تزايدت خلال الأيام الماضية التكهنات حول مستقبل استهداف صندوق الاستثمارات السعودي "الصندوق السيادي"، الاستحواذ على البطولات الكبرى في رياضتي "الغولف" وسباق السيارات "
فورمولا".
وبعد أكثر من عام على بدء
السعودية في استضافة سباقات "الفورمولا"، والتي كان آخرها مطلع الأسبوع الحالي، باستضافة فورمولا "كور الدرعية إي بري 2023" المقام على حلبة الدرعية في العاصمة السعودية الرياض، وبحضور ولي العهد
محمد بن سلمان، بدأت تخرج إلى العلن تخوفات القائمين على هذه الرياضة.
ورصدت "عربي21" إبراز وسائل إعلام غربية، بعض العقبات التي بدأت تظهر إلى العلن في طريق صندوق الاستثمارات السعودي الذي يترأسه ولي العهد محمد بن سلمان، نحو ضخ المليارات في هاتين الرياضتين بهدف أن تصبح المملكة رائدة في "الغولف" و"الفورمولا".
وأطلق الإماراتي محمد بن سليم، رئيس الاتحاد الدولي للسيارات "FIA"، تغريدات حادة في "تويتر"، عبر فيها عن رفضه فكرة ضخ السعودية أموالا طائلة بهدف الاستحواذ على هذه الرياضة.
وقال ابن سليم إن الأنباء المتداولة عن نية السعودية شراء سباقات "فورمولا 1" مقابل 20 مليار دولار، تخالف "الفطرة الرياضية السليمة".
وتابع "يجب على الراغبين في الاستثمار بهذا المجال، النظر في الصالح العام للرياضة، والتقدم بخطة واضحة ومستدامة - وليس فقط الكثير من المال".
مقصد معاكس
كشف موقع "
سبورت 1" المهتم بسباقات الفورمولا، أن صراعا يدور بكواليس هذه الرياضة، بين ابن سليم، وأصحاب حقوق البث والرعاية للبطولة، وهي شركة ليبرتي ميديا.
ولفت الموقع إلى أن هناك اتهامات لابن سليم بأن ما قام به يهدف إلى خلافه، أي أنه يريد إيهام المهتمين بالرياضة أنه يسعى إلى خفض قيمة البطولة لإيجاد تنافس عادل للراغبين بالاستثمار بها، وذلك من باب التوفير على السعودية في حال عزمت بالفعل على ضخ أموال بـ"فورمولا".
وقال الموقع إن شركة "ليبرتي ميديا" قد تلجأ للقضاء الأمريكي لرفع دعوى ضد ابن سليم بتهمة إلحاق الضرر بهم، ومحاولة خفض القيمة السوقية للبطولة التي تصل إلى 16 مليار دولار، لا سيما أنه تجاوزهم من خلال تغريداته ولم يستشرهم بالأمر.
وكشف الموقع، أن "ليبرتي ميديا" بدأت بالفعل بالترتيب لإسقاط محمد بن سليم، وتعويضه بديفيد ريتشاردز، وهو خبير بريطاني أيضا في هذا المجال، ويبلغ من العمر 70 عاما.
اظهار أخبار متعلقة
"LIV GOLF" والغسيل الرياضي
في سياق غير بعيد، يواصل دوري "LIV Golf" الممول سعوديا إثارة الجدل في رياضة الأثرياء، فبعد الكشف عن روزنامته لعام 2023 والتي تشمل 14 حدثًا من المقرر أن تقام في سبع دول، وبجوائز تصل إلى 405 ملايين دولار، كشفت وسائل إعلام أن ملاعب خاصة بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ستستضيف بعض هذه المسابقات، بحسب وكالة "
بلومبيرغ".
وقال غريغ نورمان الرئيس التنفيذي والمفوض في LIV Golf، إن العام الماضي ساعد في إرساء الأساس لمستقبل الغولف في ملاعب غير عادية استضافت بعض أفضل المسابقات في العالم.
وأضاف: "يتميز جدول LIV Golf بأماكن رائعة ومواقع بطولات لإطلاق دورينا الرسمي الذي سينقل الرياضة إلى عصر جديد.".
وقالت وكالة "
رويترز" في تقرير لها، إن انضمام كبار اللاعبين إلى الدوري الممول سعوديا، على غرار كاميرون سميث، وداستن جونسون، وفيل ميكلسون، وبروكس كوبكا، وبريسون ديشامبو، وسيرجيو جارسيا وباتريك، لا ينفي حقيقة أن البطولة هذه باتت متهمة بأنها مشروع غسيل السمعة عبر الرياضة، الذي تعمل عليه السعودية منذ سنوات.
في حين قالت صحيفة "
واشنطن بوست"، إنه بعد شراء نادي نيوكاسل الإنجليزي، قرر صندوق الاستثمارات العامة دعم LIV Golf، في محاولة لبناء بطولة منافسة لـ PGA، بالإضافة إلى محاولات الاستحواذ على سباقات "الفورمولا"، وهذا كله محاولة لتعزيز القوة الناعمة السعودية.
ولفتت إلى أن ما تريده السعودية من ضخ الأموال في مجالات رياضية مختلفة، هو صرف الأنظار عن سجلها السيء في حقوق الإنسان، وهي ربما أخذت هذه الفكرة من جارتها أبو ظبي التي استحوذت على نادي مانشستر سيتي في العام 2008، بملكية الشيخ منصور بن زايد.
معركة قانونية
قالت صحيفة "
واشنطن بوست"، إن دوري PGA، وهو الدوري الأشهر للغولف، قرر الدخول رسميا في معركة قضائية ضد صندوق الاستثمارات السعودي الممول لدوري "LIV Golf".
وبحسب الصحيفة، فإن PGA (جولة الغولف المهنية)، طلبت من قاض اتحادي في كاليفورنيا، إضافة صندوق الاستثمارات السعودي كطرف رئيسي في القضية.
وأضافت أن رئيس الصندوق، ياسر الرميان، بات هدفا للقائمين على PGA لمحاولة إقناع القضاء الأمريكي بمعاقبته نظير اتهامه بالإخلال بعقود بعض اللاعبين، واختراقه مبدأ الاحتكار في اللعبة.
وتابعت أن ملف القضية المرفوع يتهم الرميان شخصيا بإقناع لاعبين بخرق عقودهم، مقابل حصولهم على أموال طائلة، تصل إلى 150 مليون دولار لبعضهم.
إمعان في القمع
بالتزامن مع تزايد الجدل حول مساعي السعودية للسيطرة على "الغولف" و"الفورمولا"، نشرت صحيفة "
التايمز" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن الإمعان في القمع الممارس داخل السعودية، في ظل ما تشهده المملكة من تحولات اجتماعية غير مسبوقة.
وقالت الصحيفة إن ما يظهر للعالم الخارجي من رقص مشترك بين النساء والرجال في مهرجان "ميدت بيست"، والتغيرات المناصرة للمرأة في المحاكم، ومنحهن حرية في القيادة، والسفر، يخفي تحته مآسي من القمع تتزايد يوما بعد الآخر.
وأشارت إلى أنه برغم الشعبية التي يظهر أن ابن سلمان يحظى بها، إلا أن الأمير البالغ من العمر 37 عاما، جعل السعودية أكثر قمعية من الماضي.
وبينت أن تعيينه في أيلول/ سبتمبر الماضي رئيسا لمجلس الوزراء خلفا لوالده الملك سلمان البالغ من العمر 87 عاما، ليس إجراء شكليا، إذ أنه يمنحه قدرات حكم فعلية، وهو ما يعني اضمحلال أي أمل في تحسن حرية التعبير التي لم تعد موجودة في المملكة.
وأعطت الصحيفة مثالا لمستوى تدني الحريات في السعودية، قائلة إن مشاركة أي رأي مخالف للحكومة على "تويتر" يعني السجن فورا، كما أن النساء اللاتي طالبن بقيادة المرأة للسيارة حينما كانت ممنوعة، تم التنكيل بهن، رغم أن ابن سلمان سمح بالقيادة لاحقا.
وأوضحت الصحيفة نقلا عن معارض لم تسمه، قوله إن "الجمهور السعودي اقتنع بمشروع محمد بن سلمان لأنهم خائفون ولا يفكرون بالانتقاد".