ملفات وتقارير

"اتفاق نهائي" بين بغداد وأربيل لحل المشكلات.. ما فرص نجاحه؟

أجواء إيجابية طبعت اللقاء بحسب بغداد وأربيل- واع
أجواء إيجابية طبعت اللقاء بحسب بغداد وأربيل- واع
أثار إعلان رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني التوصل إلى اتفاق نهائي مع إقليم كردستان بخصوص تصدير نفطه وحصته من الموازنة المالية، تساؤلات كثيرة عن فرص نجاحه، وما هي الضمانات التي بني عليها الاتفاق الحالي للحيلولة دون الإخلال فيه.

وصرّح السوداني، الاثنين، بأنه جرى التوصل لأول مرة إلى تفاهمات حيال حصة إقليم كردستان من موازنة العراق المالية، والتي بلغت 197 تريليون دينار عراقي (152 مليار دولار)، إذ خصص لهم 12 بالمئة، على أن يودع الإقليم عائدات النفط في حساب بنكي خاضع لبغداد.

وفي اليوم التالي، أجرى السوداني زيارة إلى كردستان العراق التقى خلالها بكبار المسؤولين وقادة أبرز الأحزاب السياسية الكردية من أجل تثبيت ما جرى الاتفاق عليه بخصوص الموازنة المالية وصادرات نفط الإقليم.

توجهات جدية

تعليقا على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي من إقليم كردستان، كفاح محمود، إن "مشكلات عدة واجهتنا منذ عام 2003، ولا سيما موضوع المناطق المتنازع عليها وإنتاج النفط، والثروات، والحدود وغيرها، وبسبب عدم فهم النظام الفيدرالي المُقر بالدستور تراكمت الأزمات، وكبرت مثل كرة الثلج".

وأوضح محمود لـ"عربي21" أنه "لم يكن هناك في السابق أي توجه جدي لمعالجة المشكلات بعقلية غير سياسية، وأقصد الذهاب إلى التفكير بعقلية فنية، لأن النظام الفيدرالي لا يحتاج إلى إرادة سياسية بقدر الإرادة الفنية الإدارية التطبيقية على الأرض، وهذا ما كنا نفتقده".

ورأى الكاتب الكردي أن "ما حصل مؤخرا هو توجه جدي لدى الإدارة السياسية بإقليم كردستان، والإدارة في بغداد متمثلة برئيس الحكومة محمد شياع السوداني، الذي أدرك أنه لا يمكن حل المشكلة دون وضع حلول للمشكلات المستعصية، ففي مسألة الطاقة -على سبيل المثال- لا بد من تشريع قانون للنفط والغاز".

وأضاف: "يجب الاعتماد على معلومات فنية دقيقة لتعداد عام للسكان، التي امتنعت تلك النخبة السياسية عن إجرائه منذ 2005 وحتى اليوم لأسباب سياسية معروفة تتعلق بالتغييرات الديموغرافية في البلاد على أساس ربما طائفي أو عرقي".

ولفت إلى أن "إنجاز التعداد العام للسكان سيُظهر لنا حجم كل مكون في العراق، وعلى أساسه يجري توزيع الثروات وتقدير الموازنات المالية، وحصة كل محافظة ومن ثم الإقليم من ذلك كله".

من جهته، قال الخبير الاقتصادي العراقي، نبيل العلي، إن "الاتفاقات التي حصلت أثناء زيارة السوداني إلى أربيل هي إعادة لتقييم ما جرى خلال فترة تولي حكومة الأخير، فهي كانت مبنية على اتفاق سياسي بين الأطراف المتحالفة ضمن ائتلاف إدارة الدولة، الذي يضم الشيعة والسنة والأكراد".

وأضاف العلي لـ"عربي21" أن "السوداني يعتقد أنه خلال هذه المدة من حكمه نفذ الكثير من التعهدات الخاصة بتطبيق الاتفاق السياسي، ومنها أنه شكّل في وقت سابق لجنة خاصة بإعداد وكتابة قانون النفط والغاز، والتي شكلت حكومة الإقليم مقابلها لجنة للغرض نفسه".

وأعرب الخبير عن اعتقاده بأن "اللجان هذه وصلت إلى مراحل متقدمة في قضية إعداد مشروع قانون للنفط والغاز يتلاءم مع سقف الدستور، وأن المخرجات التي تحدث عنها السوداني حول الحساب البنكي لإيرادات الإقليم، هي جزء من هذه التعهدات، والتي وضع لها سقفا زمنيا مدته ستة أشهر لإنجاز مثل هذا القضايا".

وأكد العلي أن "كل ما جرى الآن يُعد الأثر الإيجابي لحصيلة الخطوات التي بدأت منذ 5 أشهر، وأن جميعها من المقرر أن تمهد في نهاية المطاف إلى تشريع قانون النفط والغاز المعطل من سنوات".

تعهدات سياسية

وبخصوص الضامن في تنفيذ الاتفاقات الجديدة، قال الكاتب الكردي كفاح محمود إن "الحل الأخير كان تحديا لقرارات ارتجالية سريعة من المحكمة الاتحادية التي كانت جزءا من الإشكال وليس الحل، وذلك بإصدارها مجموعة من القرارات عقّدت كثيرا من المشهد السياسي".

وأضاف محمود أن "السوداني ومسرور البارزاني (رئيس حكومة الإقليم) توصلا إلى حل ناجع ومتوازن بوضع إيرادات الطاقة والحدود في مصرف بكردستان، وأنه خوّل رئيس وزراء الإقليم بالتصرف بها، لكنها تخضع لتدقيق بغداد وإشرافها، وأعتقد أن هذا الحل الأكثر نجاحا".

وأعرب عن اعتقاده بأن "يواجه الاتفاق الحالي تحديات داخل قبة البرلمان العراقي، لأن الموازنة المالية ستعرض عليه هذا الأسبوع، لكن قوى الإطار التنسيقي (الشيعي) أعطت تعهدات للحزبين الديمقراطي والوطني الكردستانيين بتمريرها، والذهاب بشكل إيجابي لتشريع قانون النفط والغاز".

ورأى الكاتب الكردي أن "الضامن في الموضوع هو التعهدات السياسية، لأن هناك تحديا أيضا للإطار التنسيقي، فإذا انسحبت القوى الكردية فإنه لن يطبق البرنامج الحكومي الذي اتفقوا عليه في ائتلاف إدارة الدولة".

ولفت إلى أن "عدم تطبيق البرنامج الحكومي سيؤدي بالتأكيد إلى إشكالية سياسية، خصوصا أن التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر لا يزال عند مواقفه بأنه يراقب عمل حكومة السوداني، فطالما أنه يراقبها فإنه مستعد لإجراء عمل معارض وربما بشكل حاد".

وفي السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادي نبيل العلي إن "الإقليم وجد نفسه اليوم أنه لا مناص من الاتفاق، لأنه حصلت قبل تشكيل الحكومة ضغوطات قانونية على الشركات النفطية التي تعمل بكردستان بسبب قرار من المحكمة الاتحادية بعدم شرعية عملها".

وتابع: "لذلك جرى الاتفاق في ائتلاف إدارة الدولة قبل تشكيل الحكومة على تشريع قانون النفط والغاز خلال مدة ستة أشهر تحت مظلة الدستور، لذلك حاول السوداني من خلال زيارته إلى أربيل إجراء نوع من أنواع التقييم لأداء حكومته، وخصوصا أن هناك ردودا إيجابية من قادة الإقليم، وهذا يعني أن الأمور ماضية باتجاه إقرار قانون يتلاءم مع تطلعات الجميع".

اظهار أخبار متعلقة


وكان رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور البارزاني، قد أعلن خلال اجتماع مع السوداني، الثلاثاء، أن "هناك أجواء إيجابية وجهودا حثيثة لحل القضايا الخلافية مع الحكومة الاتحادية"، مؤكدا أنه "بالإمكان حل المشاكل كافة إذا ما توفرت النوايا والإرادة بهذا الشأن".

وشكر البارزاني، السوداني على "مساعيه لحل المشاكل العالقة"، مشيدا بـ"موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية، والذي جرى إعداده بالتنسيق والتعاون بين الإقليم والحكومة الاتحادية"، كما أنه أثنى على السوداني وتشكيلته الوزارية، "بعد استكمال الإجراءات المتعلقة بتحويل مدينة حلبجة إلى محافظة".

بدوره، عبّر السوداني في تصريح للصحفيين بعد الاجتماع، عن شكره لرئيس حكومة الإقليم على "روحية العمل المشترك، والتعاون والرغبة الصادقة لحل كل الإشكالات بين بغداد وأربيل"، مؤكدا أنه "خلال أربعة أشهر من عمر الحكومة، قطعنا شوطاً مهماً في تنفيذ جزء من الاتفاق السياسي".
التعليقات (0)