تشريع الأخطر فيه حسب الكثيرين هو كشفه لصراع جورجيا المتصدعة بين أنصار الغرب وبين المؤيد للمعسكر الروسي..
أثار قانون "العميل الأجنبي" الذي أقره الحزب الحاكم؛ غضب الجورجيين واعتبروه "تشريعا روسيا" لقمع الخصوم، فلماذا أشعل القانون نار المُظاهرات الشعبية في الدولة القوقازية؟
يقول نصه: "إن المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام التي تتلقى أكثر من 20% من تمويلها من الخارج مُلزمة بتسجيل نفسها على أنها ضمن "الوكلاء الأجانب"، وإلا فستواجه غرامة قدرها 9500 دولار أمريكي.
قانون "العميل الأجنبي"
تشريع قانوني يقول أنصاره إنه بهدف تعزيز الشفافية حول التمويل الأجنبي مُبررين ذلك بأنه مستوحى من قانون أمريكي قديم.
رواية الحكومة حول هذا القانون لم تقنع المُعارضة التي وصفته بأنه "قمعُ للصحافة وللمنظمات غير الحكومية"، والأخطر من ذلك هو نسفه لحُلم انضمامهم للاتحاد الأوروبي الذي ترفضه روسيا وتدعم مُعارضيه... ضغط الشارع ومحاولات اقتحام البرلمان دفعت الحكومة إلى سحبه دون شروط.
تشريع الأخطر فيه بحسب الكثيرين هو كشفه لصراع جورجيا المتصدعة بين أنصار الغرب وبين المؤيدين للمعسكر الروسي، كيف ذلك؟ وما علاقة أوكرانيا بالأزمة؟
جمهورية سوفييتية سابقة
تاريخ 9 من نيسان/ أبريل من عام 1991 صوت الجورجيون لصالح انفصال بلادهم عن الاتحاد السوفييتي لينال هذا البلد الواقع في منطقة جنوب القوقاز استقلاله عن الدب الروسي في العام ذاته.
زفياد جامساخورديا أول رئيس لجورجيا المستقلة كان أول الداعمين للقومية الجورجية، تعهد بتأكيد سلطة بلاده على مناطق أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية التي كانت تُصنف على أنها أقاليم تتمتع بالحكم الذاتي داخل إطار الاتحاد السوفييتي الأمر الذي جعل جورجيا تُعاني من اضطرابات داخلية أعلن على أثرها إقليم أبخازيا استقلاله يوم 23 تموز/ يوليو 1992.
مُنذ عام 2000 و إلى عام 2020 لم تخف جورجيا عن العالم حلمها في الانضمام للاتحاد الأوروبي، وأيضا دخولها حلف شمال الأطلسي "الناتو" عبر سياسة التقارب والدعم.
طموح الدولة القوقازية وجنوحها نحو الغرب أثار غضب الروس الذين سارعوا إلى الحرب مُجددا، فيما يُعرف بـ "حرب الخمسة أيام" عام 2008 أعلنت على أثرها روسيا استقلال "أوسيتيا الجنوبية"، بل إنه وصل إلى حد تهديدها بالسيطرة على العاصمة "تبليسي".
الرئيس الروسي فلادمير بوتين يُعيد التاريخ نفسه في شرق أوكرانيا عام 2014 بعد اعترافه باستقلال منطقتي دونيتسك ولوهانسك كدولتين مستقلتين عن أوكرانيا مثل ما حدث في منطقتي "أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية" الجورجيتين، وربما هذا ما يفسر تعاطف الجورجيين مع الأوكرانيين في حرب الروس ضدهم في شباط/ فبراير 2022 وتطوُّع المئات منهم للقتال إلى جانب القوات الأوكرانية، رغم التزام سلطة بلادهم سياسة الحياد خوفا من حرب جديدة في جورجيا شبيهة بتلك التي تعيشها أوكرانيا.