آراء ثقافية

المسرح المصري.. رحلة إنعاش أم اختفاء؟

كان لثورة يوليو عام 1952 أثر كبير على النشاط المسرحي المصري- الأناضول
كان لثورة يوليو عام 1952 أثر كبير على النشاط المسرحي المصري- الأناضول
قدمت مسارح مصر على خشبتها الكثير من التحف الفنيّة التي ما زالت عالقة في أذهاننا حتى اليوم، شاركتها بلاد الشام، والمغرب، والعديد من الدول العربية في هذا التوجه الفني بدايةً، وكان لهم دور مهم في تقدم الفن المسرحي العربي، ولكن لم يستمروا فيه بشكل ملحوظ وجلي كما فعلت مصر، وقد يكون السبب وراء ذلك هو الاستقرار السياسي والنهضة الثقافية التي تمتعت بها مصر في ذلك الزمان.

ورغم ما واجهته المسارح من تحديات، إلا أنه لم يُمسح عن الوجود نهائيًا، وما زال هناك بعض الأشخاص الذين يرتادون المسارح لمشاهدة المسرحيات المُقدمة، ومتعتهم تظهر على أعينهم المليئة بالدهشة.

حملت خشبة المسرح المصري أقدامًا تعمل بجد، ورسمت قصصًا متسلسلة وأحداثًا واقعية تعد جزءًا لا يتجزأ من حياة العامة، جسّدت الواقع تارة، وغرقت في بحر الخيال تارة أخرى، وصوّرت مشاهد سالت لأجلها الدموع من الضحك مرة ومن الحزن مرة أخرى، وقدمت حوارات مؤثرة جرت كأمثال على ألسنة العامة حتى يومنا هذا.

لكن ومع مرور الوقت، أصبحت أصوات الممثلين المسرحيين خافتة، وأضواء المسارح شاحبة، ولا نكاد نسمع الآن من تصفيق الجمهور إلا صدى التفاعل والحماس القديم.

وغياب الأعلام التي شاركت في إعلاء شأن المسرح، وما زالت حتى الآن تعتبر قدوة في هذا المجال، قد يؤثر على قوة المسرح وجمهوره، وحتى على الحركة الفنية المسرحية في مصر.

وفي هذا السياق، قال الناقد المسرحي المصري طارق الشناوي، في حديثه لـ"عربي21"، "المؤكد أن المسرح المصري اليوم يمر بأزمة على مستوى القطاع الخاص، وأقصد بالقطاع الخاص سمير غانم، وعادل إمام، ومحمد نجم، وغيرهم مِمن كان يحصّل إيرادات ضخمة من المسرح، وبما أن سمير غانم ومحمد نجم توفيا، وعادل إمام توقف عن التمثيل المسرحي، فقد بدأ الجانب الشعبي والجماهيري يتضاءل".

نهضة مسرحية
بالعودة إلى التاريخ، كان لثورة يوليو عام 1952 أثر كبير على النشاط المسرحي المصري، وشهد المسرح نهضة واضحة تمثلت في المسرحيات التي ظهرت عقب الثورة، وخاصة في فترة الستينيات، فمسرحيات الستينيات تعد من أفضل ما أنتج المسرح المصري، كما تعد الفترة الذهبيّة لهذا المجال.

أكّد الممثل المسرحي "محمود الحديني" في تصريحاتٍ إعلاميّة له أنه "عندما نتكلم عن مسرح الستينيات، نتكلم عن فترة زاهية في تاريخ المسرح المصري، فترة خرّجت كبار الكُتّاب، وكبار الممثلين، وكبار المخرجين". وأردف: "جميع فناني المسرح العربي تربوا على نتاج مسرح الستينيات".

لكن بعد ثورة 25 يناير 2011، قد لا نجد كل هذا التقدم المسرحي، بل ربما شهدنا بعض التراجع فيه، ولم نعد نشهد بريقًا للمسارح المصريّة كما كنا نجدها في الماضي، كما قل الجمهور المتلهف للمسرحيات.

علّق الشناوي على ذلك بالقول إن "هناك محاولات على مستوى مصر اليوم، واطّلعتُ على بعضها مثل مسرحية الحفيد، لكن لا أستطيع القول بأن هناك نهضة مسرحية، وعروضا متدفقة كالسابق، وأتمنى أن يكون المناخ صحيا أكثر، ويعود الألق المسرحي الذي اعتدنا عليه".

مسرح مصر
ولعل المثال المسرحي المصري المشهور في عصرنا الحالي، هو "مسرح مصر" الذي يراه البعض تشويهًا لصورة المسرح المصريّ العريق، والذي قد يراه البعض الآخر تجديدًا ومواكبة لأغراض العصر، والذوق الفني الحديث.

وبين المخرج والممثل المصري "محمد صبحي" رأيه في ذلك، من خلال مقابلة تلفزيونية: "لقد فرحنا بهذه التجربة جدًا بالبداية، لأنها كانت نقطة نور في عهد ظلام، وزمن ظلام بعد الثورة، ولكن بعد الموسم الأول أصبح الأمر انفلاتًا".

وأردف صبحي: "إن رأيي في هذا المسرح رأي أكاديمي، فلا أستطيع أن أقول عنه مسرحًا، بل هو اسكتشات مسرحية".

رد الممثل المصري أشرف عبد الباقي -أحد ممثلي مسرح مصر- على هذا النقد من خلال مقابلة تلفزيونية، قائلاً: "إن مسرح مصر مشروع مهم في مسيرتي، كما عُمِلَ في توقيت مهم، فالمسرح في ذلك الوقت كان متوقفًا تماماً في مصر، فكان من المهم أن يعود المسرح، حتى لو بشكل مختلف عن المعتاد".

أما الناقد طارق الشناوي في حواره لـ "عربي21"، قال: "لا أحبذ مصطلح التشويه، فلا يشوّه مسرح مصر صورة المسرح المصري، لكن لديه منهج أقرب للاسكتش من العرض المسرحي، ومسرح مصر قدم شيئًا قد لا يعجب من هو متحمس لصورة المسرح المصري الرصين والتقليدي، لكن هذا لا يُعد تشويهًا لصورة المسرح"، مضيفا: "أن تقدم شيئًا أفضل من الصمت ".

هل سيختفي المسرح المصري؟ 
إن تراجع الفن المسرحي المصري قد يقلق البعض من أن تختفي المسرحيات المصرية، أو أن ينضب نور المسارح حتى ينطفئ تمامًا، وانتهاء التراث المسرحي عند هذا الحد.

ردّ الشناوي على هذه التخوّفات، بقوله: "أنا أراهن على القادم دائمًا، وأتصور أن القادم سيكون أفضل، ولدي قناعة بأنه علينا أن ننتظر".

وأضاف: "رأيتُ عرضًا اسمه (تشارلي) من إنتاج هيئة الترفيه، لكنه عرض مصري ناجح، وعرض (ميمو) الذي كان من بطولة أحمد حلمي، وهو من إنتاج هيئة الترفيه كذلك، وسيعرض في القاهرة بعرض جماهيري، وكل هذا يصب في المسرح أخيرًا".

وفيما يتعلق باحتمالية انتهاء الفن المسرحي المصري أو انقراضه بعد سنوات، علّق الشناوي: "إن المسرح المصري لن ينتهي، وهذه ليست نهاية المطاف، وقد يكون هناك أمور أخرى".

وما زلنا حقًا نتطلع لإنتاج مسرحي حديث، يعيد بريق المسرح المصري القديم.
التعليقات (1)
نسيت إسمي
الجمعة، 17-03-2023 10:52 م
'' مهما أجتهدنا في النسيان صدفة واحدة تعيد لنا عمراً من الذكريات '' 1 ـ (المسرحية العالمية "النمر الذي جاء لشرب الشاي"تضفي أجواء المرح بين الصغار) لتنقل إلى المشاهدين، الصغار والكبار، أجواء ساحرة من وحي العمل المستوحى من القصة الشهيرة للمؤلفة الألمانية المولد البريطانية الجنسية جوديث كير وتضمنت المسرحية مزيجاً متنوعاً من مشاعر السعادة والدهشة، عندما استقبلت الطفلة صوفي النمر الذي قرع الباب، واستأذن منها لدخول منزلها، وأخبرها بأنه يشعر بالجوع الشديد وبحاجة إلى الأكل، وقدمت له الشاي والكعك ولكنه لم يشبع حتى التهم كل ما في البيت من طعام، لدرجة أن الأم لم تجد ما تطهوه لزوجها الذي عاد من العمل، وأخبرتاه بما حصل معهما، ومن ثم قام والد صوفي باصطحابها مع والدتها لتناول الغداء خارج المنزل، ومن ثم اشتروا أغراضاً جديدة، كان من بينها طعام خاص بالنمر. 2 ـ (الإيقاع النفسي إشعاع خارق) العيش تحت الضغط يُكلف الإنسان طباعاً لا تُشبهه، قد يبدو عدوانياً و هو في الحقيقة مسالم، قد يبدو شريراً هو في الحقيقة أحد الطيبين، كم من شخص فقد إعتباره و شكله الجميل في قلوب الناس لأنهم صادفوه في حالةٍ من الضعف، يقاتل آلامه بانفعالات الأطفال .. ويحكم تصرف الإنسان رد الفعل وليس الفعل.. وقد يكون التمثيل، والمسرح، وتقمص الشخصيات يمثل نوعاً من التطهير.. لذلك كانت السهرة الموعودة مناسبة لتفجير المكامن، ولحظة انتقام من عسر العربية، ويسر التشخيص الذي يصعد المكبوتات، ويطهر الذاكرة، والفؤاد.. في الأحاديث النابعة من القلب بين الأصدقاء، وخاصة حين تستمر لساعات قد يحدث أن تأخذ كلمة معنى غير معناها المقصود بها من منبع السرد . 3 ـ (الفنان محمد صبحي) محمد صبحي وقُبلة الحياة للفن المصري حين تقرأ إسمه أو تسمعه لابد أن تتذكر أعمالاً بعينها فماذا تذكرت الأن ؟ هل ونيس .. سنبل .. تخاريف .. ماما أمريكا أم فارس بلا جواد ؟ لعلك تذكرت هنا القاهرة ؟ أعمالاُ كثيرة لا تتسع السطور لكتابتها ولكنها محفورة في العقول وحاضرة في الوجدان وصانعة للفارق تجده دائماً يسبح ضد التيار لكننا اليوم نعلم أنه لا يسبح ضد تيار واحد فحسب بل يسبح ضد تيارات عديدة لا نعرف عددهم من كثرتهم لكنه ظل يسبح ولم يستسلم .. ولن يستسلم . في مدينة سنبل تحديداً بعد بوابات مصر اسكندرية بخمسة عشر دقيقة يعزف ألحانه المنفردة والمتفردة بدايةً من غزل البنات التي عزف فيها لحن إنساني عاطفي كاد يُمحي من أذهاننا بفعل فاعل لكنه أعاده لنا مرة آخري ولم يتوقف بل آتي إلينا بخيبتنا .. عفواً لا نقصد الخيبة التي راودت ذهنك الأن بل نقصد مسرحية خيبتنا التي عكست لنا أوضاعاً حدثت بالفعل وما يريده الغرب من استنساخ البشرية وإدخال جينات دخيلة علينا ودثر جيناتنا العربية الأصيلة .. هل اكتفي بذلك ؟ لا بل جاء إلينا ليضرب موعداً مع أهم القضايا الجدلية ألا وهي قضية المرأة لم يظلم الرجل لينصف المرأة لم يُقلل من أهميته من أجل وضوح أهمية المرأة بل أنصف المرأة دون التقليل من شأن الرجل ووضع مقامها عالياً وسرد تاريخها بسلاسة جعلت الرجل قبل المرأة يصفق لهذا العمل القيّم . أتظنون هزمه اليأس ؟ لا .. لا يعرف اليأس طريقه ونجومه لا تظهر فقط ليلاً فنجوم الظهر لمعت علي مسرحه وأصبحت رابع أعماله علي مسرح سنبل جاء ليختبئ خلف مواهب شابه رائعة ليقدمهم في الصفوف الأولي فهو لا يحتاج لتقديم فيكفي اسمه علي أفيش لعرض لتحظي الرواية علي اقبال جماهيري ليبرهن أن المواهب في مصر موجودة والأعمال التي تستحق المشاهدة حاضرة وبشهادة الجمهور . اعتقدوا أنه رفع الراية البيضاء ؟ كلا عاد إلينا من جديد ليعطي للفن المصري قبلة الحياة تعيده من جديد بعمل ملحمي مسرحي عيلة إتعمل لها بلوك بهذا العمل بالفعل تم عمل " بلوك " لكل الأعمال التي تهين وتقلل من شأن الفن المصري ستجعلك المسرحية تفتخر بمصريتك وفي نفس الوقت تخجل لما وصلنا إليه عيلة إتعمل لها بلوك علامة فارقة في تاريخ محمد صبحي وفي تاريخ أبو الفنون .. وحين نتحدث عن أبو الفنون لابد أن نذكر فارس المسرح العربي الذي تحقق له ما أراد أن يكون مختلفاً .. كلنا بنحب طفولتنا عشان مفهاش تحمل مسئولية الإختيار وبقينا تعساء لما كبرنا لأن نتيجة اختيارتنا احنا اللي بنتحملها .. والشماعة اللي كنا بنعلق عليها خيبتنا " اتكسرت " .. قال أحد الحكماء .. الكذب النفاق المكر الإحتيال جبال ثلج إذا سطعت عليها شمس الحقيقة ذابت وذاب معها أصحابها الذين حاولوا أن يصلوا إلي السحاب .. العالم مش محتاج ذكاء زيادة العالم محتاج محبة زيادة ! . 4 ـ (صاحب إفيه “يا حلآآوة” مسرحية "عش المجانين) كانت مسرحية "عش المجانين" بمثابة الإنطلاقة الحقيقة للفنان مظهر أبو النجا خصوصاً بعد كلمته الشهيرة "ياحلاوة" حيث أن هذه الكلمة والتى استخدمها فى المسرحية كانت سبباً فى شهرته وأصبح الجميع يرددها ومن أشهر الأدوار التى شاركت فى صناعة نجومية الفنان مظهر أبو النجا دوره فى فيلم "إحنا بتوع الأتوبيس" للفنان عادل إمام حيث كان يجسد شخصية أحد المساجين الذين أصابهم الجنون من كثرة الظلم وأبدع مظهر أبو النجا فى تجسيد هذا الدور وكان واحدا من أهم أدوار السينما المصرية و أبدع على خشبة المسرح القطري عندما إستعان الفنان القطري غانم السليطي بالفنان مظهر أبو النجا من أجل المشاركة في بعض الأعمال المسرحية في قطر في عام 1986 ، فسرعان ما دخل إلى قلوب الجمهور القطري ورسم البسمة على شفاهه، وبالتحديد في مسرحية «عنتر وعبلة» إبداعه في المسرحية وخفة ظله جعلت المنتجين يستعينون به في العديد من الأعمال الخليجية سواء داخل قطر أو خارجها. مظهر أبو النجا فنان كبير، عاش حياته متسامحا مع الجميع، ورحل عن عالمنا صباح الاثنين 1 مايو 2017 بأحد المستشفيات الخاصة، عن عمر يناهز 75 عاماـ بعد صراع مع المرض حيث عانى من مرض الفشل الكلوي في الفترة الأخيرة قبل وفاته. وبرغم أنه لم يجمع ثروة من عمله بالفن إلا أنه جمع حب الناس و ظل في سنوات عمره الأخيرة قليل جداً في العمل الفني و تفرغ لإدارة المسجد الموجود في الحي الذي يسكن فيه وكان مؤذن المسجد في الخمس صلوات بشكل يومي لمدة تزيد عن عشرة سنوات عمره الأخيرة.