مدونات

قطر وعبقرية "اللطشة" الأخيرة

مصطفى أبو السعود
ميسي والبشت العربي- جيتي
ميسي والبشت العربي- جيتي
أن تضع رغباتك أمام الكبار وتجتهد وأنت بكامل كرامتك وعزتك كي تحصل على مبتغاك، فهذا شيء رائع، وأن تنجح في الحصول على مبتغاك، فهذا شيءٌ أروع، والأكثر روعة أن تنفذ أهدافك وفق رؤيتك أنت، رغم طوفان الوعيد والتهديد والهمز واللمز، وتنجح حتى الرمق الأخير من المهمة.

مونديال قطر الشغل الشاغل الذي لن تنتهي نسماته مهما تقادمت السنون، ومهما عصفت رياح الزمن، كان حكاية تحدّ بدأت فصولها حين تقدمت دوحة العرب بطلب لدخول حلبة المنافسة لتنظيمه، وزاد التحدي حينما قال الاتحاد الدولي لكرة القدم "Congratulation": يا قطر، نعم سيكون كأس العالم 2022 بقطر، ومن حينها لم تنم الدوحة.

مونديال قطر هو نسخة لا مثيل لها ولن يكون لها مثيل لاحقا كما توقع خبراء الرياضة، وهنا يمكن القول بأن "أتعبت من بعدك يا قطر". نجحت قطر في كل التفاصيل، جمعت الخصوم على مائدة واحدة، تصافحوا وتسامحوا وتواعدوا على طي صفحات الماضي الأليمة، فتحت بيتها لكل من رغب، وسمحت له أن يتنفس هواءها ويشرب ماءها، ويستنشق عبير تراثها الجميل المعبق بروح العروبة والإسلام.

لم تُقفل قطر بابها أمام أحد، قالت للجميع: "ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ"، فدخلوها وكان منها السلام وفيها السلام، وخرجوا منها بسلام، لم يكرههم أحد على شيء، بل خرجوا منها وهم بكامل رضاهم، وهذا لاحظناه في كتابات كثيرين.

أكدت قطر أن جغرافية الدولة ليست هي التي تحدد تاريخها وحاضرها ومستقبلها، فقطر في عُرف المساحات الجغرافية، تكاد لا تذكر أمام دول أخرى، لكنها رفضت أن تنام في قصر العزلة وصغر المساحة، بل أكدت أن الإرادة أكبر من المساحة، والرغبة تعانق عنان السماء.

سيكتب التاريخ أن مونديال قطر فضح التناقض الغربي في تعامله مع الثقافات الأخرى التي طالما عامل أهلها باحتقار، كما يمكن القول بأن مونديال قطر سيفتح شهية الباحثين لكتابة أطروحاتهم حوله، بدءا من التفكير بالاستضافة حتى "اللطشة" الأخيرة منه.

وبمناسبة "اللطشة" الأخيرة، فأقصد بها هي الحركة الجميلة التي قام بها الأمير تميم بإهداء ميسي البشت العربي، وهذه خطوة رمزية لها دلالة عظيمة جدا عند العارفين بها. وهنا أطرح فكرة وأرجو أن تصل لأمير قطر، بأن تكمل دورها لعل الله يحدث بها تغيرا جذريا مهما، وهي أن تتم ترجمة القرآن إلى اللغتين الإسبانية والبرتغالية، وإهداء نسخ لرموز كرة القدم وأولهم "ميسي" و"رونالدو" الذي سيتعاقد مع الرياضة السعودية، بلغتهم التي يتقنونها، فالرموز الرياضية والفنية والإعلامية في الدول الغربية، لهم حضور وتأثير قد يفوق التأثير السياسي، وربما يكون وقت الإهداء هو تاريخ ميلاد ميسي أو مرور عام على فوزه بكأس، وربما يكون في قطر أو في الأرجنتين. وهذه الخطوة يمكن تعميمها مع كل اللاعبين المؤثرين في الفرق الرياضية الكبيرة.

ومما أقترحه أيضا، تصميم كأس شبيه بكأس العالم ويهديه للمنتخب المغربي، وهذا تأكيد للمنتخب المغربي بأنه وإن لم يحز على كأس العالم بصورته ذات الصبغة العالمية المعروفة، فهذا كأس العرب الذين نجح المنتخب المغربي في إعادة الروح له على الأداء الرائع.

اجمالا، يبقى بأن قطر نجحت فيما فشل فيه كثيرون، وأنها رغم الأشواك التي زُرعت في دربها، أكلمت أشواطها حتى وصلت سفينة المونديال إلى شاطئ الأمان، ولسان حالها يقول: "YES WE CAN".
التعليقات (0)

خبر عاجل