قالت "هيومن رايتس ووتش"، إنّ على الحكومات في العالم
حماية احترام الاتفاقيّة الدولية التي تحظر الأسلحة الكيميائية من خلال التنفيذ
الكامل لبنودها وضمان المساءلة عن أي انتهاكات لها.
جاء ذلك في بيان لـ "هيومن رايتس ووتش" اليوم على هامش "
مؤتمر
مراجعة اتفاقية الأسلحة الكيميائية لعام 1993"، الذي يعقد أعماله في لاهاي من
15 إلى 19 أيار (مايو) 2023.
وقالت ماري ويرهام، مديرة المناصرة في قسم الأسلحة في "هيومن رايتس
ووتش": "يتعين على الحكومات استخدام مؤتمر المراجعة لتعزيز الحظر القائم منذ
أمد بعيد على الأسلحة الكيميائية بإدانة استخدامها والمطالبة بالمساءلة على
انتهاكها. ينبغي لهذه الحكومات حماية الاتفاقية من خلال التحدث علنا عن الذين
ينتهكونها".
وأشار البيان إلى وجود 193 دولة طرفا في "اتفاقية الأسلحة
الكيميائية"، ما يجعلها أكثر معاهدات نزع السلاح قبولا على مستوى العالم. مصر
وكوريا الشمالية وجنوب السودان هي الدول الوحيدة التي لا تزال خارج الاتفاقية،
بينما وقّعت إسرائيل عليها دون أن تصادق عليها.
وتحظر هذه الاتفاقيّة التاريخيّة استخدام الخصائص السامة للمواد
الكيميائيّة الشائعة مثل الكلور للقتل أو الإصابة. من بين التزامات أخرى، تتعهّد
كلّ دولة طرف بأن لا تقوم تحت أيّ ظرف "بمساعدة أو تشجيع أو حث أيّ كان بأي
طريقة على القيام بأنشطة محظورة بموجب هذه الاتفاقيّة".
وذكر البيان أن "هيومن رايتس ووتش" أجرت أبحاثا مكثفة عن
استخدام الأسلحة الكيميائية في مناطق كرديّة في العراق أواخر ثمانينيات القرن
الماضي من قبل حكومة صدّام حسين، قبل أن تدخل الاتفاقية حيّز النفاذ على المستوى
الدولي في 1997.
وأظهرت أبحاث حديثة أنّ الحكومة السورية تورّطت في عشرات الهجمات
بالأسلحة الكيميائية في العشرية الثانية بعد الألفين. وحققت "هيومن رايتس
ووتش" والأمم المتحدة وآخرون في استخدام أسلحة كيميائية من قبل تنظيم
"الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ "داعش") المسلّح في
سوريا والعراق في العقد الماضي.
وأشار البيان إلى أن سوريا عندما صادقت على الاتفاقيّة في
أكتوبر/ تشرين الأول 2013، فإنها التزمت باحترام الحظر الصارم على تطوير الأسلحة
الكيميائية أو إنتاجها أو حيازتها أو تخزينها أو نقلها أو استخدامها. غير أنّ
الحكومة السورية امتثلت جزئيا فقط لشرط إعلان وتدمير أي مخزون متبق من الأسلحة
الكيميائية والمنشآت التي أنتجتها.
وتابع البيان: "إضافة إلى ذلك، استمرّت الحكومة السوريّة في
استخدام الأسلحة الكيميائيّة بعد الانضمام إلى الاتفاقية. خلُصت التحقيقات
المتكرّرة التي أجرتها الأمم المتحدة و"منظمة حظر الأسلحة الكيميائية"
المنبثقة عن الاتفاقية إلى أنّ القوات الحكوميّة السورية استخدمت غاز الأعصاب
السارين وكذلك الكلور المنبعث من القنابل بدائية الصنغ التي ألقيت من الجو بين
2015 و2018 في هجمات أفادت تقارير بأنها قتلت وأصابت آلاف الأشخاص".
وذكر أنه في 2018، أدانت الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة
الكيميائية "بأشدّ لهجة ممكنة استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي كان،
وأيا كانت الظروف ".
ووثقت "هيومن رايتس ووتش" في كثير من الأحيان الاستخدام
المسيء وأحيانا القاتل للغاز المسيل للدموع وغيره من المواد الكيميائية المسببة
للالتهاب [المهيجات الكيميائية] من قبل مسؤولي إنفاذ القانون وقوات الأمن الأخرى،
لا سيما أثناء الاحتجاجات.
وقال البيان: "يُمكن لمسؤولي إنفاذ القانون استخدام وسائل
مكافحة الشغب هذه بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يسمح
باستخدامها فقط عند الضرورة ولمنع أضرار جسديّة أخرى. ينبغي أن يكون استخدام الغاز
المسيل مسبوقا، إن أمكن، بتحذيرات وألا يُستخدم بأي حال من الأحوال في تفريق
الاحتجاجات غير العنيفة".
وتابع: "بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية، لا يجوز استخدام
وسائل مكافحة الشغب هذه، في النزاعات الدوليّة وغير الدوليّة، كوسيلة من وسائل
الحرب".
وأكدت "هيومن رايتس ووتش" أنّ على الحكومات توخي اليقظة
لمنع استخدام الغاز المسيل للدموع في ساحات الحرب، وقمعه.
يذكر أن طلبات "هيومن رايتس ووتش" للمشاركة في اجتماعات اتفاقية
الأسلحة الكيميائيّة رُفضت في الماضي بسبب اعتراض عدد قليل من الدول الأعضاء، لكن
في نيسان (أبريل) الماضي قُبِل اعتماد "هيومن رايتس ووتش" لحضور مؤتمر المراجعة
الخامس.
ووفقا لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، قُبِلت جميع مطالب الاعتماد
الواردة من منظمات غير حكوميّة تقريبا. ورُفِض عدد قليل فقط، ومنها طلبات
"الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، و"الدفاع المدني السوري"،
و"منظمة تحالف الشرق الأوسط" (ميتو).
وتعليقا على ذلك قالت ويرهام: "ينبغي ألا يكون في وسع بعض
الحكومات كتم أصوات خبراء المجتمع المدني بحرمانهم من حضور الاجتماعات الهامة
لاتفاقية الأسلحة الكيميائيّة. الاتفاقية بحاجة ماسّة إلى إصلاح ممارساتها
المتعلقة بقبول أو رفض حضور المنظمات غير الحكوميّة، وجعل قراراتها واضحة وعلنيّة"،
وفق تعبيرها.
يذكر أن اتفاقية الأسلحة الكيميائية التي تم التوقيع عليها في باريس
مطلع العام 1993 دخلت حيز التنفيذ يوم 29 نيسان/ أبريل 1997، وقد تم اعتبار ذلك
اليوم يوماً تاريخياً باعتبارها أول اتفاق متعدد الأطراف لنزع السلاح في العالم
ينص على القضاء على فئة كاملة من أسلحة الدمار الشامل ضمن إطار زمني محدد.
وتسعى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى الوفاء بما تنص عليه مواد
الاتفاقية لإنهاء تطوير الأسلحة الكيميائية وإنتاجها وتخزينها ونقلها واستخدامها؛
لمنع عودة ظهورها؛ وضمان إزالة المخزونات الحالية من هذه الأسلحة؛ ما يجعل العالم
آمناً من تهديد الحرب الكيميائية.