في حراك سياسي مكثف تشهده الساحة السنية بالعراق، أعلنت العديد من الشخصيات والكيانات السياسية تشكيل
تحالفات جديدة؛ تمهيدا لخوض انتخابات مجالس المحافظات، التي تسعى الحكومة
العراقية إلى إقامتها في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
لكن هذه التحالف بدأت تتشكل بعيدا عن حزب "تقدم" الذي يتزعمه محمد
الحلبوسي، رئيس البرلمان العراقي، ولاسيما من أقرب حلفائه، رجل الأعمال والسياسي، خميس الخنجر، الذي يرأس تحالف "السيادة" (أكبر كيان سني)، ويضم "تقدم" تحت لوائه.
أربعة أقطاب
على ضوء التحالفات الجديدة، فإن الخارطة السياسية السنية المناوئة للحلبوسي، تمثلها أربعة كيانات سياسية، هي: "السيادة" بقيادة الخنجر، و"العزم" بزعامة النائب مثنى السامرائي، وتحالف "الأنبار الموحد" برئاسة جمال الكربولي، و"جبهة الإنقاذ والتنمية" بقيادة أسامة النجيفي.
وخلال مؤتمر حاشد لـ"تحالف الأنبار الموحد"، شهدته مدينة الفلوجة، الجمعة الماضية، التي تعتبر معقل الحلبوسي، أعلن القيادي السني البارز رافع العيساوي، قرب تشكيل كيان سياسي يضم أغلب القوى السنية في البلاد.
وقال العيساوي؛ إن "تحالف الأنبار وكيانات وطنية، تعتزم تشكيل ائتلاف سياسي كبير يمثل المحافظات المحررة (السنية)"، مشيرا إلى أن "هناك توجها لتشكيل تحالف كبير باسم المناطق المحررة، يزيح الفاسدين من مكانهم".
إظهار أخبار متعلقة
ويضم تحالف الأنبار الموحد، كلّا من: حزب الحل بزعامة جمال الكربولي، والحزب الإسلامي بقيادة رشيد العزاوي، ونائب رئيس الوزراء الأسبق رافع العيساوي، ومحافظ الأنبار الأسبق صهيب الراوي، والوزراء السابقين قاسم الفهداوي، وسلمان الجميلي، وغيرهم من الشخصيات.
وقبل مؤتمر تحالف الأنبار بأسبوع، أعلن زعيم تحالف السيادة خميس الخنجر، اندماج حزب الوطن بقيادة النائب السابق مشعان الجبوري، الذي يعتبر الغريم الأبرز لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وذلك في مهرجان حاشد أقيم في محافظة صلاح الدين، استعدادا للانتخابات المقبلة.
وقال الجبوري خلال مقابلة تلفزيونية، الأربعاء؛ إن "الحلبوسي بات خارج السيادة، رغم طلب الأخير من الخنجر أن يبقى التحالف بينهما قائما، لكنه رفض ذلك، ثم جرت محاولات للصلح بين الطرفين وكلها باءت بالفشل؛ لأنهما يختلفان في المنهج، فالأول يحاول عرقلة عمل الحكومة، والثاني يدعمها".
"مجلس تنسيقي"
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر سياسية خاصة عن تحركات تجريها قيادات سنية لإعادة تشكيل قائمة انتخابية سنية كبيرة، مشابهة للقائمة العراقية التي فازت في الانتخابات البرلمانية بعموم البلاد عام 2010، والتي كان يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي.
وأكدت المصادر لـ"عربي21" طالبة عدم الكشف عن هويتها، أن "الاجتماعات قائمة بين أبرز القيادات السنية، مثل صالح المطلك وأسامة النجيفي، وسليم الجبوري، ورافع العيساوي، ومحمود المشهداني وغيرهم، لإعلان مجلس سياسي تنسيقي يسبق تشكيل القائمة الانتخابية".
وأوضحت المصادر أن "اجتماعا عقد في منزل نائب رئيس الوزراء الأسبق صالح المطلك، في 17 أيار/ مايو الجاري، من أجل تشكيل مجلس سياسي تنسيقي، الهدف منه توحيد الجهود في معالجة المشاكل السياسية والاجتماعية للمدن السنية، والذهاب بعدها إلى مشروع وطني واسع".
وأشارت إلى أن "كل هذه القوى والشخصيات السياسية تسعى إلى عزل محمد الحلبوسي سياسيا، وانتخابيا في المرحلة المقبلة، وذلك بعد الإطاحة به من رئاسة البرلمان، لاسيما عقب التصويت على الموازنة المالية العامة للبلاد، التي من المقرر أن يمررها البرلمان الأسبوع المقبل".
إظهار أخبار متعلقة
وبخصوص هذه النقطة، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي، محمود العبيدي، أن "القوى السياسية الشيعية لن تفرط بسهولة بالحلبوسي، رغم حديث قوى سياسية سنية عن حصولهم على تعهدات من الإطار التنسيقي بإقالته بعد إقرار الموازنة المالية".
وأوضح العبيدي في حديث لـ"عربي21"، أن "القوى الشيعية تحاول الضغط على الحلبوسي من خلال ما يُسرّب من معلومات عن نيتهم إقالته من منصبه، وذلك للحصول على تنازلات منه، بل وحتى ترويضه حتى لا يقف بوجه الحكومة، أو يساوم رئيس الوزراء على المناصب المخصصة للسنة".
وبيّن الباحث أن "الأطراف السنية المختلفة مع الحلبوسي، قد تفشل في مسعاها للإطاحة بالأخير في حال تدخلت جهات خارجية؛ سواء تركيا أو دول الخليج- التي دعمته في توليه رئاسة البرلمان لولاية ثانية-، وطلبت من القوى الشيعية وحتى النسية الإبقاء عليه في منصبه".
وكان القيادي في تحالف "السيادة" مشعان الجبوري، قد كشف خلال مقابلته التلفزيونية عن حصولهم على "وعد من قوى الإطار التنسيقي على إقالة الحلبوسي من منصبه، وذلك بعد إقرار الموازنة المالية العامة للبلاد، بشرط أن تأتي الكتل السنية بتواقيع النصف زائد واحد من نواب المكون".
وأوضح البرلماني السابق، أن "خميس الخنجر قال للحلبوسي: (أنتم تتميزون بالغدر وعدم احترام العقود، وأن تحالف السيادة مسجل باسمي وباسم مشعان الجبوري في مفوضية الانتخابات).
وأضاف: "قرارنا في تحالف السيادة، عدم تعكير الأجواء السياسية من أجل تمرير الموازنة"، لافتا إلى أن "عددا من المنشقين عن حزب تقدم، انضموا معنا في تحالفنا السياسي؛ لأن الحلبوسي يشكل خطرا على العراق، وسيجر البلاد إلى ما هو أسوأ من تنظيم الدولة".
وأشار الجبوري إلى أن "عدد نواب السيادة بلغ 18 نائبا حتى اللحظة، وأن أقرب النواب من الحلبوسي سيوقعون معنا للإطاحة به، إضافة إلى وجود 14 نائبا من تحالف العزم معنا، وأن الخنجر لا يمانع بأن يذهب إليهم منصب رئيس البرلمان، وربما يكون البديل وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، أو النائب الحالي سالم العيساوي".