تشهد أمريكا نسبة عالية في الذين يتركون وظائفهم حفاظا على سلامتهم النفسية..
ليس بسبب الراتب.. ملايين المُوظفين يقدمون استقالاتهم سنويا بسبب ما يُعرف بـ"بيئة العمل السامة" الجحيم الذي يفر منه الجميع خوفا عن حياتهم ما القصة؟
بيئة سامة
4.5 مليون أمريكي يتركون وظائفهم طواعية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، مُعظمهم في قطاعي الضيافة والأغذية، وفقا لتقرير وزارة العمل الأمريكية، قالت أيضا إن مجالات الرعاية الصحية والمُساعدات الاجتماعية، فضلا عن قطاعات النقل والتخزين والمرافق التي شهدت هي الأخرى زيادة في نسب المُوظفين، الذين قدموا استقالاتهم نهاية نفس العام، وسط تقارير توقعت 11.075 مليون وظيفة شاغرة.
الولايات المتحدة الأمريكية ليست وحدها التي تشهد هذه الظاهرة الاقتصادية والاجتماعية، فالعالم بأسره يعيش على وقعها، وهنا أكيد جدا ستطرح سؤال "ما السبب؟".
وستُجيب بطبيعة الحال أن الراتب هو الدافع الأول، صحيح أنه لا يختلف عاقلان على أن "الأجور" من بين أسباب المُغادرة، لكن ليست أبرزها، إذ قالت "المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة" في دراسة أجريت عام 2020، إن "مكان العمل السام " يؤدي إلى الإرهاق والاكتئاب والقلق بين العمال، وبالتالي يجد المُوظف نفسه مجبورا، على تقديم استقالاته في أقرب وقت ممكن خوفا على صحته النفسية وعلى حياته، وهنُا يجدر التعريف بمطلح "مكان عمل سام"، والذي وفق مختصين يُعتبر "أي مكان عمل يجعلك تشعر بعدم الارتياح"، أو يجعلك تشعر وكأنك لا تستطيع أن تطلب ما تحتاجه وأنك غير مدعوم، وأنك لا تملك القدرة على تطوير قدراتك ومهاراتك، ولا ننسى مديرك "المُتعسف" الذي يراقبك عن كثب، أو إلزامك بالرد على المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني.
بطريقة أخرى أن تكون مُتاحا طوال الوقت خارج ساعات العمل، ما يشكل لك عملًا إضافيًا غير مدفوع الأجر، ناهيك على مٌمارسات التمييز والمضايقة، ما يعني أنه قد حان الوقت للبحث عن وظيفة جديدة لك، ومغادرة مكان عملك الذي يعتقد مديرك فيه أن راتبك هو سبب الاستقالة بينما لا يعرف أن "بيئة الشغل ورفاهيتها"، تؤثر على جودة العمل ونفسية المُوظفين..، وبالتالي ينبغي الاهتمام بها ضمانا لكفاءة العمل وحفاظا على رأسماله البشري.