قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ السلطات البريطانية تصنّف القُصّر من المهاجرين وطالبي اللجوء على أنّهم بالغون وتحتجزهم دون أسباب ضرورية.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الخميس، أرسل نسخة منه لـ
"عربي21" أنّ وزارة الداخلية البريطانية تعمد إلى تغيير تواريخ ميلاد الأطفال غير المصحوبين من المهاجرين وطالبي اللجوء لكي تبدو أعمارهم على الورق أكبر من 18 عامًا، بهدف تجريدهم من
الحقوق والضمانات التي ينص عليها القانون للأطفال والقُصّر.
وأكّد أنّ خطورة التصنيف البريطاني التعسفي لا تنحصر في عدم قانونيته فقط، بل تمتد إلى تجريد المهاجرين وطالبي اللجوء الأطفال من حقوقهم المشروعة، وتجعلهم عرضة لخطر سوء المعاملة والعنف وأشكال الاستغلال الأخرى.
وبيّن أنّ السلطات البريطانية تحتجز على نحو غير عادل عددًا من هؤلاء الأطفال بمركز معالجة بيانات المهاجرين سيئ السمعة في قرية "مانستون" بمقاطعة "كنت"، في ظل ظروف غير آمنة لمدة تصل إلى عدة أسابيع.
وأفرغت السلطات المركز أخيرًا من المهاجرين وطالبي اللجوء بعد سلسلة من الجدل حول اكتظاظه، ومزاعم ببيع الحراس المخدرات للمحتجزين، وترك طالبي اللجوء عالقين وسط لندن بعد الإفراج عنهم، إلى جانب تفشي الأمراض المعدية داخل المركز، والبلاغات المتكررة عن حوادث مهاجمة البالغين للقُصّر.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ حادثة وفاة أحد طالبي اللجوء المحتجزين في مركز "مانستون" قبل نحو أسبوع بعد إصابته على ما يبدو بـ"بكتيريا الدفتيريا" شديدة العدوى تبرهن على الظروف الصحية المتردية في المكان، إذ قال فتى سوري محتجز في المركز: "لم أشعر بخوف في حياتي كالخوف الذي شعرت به عندما كنت في مانستون"، وقال فتى آخر من السودان: "إنه أسوأ مكان ذهبت إليه على الإطلاق".
وأوضح الأورومتوسطي أنّ جميع المهاجرين وطالبي اللجوء في المركز -الذي من المفترض أن يكون مقر احتجاز مؤقت لمدة 24 ساعة فقط- نُقلوا إلى سكن بديل، إذ سَكّنت السلطات معظمهم -بما في ذلك القُصّر- في الفنادق، لكن ممارسة الإبلاغ الخاطئ عن تواريخ ميلاد القُصّر غير المصحوبين لا تزال مستمرة على نطاق واسع، وبتورط من مسؤولين حكوميين يتعمدون تجاهل وثائق الهوية التي تثبت الأعمار الفعلية لهؤلاء القُصّر.
وتشير إحصائيات وزارة الداخلية البريطانية إلى أن نحو 1,120 طفلًا احتجزوا في عام 2009، إلّا أنه بعد التغيّر في السياسات الحكومية في ظل حكومة الائتلاف بين المحافظين والديمقراطيين الليبراليين، وافتتاح سكن "سيدارز"، فقد انخفض عدد الأطفال المحتجزين بشكل كبير، ليبلغ نحو 100 طفل في عام 2021.
ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ العدد الفعلي للمحتجزين من القُصّر قد يرتفع على نحو كبير في حال الاستمرار بسياسة الإبلاغ الخاطئ عن أعمار القُصّر غير المصحوبين الذين يكونون عرضة للاحتجاز الإداري برفقة البالغين.
وقالت الباحثة في شؤون الهجرة واللجوء لدى الأورومتوسطي "ميكيلا بولييزي": "لا ينبغي أبدًا أن تتجاوز ضوابط الهجرة المصلحة الفضلى للطفل خصوصًا في ظل الواقع الخطير للأطفال غير المصحوبين الذين يتم الإبلاغ عن فقدان واحد من كل ستة منهم في
بريطانيا".
وأضافت: "القُصّر المصنّفون على نحو غير عادل على أنهم بالغون هم الأكثر عرضة لخطر الاختفاء، خاصة لأنهم غير محميين ويتعرضون لسوء المعاملة، ولا يعلمون حقوقهم بسبب تصرفات السلطات البريطانية".
وأوضحت: "المراهقون معرضون بشكل خاص للاستغلال، إذ تبدو أجسامهم شبيهةً بأجسام البالغين وقد يشغلون العديد من أدوار البالغين، لكن هؤلاء الفتيان الفارين من سوريا أو إيران أو أفغانستان والذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عامًا ليس لديهم النضج العاطفي الكامل والقدرة على اتخاذ
القرارات ولم يحققوا المكانة الاجتماعية للبالغين. هؤلاء بحاجة إلى رعاية ومساعدة، خاصة الأطفال الصغار الذين ما زالوا في مرحلة تطوير هوياتهم وتعلم المهارات الأساسية".
ويصل العديد من الأطفال غير المصحوبين وضحايا الاتجار بالبشر إلى المملكة المتحدة بدون وثائق أو بوثائق مزورة. وبموجب القانون البريطاني، ولا سيما المادة (51) من قانون مكافحة العبودية الحديثة لعام 2015، فإنّه حين يكون عمر الشخص غير مؤكد وهناك سبب يدفع للاعتقاد بأن هذا الشخص طفل، فيُفترض أنه طفل من أجل أن يحصل فورًا على المساعدة والدعم والحماية.
وتنص المادة رقم (3) من اتفاقية حقوق الطفل على أنه "في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال (...) يولى الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى"، وتنص المادة رقم (2) من الاتفاقية على أن "تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز".
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات البريطانية إلى وقف ممارستها غير المشروعة بتغيير تواريخ ميلاد المهاجرين وطالبي اللجوء القُصّر عمدًا، واحترام اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي صدّقت عليها عام 1991.