بجهاز
بدائي اخترعه بنفسه، كان الشاب البريطاني آرتي
مور أول من التقط إشارة استغاثة السفينة
تيتانيك الشهيرة.
عندما
اصطدمت تيتانيك بجبل جليدي أثناء عبورها المحيط الأطلسي في عام 1912، أرسل عمال التلغراف
بالسفينة، في إجراء يائس، نداءات استغاثة على أمل أن يسمعها شخص ما في مكان ما.
وقد
كان من بين أوائل الذين تلقوا الإشارات اللاسلكية جهاز بدائي محلي الصنع، موجود على
بعد أكثر من 2000 ميل (3200 كيلومتر) في جنوب ويلز في المملكة المتحدة، وفق تقرير
لـ"بي بي سي".
وعلى
الفور هرع مور إلى مركز الشرطة المحلي لإطلاعهم على الأمر، لكنه قوبل باستخفاف وريبة،
لأنه ببساطة كان ينظر إليه على أنه فتى غريب الأطوار.
قبل
ذلك بعام تمكن آرتي من اعتراض إشارات إعلان الحكومة الإيطالية الحرب على ليبيا وهو
إنجاز احتل صدارة الصفحة الأولى من الصحيفة الشعبية البريطانية "ديلي سكتش".
علاقة مور، المتحمس لتقنية إشارات اللاسلكي، بالسفينة تيتانيك لم تقف هنا، بل لقد عمل، بشكل مستقل، على شكل مبكر من تكنولوجيا
السونار (القائمة على استخدام الموجات الصوتية للرؤية خلال المياه) التي ساعدت في اكتشاف
مكان حطام تيتانيك بعد عقود.
ولد
آرتي عام 1887، وقد تولى مع شقيقه إدارة مطحنة والدهما.
آرتي لم يكن مغرما
بالإشارات اللاسلكية فقط، بل كان مغرما أيضا بالسيارات والآلات الميكانيكية.
حبه
للهندسة جاء بعد مأساة تعرض لها عندما كان صغيرا، إذ فقد ساقه في حادث وقع له في الطاحونة.
وقد
ألهمه ذاك الحادث باختراعه الأول، الذي كان عبارة عن ثقل موازن على دراجته الهوائية،
مكنه من قيادتها عن طريق الضغط باستخدام قدمه السليمة.
كما
أهله نموذجه المصغر لقاطرة بخارية صنعها في المخرطة الموجودة في الطاحونة، للفوز بمسابقة
في إحدى المجلات.
اظهار أخبار متعلقة
كانت
جائزته عبارة عن كتاب بعنوان "منظورات حديثة للمغناطيسية والكهرباء"، ويبدو
أنه كان الشرارة التي أضرمت شغفه بالإبراق اللاسلكي.
بيلي
كروفتس، وهو أحد هواة وعشاق الإبراق اللاسلكي وإشارات الراديو، والذي يعيش الآن في لندن
ولكنه ينحدر في الأصل من مدينة لانتريسانت الويلزية، قال إنه في ذلك الوقت كان يُنظر
إلى آرتي على أنه غريب الأطوار.
قال
كروفتس: "لقد علق كل هذه الهوائيات المصنوعة من خيوط رفيعة من الأسلاك النحاسية
من طاحونة غيليغروس Gelligroe، على نهر سيرهاوي Sirhowy القريب، وممرها بين الأشجار في أعلى التل وصولا إلى حظيرة قديمة".
وأوضح
أنه نتيجة لذلك، تمكن آرتي من تلقي رسائل لاسلكية من أماكن أبعد من أي مسافة تمكن أي
شخص قبله من تلقي الرسائل منها، وحتى أبعد مما كان متوقعا في ذلك الوقت.
"اعتقد
الناس أنه فقد عقله، وأن الاعتقاد بأن بإمكانه اعتراض الإشارات من خلال أجزاء من الأسلاك
الصغيرة هو شيء يشبه علم نفس الخوارق".
كان
هذا بالتأكيد رد فعل شرطة كيرفيلي، عندما توجه آرتي إلى قسم الشرطة في الساعات الأولى
من صباح يوم 15 نيسان/ أبريل عام 1912 للإبلاغ عن رسائل الاستغاثة القادمة من سفينة
تيتانيك.
لقد
سخروا منه حينها وقالوا له باستخفاف: "سننظر في الأمر.. فقط ارجع إلى منزلك وفراشك،
ولا تزعج نفسك بمثل هذه الأمور بعد الآن".