في خطوات متلاحقة ومدروسة وعن سبق إصرار
بعثت حكومة الائتلاف اليمينية المتطرفة برئاسة
نتنياهو رسائل تتحدى قرارات الأمم
المتحدة وتتحدى العرب بعد عقد قمتهم في جدة يوم الجمعة الماضي، الرسالة الأولى قال
رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إنها موجهة للرئيس الفلسطيني محمود عباس،
اقتحم المتطرف إيتمار
بن غفير وزير الأمن الإسرائيلي، برفقة عشرات المستوطنين،
المسجد الأقصى المبارك، وهي العملية الثالثة له منذ تشكيل الحكومة اليمينية
المتطرفة، وذلك قبل وقت وجيز من عقد الحكومة الإسرائيلية اليمينية برئاسة بنيامين
نتنياهو اجتماعها الأسبوعي في أحد
الأنفاق أسفل المسجد الأقصى، ضمن الخطط الرامية
لدعم الاستيطان وتهويد مدينة
القدس .
والجدير ذكره أن هذه الأنفاق الإسرائيلية تهدد أساسات
المسجد الأقصى المبارك، وتنذر بانهيارات في أجزاء كبيرة منه، كما حدث في طرق ومبان
فلسطينية مجاور ، ووصف الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة ما قام به
بن غفير بأنه «اعتداء سافر على المسجد الأقصى، وستكون له تداعيات خطيرة».
ونددت وزارة الخارجية الأردنية باقتحام بن غفير للمسجد
أقصى وانتهاك حرمته، ووصفت ما قام به بأنه «خطوة استفزازية مدانة، وتصعيد خطير
ومرفوض، ويمثل خرقا فاضحا ومرفوضا للقانون الدولي، وللوضع التاريخي والقانوني
القائم في القدس ومقدساتها».
هذا الخرق الفاضح من قبل حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة
برئاسة نتنياهو واقتحامات المسجد الأقصى من قبل وزير الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية
يأتي تزامنا مع البيان الختامي لقمة جدة وقد أكدت على مركزية القضية الفلسطينية،
وطالبت بوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، وبإقامة
الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقا
لقرارات الشرعية الدولية، واعتبر البيان أن الجانب الإسرائيلي لا يعتبر شريكا
موثوقا للسلام، وأنه غير مؤهل لإقامة تسوية عادلة وشاملة مع الفلسطينيين.
القمة العربية التي أكدت على المبادرة العربية مرجعية
للسلام العادل والدعوة لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 67 لكن
تصرفات حكومة الاحتلال تؤكد ضربها بعرض الحائط لكل قرارات الشرعية الدولية
والمبادرة العربية للسلام وتعتبر نفسها فوق القانون الدولي وأن سيطرة المتطرفين
على الحكم في إسرائيل تجر المنطقة برمتها للحروب وعدم الاستقرار.
ما حصل عمليا بعد قمة جدة هو التالي: عقدت الحكومة الإسرائيلية،
أمس الأحد، جلسة في نفق أسفل حائط البراق، وهو الجدار الغربي للمسجد الأقصى، في
مدينة القدس المحتلة، وهو ثاني اجتماع يعقد تحت المسجد الأقصى في تاريخ حكومات
الاحتلال الإسرائيلي، وصادقت الحكومة على قرارات لتهويد مدينة القدس، وإجراءات
لزيادة الاستيطان في القدس، مخصصة 4 ملايين شيقل في ظل الاقتحامات المستمرة للمسجد
الأقصى ، وشكلت لجنة وزارية أمهلتها مدة 30 يوما لإعداد خطة للأعوام الخمسة
المقبلة لتعزيز مؤسسات الاحتلال في أحياء القدس وقراها، وخصصت ميزانية لمواصلة
الحفريات في منطقة حي المغاربة وحائط البراق.
بالتزامن مع ذلك الاجتماع، قام المتطرّف ايتمار بن غفير،
وزير الأمن القومي، الذي يتزعم حزب الصهيونية الصاعدة وهو حزب يميني فاشي باقتحام
المسجد الأقصى برفقة حاخامات وعشرات المستوطنين، وتحت حراسة مشددة من شرطة
الاحتلال، ونشر بن غفير صورة له داخل الأقصى على وسيلة للتواصل الاجتماعي قائلا
إنه ذهب إلى « جبل الهيكل» وإن « أورشليم روحنا» (!) فيما كان العنصريّ الآخر،
وزير المالية بتسلئيل سموتريش، يأمر مندوبي الوزارات بالاستعداد لاستيعاب نصف
مليون مستوطن آخر في الضفة الغربية في غضون سنتين، معتبرا أن هذه هي المهمة الأساسية
للحكومة.
ما يحصل كما أشارت إليه قمة جدة، هو قرارات سريعة بتهويد
القدس، وباستيطان مكثف للضفة الغربية، وبتحويل المسجد الأقصى إلى « جبل الهيكل»
ضمن مخطط يقوم على التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى . تشرف الحكومة
الإسرائيلية على تنفيذ تلك الخطط بوضع الميزانيات المالية والقوى العسكرية
والأمنية اللازمة لفرضها، ما يتطلب وضع خطة ترقى لمستوى التحديات التي تحاول إسرائيل
فرضها كسلطة أمر واقع.
نتنياهو، خلال خطابه من « نفق البراق» قال إن الاجتماع هو
« رسالة لأبو مازن « (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) لكن الحقيقة أنه رسالة بليغة
وواضحة للقادة العرب والمسلمين جميعا ، هي رسالة تتحدى فيها إسرائيل الفلسطينيين
والعرب باجتماع « نفق البراق « تزامنا مع اقتحامات بن غفير للمسجد الأقصى وتكاد
تكون متكررة .
أمام محاولات إسرائيل لفرض سياسة الأمر الواقع ما يتطلب من
رئاسة القمة العربية سرعة التحرك وعبر كافة الوسائل للجم المخططات الإسرائيلية
لحماية القدس والمسجد الأقصى من خطر التهويد والتقسيم الزماني والمكاني ، وضرورة
سرعة التحرك من قبل الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن ومؤسسات الأمم المتحدة لوضع حد
لحالة التنمر الإسرائيلي وضرورة إلزامها للانصياع لقرارات الشرعية الدولية ووقف
سياسة الكيل بمكيالين خشية تدهور الأوضاع وانزلاق المنطقة لحرب دينية مفتوحة.
(عن صحيفة الدستور الأردنية)