والصحوة التركية المعاصرة بعودتها للاهتمام بمحيطها الإسلامي والعربي، مثلت أملاً جديداً للعرب، وكان فتح أبواب تركيا للسياسيين العرب بعد الانقلاب على ثورات الربيع العربي، موقف ودور لا ينكر، رغم ما خضعت له الحكومة التركية من ضغوط شديدة، اضطرتها أحياناً لفرض قيود على حركات المقاومة والمعارضة العربية. ويعاني الأتراك انفسهم من تاريخ مستمر حافل بالجرائم العنصرية الدموية ضدهم في أوروبا، ومثال لها مقتل أسرة تركية (من ابنتين وحفيدتين وابنة اخت) حرقاً بيد النازيين الجدد عام 1993 في بلدة زولينغن الألمانية، وقصة جاويش بأن تركي قد قال لعربي: "عد إلى بلدك"، ليست إلا مشادة لا تستحق الذكر، ولا يجب استغلالها لإثارة مشاعر الكراهية، وللمقارنة بمشكلات اللاجئين المعقدة، ففي فجر الجمعة 30 ديسمبر 2005، اعلنت وزارة الداخلية المصرية ان عشرين لاجئا سودانيا قد قتلوا بيد الشرطة المصرية في حي المهندسين في القاهرة الكبرى. ومبالغات جاويش بجانبها عن: "الحملات العنصرية ضد اللاجئين السوريين في تركيا" خطيرة، ونحذر بأن التعاون العربي التركي لا ترضى عنه جهات عديدة داخلية وخارجية، وسيسعون للطعن فيه والنيل منه، بمؤامرات للإيقاع بين الشعبين.
الكاتب المقدام
الأحد، 28-05-2023 12:52 م
*** 1- يقول جاويش: "الشعب التركي شعب تحكمه العاطفة، ويتأثر بما تنقله وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي"، وقد تلى الكاتب عبارته بمثال يوضح مقصوده منها: "مثل اعتداء مواطن تركي على آخر يرتدي ملابس تبدو عربية، وقال له المعتدي عد إلى بلدك"، عبارة جاويش ومثاله تؤجج عنصرية بغيضة، حيث تعمم في وصف الأتراك بصفات لا يخلوا منها أفراد من أي شعب، والقول بأن شعب تحكمه العاطفة، تعميم لكونه شعب غير عقلاني بمجمله، ومثال جاويش من الحوادث الفردية التي لا يخلوا منها مجتمع، فكمثال فمؤخراً في تورنتو بكندا، صدم كندي من أصول أوروبية مسيحية وقتل بسيارته عمداً أسرة آسيوية بأطفالها ونسائها وعجائزها بكاملها، ويبدوا من ملابس الأسرة أنهم مسلمين، ولا يعمم عاقل بأن كل الكنديون عنصريون معادون للإسلام، كما تفجرت في كندا قضية عنصرية أخطر، وهي اكتشاف مقابر جماعية لجثث أطفال من أهل كندا الأصليين في حرم مدارس داخلية كاثوليكية عديدة، كان يديرها قساوسة وراهبات الكنيسة الكاثوليكية لكثلكتهم غصباً، وتُظهِرُ جثث الأطفال ما خضعوا له من معاملة وحشية في تلك المدارس، ما دعى رئيس وزرائها "ترودوا" للاعتراف بما ارتكبه أسلافه الكاثوليك ضد اطفال السكان الأصليين من جرائم إبادة جماعية، فضلاً عما ارتكب من جرائم اغتصاب جماعية لأطفال على يد قساوسة ورهبان في كنائس كاثوليكية، بتواطؤ من الفاتيكان في حماية القساوسة المتهمين بنقلهم إلى كنائس أخرى بعيدة، ولم نعمم نحن باتهام كل الكاثوليك. وفي نيوزيلندا وفق موسوعة ويكيبيديا: "هجوما كرايستشيرش في 2019. هما هجومان إرهابيان، دافعهما سيادة البيض وكراهية الإسلام، حيث أُطلقت النيران داخل مسجد النور ومركز لينود الإسلامي في مدينة كرايستشرش (مدينة كنيسة المسيح)، ونتج عنهُما قتل 51 شخصاً، وأصابة 50 آخرون من الأطقال والكبار، بضلوع أربعة مجرمين ارهابيين في الهجوم، من اليمين البديل المؤمن بسيادة البيض، بشعارات للنازيين الجدد، ولم نعمم ونتهم النيوزيلنديين بأنهم جميعاً عنصريون، وليس المقصود هو الدفاع عن أعمال عنصرية عدائية لأتراك، ولكن المقصود عدم تعميم الاتهام على كل الشعب التركي، وعدم بث الكراهية ضده، بالتركيز على حوادث فردية بغيضة.