قضايا وآراء

مقاربة لوضعٍ مُزمنٍ.. مِن أَغرب وأَسوأ ما يكون

علي عقلة عرسان
1300x600
1300x600
تتكرر العمليات العسكرية التركية ضد حزب العمال الكردستاني وفروعه وأذرعه في العراق وسوريا، رداً على هجماته وعملياته الإرهابية في تركيا. وفي خضم عملية المخلب/السيف التركية الجارية ضد هذا الحزب وفروعه في سوريا والعراق، رداً على العملية الإرهابية الأخيرة في شارع الاستقلال بإسطنبول، ومع تزامن ذلك والمواجهات الإيرانية للأحزاب الشيوعية الكردية-الإيرانية: "كومله، وهو فرع كردستاني للحزب الشيوعي تأسس عام ١٩٦٧ للانفصال عن إيران، وحزب مجاهدي خلق وغيرهما من تلك القوى التي تتخذ لها مواقع وقواعد في شمال العراق/ "كردستان العراق".. ومع التصعيد المنتظر وتطور هذا الوضع، والتدخل الصهيوني ـ الغربي ـ الروسي في المنطقة وشكوى دولها من ذلك التدخل. تفرض نفسها قضايا وأوضاع ووقائع، نقارب بعضها انطلاقاً من أسئلة وتساؤلات:
 
1 ـ هل الأكراد يعانون من مظلومية في البلدان التي هم من مواطنيها ويتمتعون فيها بحقوق أم هم ضحية أحزابهم وتنظيماتهم ومتطرفيهم من الشيوعيين والقوميين الانفصاليين، وزعاماتهم الطامحة أو الجانحة وكل تلك التشكيلة التي ربطت حبالها بالشرق والغرب، بالسوفييت والصهيونية و"إسرائيل" والغرب الاستعماري ثم بروسيا الاتحادية المنافسة له؟! 

2 ـ وهل هم جميعاً انفصاليون، وضد اللحمة الوطنية والاجتماعية مع مواطنيهم في أوطانهم، أم أن الأغلبية منهم مغلوبة على أمرها، ومسحوبة من أنوفها إلى غير مواقعها، ومجبرة على خوض غمار ما لا تريد من أزمات وصراعات وحروب؟! 

3 ـ وهل يعيشون في أوضاع خاصة ضاغطة مفروضة عليهم كما يدعي المارقون منهم، أم أنهم مثل مواطني بلدانهم يعيشون الحلوة والمرة، ويمرون بأزمات وضائقات وانفراجات اقتصادية وسياسية، ولهم ومنهم مثل مواطنيهم زعماء وقادة وساسة ومناضلون وطنيون ورؤساء وزارات ووزراء في البلدان التي هم من مواطنيها؟! 

من متابعة الحوادث واستقراء ما أمكن استقراؤه منها يبدو أن الأيديولوجيين العصبويين المتعصبين، والزعماء الجامحين انفصالياً والجانحين سياسياً من الأكراد هم الذين يزجون بمعظم الأكراد في صراعات مكشوفة ضد بلدانهم ومواطنيهم باسم " قضية كردية؟!" تجيَّرُ لصالح أعداء تلك البلدان بتبعية أولئك وموالاتهم وارتباطم ارتباطاً مصيرياً بأولئك الأعداء، وأنهم هم الذين يريدون للشعب الكردي أن يغرق في العنف والإرهاب ونتائجهما ويكون ضد نفسه وضد الأوطان والدول التي هو جزء منهاو؟! وأنهم يدَّعون مظلومية باسم الأكراد ويقدمونهم ضحايا، ويفتعلون أزمات، ويثيرون صراعات، ويمارسون إرهاباً لمصلحة مُشغِّليهم.. ومن ثمَّ فهم الظالمون الحقيقيون لشعبهم ولغيرهم من المواطنين، وهم المتآمرون على أوطانهم ومواطنيهم، ومَن فتح أبواب بلدانهم للتدخل الأجنبي في شؤونها، وأوصل المنطقة إلى ما هي عليه مِن فقدان أمن وتوتر وفتن وحروب.

فمنذ أن أسس الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني جمهورية " مهاباد ـ كوماري كردستان" بتشجيع سوفييتي، تلك التي أعلنها قاضي محمد في ٢٢ كانون الثاني/ يناير ١٩٤٦ جمهورية على حساب إيران، ولم تدم أكثر من أحد عشر شهراً، وشكل مصطفى بارزاني مع جنوده من كردستان العراق عمودها الفقري ثم انهزم إلى العراق بعد سقوطها وشنق قاضي محمد.. منذ ذلك التاريخ والأحزاب الشيوعية والقومية المتطرفة، والشخصيات السياسية الكردية اللاهثة وراء الزعامة والسلطة والثروة، والقوى الأجنبية التي تقف وراءها وتدعمها وتستثمر في مشروعها الانفصالي وتتانزع النفوذ عليه وتوظفه لصالحها جزيئاً أو كلياً.. 

منذ ذلك التاريخ وحتى الآن تلعب لعبة عرقية ـ انفصالية ـ تآمرية، وتعيش تبعية مكشوفة للصهيونية والغرب الاستعماري والطامعين بالمنطقة.. وتكلف جمهور الفقراء والبسطاء من الأكراد وشعوب دول "العراق وسوريا وتركيا وإيران" المُستهدَفَة بالمشروع الانفصالي الكردي ـ الصهيوني ـ الاستعماري ما لا تطيق، من جراء انتهاجها نهجاً يتعارض مع المواطَنة والوطنية والسِّلم والأمن والاستقرار والازدهار، وموالاتها للأعداء، واستقوائها بالأجنبي على وطنها ومواطنيها.. حيث يعبث أولئك الانفصاليون بأمن بلدانهم التي هم مواطنون فيها، ويضعفونها لصالح الدول والقوى التي يوالونها، ويدخلون مداخل سياسية مشبوهة تضع الأكراد في مواقع لا تليق بهم مواطنين في وطن، ولا بتاريخ عقائدي ـ ثقافي ـ نضالي مشترك يمتد لمئات السنين، يجمعهم وشعوب تلك البلدان في عيش ومصير مشترك، في إطار تداخل وتفاعل اجتماعي وتزاوج وصلات رحم وعلاقات أخوية وتعاون، لا يمكن تجاوزه لمجرد أن وجود قصار نظر وأعداء يريدون ذلك. 

إن أولئك الانفصاليين المتطرفين المتآمرين يوالون كيان الإرهاب العنصري الصهيوني "إسرائيل" عدو الأمة والدين، ويتلطُّون بظلال الغرب والشرق: "الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا من جهة وروسيا الاتحادية بعد الاتحاد السوفييتي من جهة أخرى"، ويكوّنون ميليشيات وقوة عسكرية وأمنية منظمة، "جيشاً وشرطة وأجهزة أمنية.. إلخ"، ليقيموا دولة على حساب أربع دول هي تركيا والعراق وسوريا وإيران.. دولة هي "إسرائيل ثانية" وتكون صنواً لها في الاحتلال والعنصرية والتوسع، وخنجراً في الخاصرة الشمالية الشرقية للوطن العربي خاصة، وتعمل مع الحركة الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية والدول الاستعمارية الأوروبية وغيرها من الدول التي تطمع بالوطن العربي وتعادي العروبة والإسلام.
 
إن الأحزاب الكردية المتعصبة المتطرفة، وعلى رأسها حزب العمال الكردستاني وفروعه وأذرعه في الدول المُستَهدَفة، والأحزاب الكردية المتطرفة الأخرى والميليشيات في الدول المستَهْدَفة بالمشروع الانفصالي.. تمارس العنفَ ضد الكثير من فقراء الأكراد وبسطائهم لتجبرهم على الالتحاق بحزب العمال الكردستاني وفروعه وأذرعه وبالأحزاب الكردية المتطرفة الأخرى، وبالجيش "البشمرقة"، وعلى خدمة مشروعها وموالاة من تواليهم من القوى الأجنبية.. وتكلّفهم ما لا يطيقون، وتضعهم بمواجهة بلدانهم ودولهم ومعظم مواطنيهم. 

إن الأحزاب الكردية المتعصبة المتطرفة، وعلى رأسها حزب العمال الكردستاني وفروعه وأذرعه في الدول المُستَهدَفة، والأحزاب الكردية المتطرفة الأخرى والميليشيات في الدول المستَهْدَفة بالمشروع الانفصالي.. تمارس العنفَ ضد الكثير من فقراء الأكراد وبسطائهم لتجبرهم على الالتحاق بحزب العمال الكردستاني وفروعه وأذرعه وبالأحزاب الكردية المتطرفة الأخرى، وبالجيش "البشمرقة"، وعلى خدمة مشروعها وموالاة من تواليهم من القوى الأجنبية..

وتمارس العدوان والإرهاب ضد الدول الأربع المستَهدَفة بالمشروع بتناوب وتنسيق مدروس وفق " أجندة" أعداء تلك الدول وأهدافها وخططها ومصالحها.. وعندما تقف بوجههم دولة من الدول المستهدَفة بإرهابهم وبمشروعهم الانفصالي، تستنفرُ "إسرائيلُ" حاملةُ الملف، الحركةَ الصهيونيةَ والدولَ الغربية التي تحتضن الإرهاب وتستثمر فيه.. فتسلحهم وتحركهم وتناصرهم وتحميهم وتصدّرهم ضحايا وتقاتل إلى جانبهم عند الضرورة.؟!.. 

ووفق تخطيط وتنسيق متفق عليه، يلجأ قادة الأحزاب والزعامات الكردية الانفصالية والفروع والأذرع إلى تلفيق سياسي مدروس، أصبح معتاداً ومكشوفاً وفيه من الكذب والافتراء والادعاء والمكر ما فيه.. فيزعمون أنهم مواطنون، وأن على الدولة - أي الدولة التي انطلق منها إرهابهم لمواطني دولة أخرى من الدول المستهدَفة بمشروعهم الانفصالي وتقوم بالرد عليهم - أن ترد العدوان عنهم وتحميهم بوصفهم مواطنيها، وأن تدافع عن حدود الوطن وعن نفسها وسيادتها.؟! وتستمر اللعبة الخطرة أو سمها ما شئت، بتناوب مع وضد البلدان المستَهدَفَة، بدعم " سياسي وإعلامي ودبلوماسي وعسكري" من الحلفاء وما يُسَمَّى" المجتمع الدولي".؟!
 
منذ "جمهورية مهاباد" في عهد ستالين، والقاضي محمد، ومصطفى البرزاني حليف إسرائيل المألوف أو عميلها الموصوف؟!، ومن بعدهم وللآن ـ مروراً بيوم قتل أولئك العرب في الموصل وصاحوا: "دين محمد بطاريخ"، أي بطَل وانتهى، والأحزاب الشيوعية والماركسية والقومية الكردية المتطرفة بفروعها وأذرعها وتسمياتها المتغيرة حسب الوضع السياسي، وكذلك الزعامات والشخصيات السياسية الكردية الجامحة والجانحة.. منذ ذلك الوقت وتلك الأطراف تلعب هذه اللعبة الخطرة.. تتآمر، وتوطد علاقاتها بالأجنبي، وتهيئ "كوادر الدولة ـ المشروع.."، ولا توفر مناسبة ولا أسلوباً ولا وسيلة لبلوغ ما تريد بلوغه من أهداف. 

وقد دخلت رأس حربة في مطلع القرن الحادي والعشرين، "بتآمر مكشوف معلن مسجل وموثَّق"، عبر ذراعها العراقي، في حرب تدمير العراق، تلك الحرب العدوانية الفاجرة التي كانت مطلباً صهيونياً ومصلحة أميركية - بريطانية ومشروعاً تصفوياً للقوة والمقاومة.. فشاركوا عام ٢٠٠٣ بتدمير الجيش العراقي وتدمير العراق ونهبه وتقسيمه، وعملوا عملاء وأدلاء للعدو الغازي المحتل في شوارع بغداد وأحيائها وفي غيرها من مدن العراق، وقاتلوا إلى جانبه. وبعد احتلال الأميركيين للعراق وحكمهم له وتحكّمهم به وبقراراته السياسية وسيادته الوطنية، ونهب أثاره وأمواله وثرواته ومنها النفطية على الخصوص.. وصل أولئك الانفصاليون إلى إقامة دولة داخل الدولة، وأوصلوا العراق بموجب دستور/ قانون بريمر إلى محاصَصة سلطوية، " طائفية ـ عرقية.." كارثيّة، شلَّت الدولة العراقية وأدخلتها في نفق مظلم لم تخرج منه بعد.. محاصصة أدخلت العراق في الصراعات والأزمات والضائقات والمديونيات، وفي أنواع فريدة من الفساد والإفساد، حتى أصبح العراق الأبي الغني فقيراً ومديناً، وشعبه الماجد يشكو مرَّ الشكوى.
 
وفي غضون ذلك عزز الانفصاليون الأكراد مواقعهم وسلطتهم وقوتهم العسكرية وسلطتهم الأمنية وثروتهم المالية.. وجعلوا من شمال العراق مركزاً "سياسياً ـ أيديولوجياً ـ تنظيمياً ـ عسكرياً ـ أمنياً" للحركة الانفصالية الكردية بأحزابها وفروعها وأذرعها في العراق وسورية وتركيا وإيران، بتنسيق تام وتكامل شامل مع مركز جبال قنديل حيث حزب العمال الكردستاني ومناصروه وفروعه وأذرعه وانتشاره في البلدان الثلاث المستهدفة: في سوريا عبر " قسد ومسد وحماية الشعب و.. و.. إلخ"، وفي إيران عبر كومله ومجاهدي خلق وغيرهما، وفي تركيا عبر الحزب الشيوعي وحزب الشعوب والميليشيات وغيرها.. وفي "شمال العراق" تكونت نواة جيش الدولة المستقبلية " البشمرقة"، الجيش الذي يمنع الجيش العراقي من الدخول إلى "دولة كوردستان" في شمال العراق؟!".. 

وفي الوقت ذاته يتقاضى ذلك الجيش رواتبه وتمويله من الدولة العراقية، ويعمل على إضعاف العراق ونهب ثروته النفطية والتحكم بمعظم حدوده ومعابره الشمالية الشرقية لينهكه ويقوى على حسابه ويؤسس على المكشوف وبكل وضوح على الانفصال عنه، وخدمة المشروع الكردي الواسع وأجنحته وأذرعه في البلدان الأربع التي يستهدفها المشروع الانفصالي الكبير. 

وقد تمكنوا في العراق أيضاً، وبموجب دستور / قانون بريمر البغيض والمحاصَصَة الكريهة، وبتغذية النعرات الطائفية والعرقية والمناطقية من أن يتولوا رئاسة جمهورية العراق العربي العريق ـ تصوروا أنه لا يجوز لعربي عراقي أن يترشح لرئاسة الجمهورية أو أن يصبح رئيساً للجمهورية في العراق العربي!!؟؟ ـ وعندما يعتدون على دول الجوار ويرهبون مدنييها ويثيرون الفتن فيها، وتقوم الدولة المستهدفَة بالرد عليهم.. يحرجون العراق وجبرون الدولة العراقية على التدخل لحمايتهم.. فيزعمون أنهم مواطنون في دولة ذات سيادة اسمها جمهورية العراق، ويجب عليها أن تحمي مواطنيها وحدودها، وأن ترد على العدوان..؟! يفعلون ذلك كلما اعتدى حزب العمال الكردستاني وفروعه وأذرعه وميليشيات الأحزاب الكردية الأخرى على أيٍّ من دول الجوار العراقي: "سوريا وتركيا وإيران"، المستهدَفة كالعراق بالمشروع الكردي الانفصالي ـ الصهيوني ـ الغربي.. 

من حق الشعب الكردي أن يتخلص الإرهابيين والمتطرفين والموالين للصهيونية والغرب الاستعماري، وممن يريدونه أداة ومخلباً ومطيّة، وممن يُشقونه ويوردونه ويوردون به وبسببه موارد الهلاك..
وتفعل ذلك أيضاً فروع الأحزاب الكردية وأذرعها في شرق سوريا وشمالها عندما تقوم بعمليات إرهابية في تركيا وترد تركيا على عدوانها.. فيزعم متزعموها أنهم سوريون بطناً لظهر، وأن على سوريا حمايتهم والدفاع عنهم وأن تقاتل معهم، ويصبح "طريق دمشق إليهم مفتوحاً..؟؟!! يفعلون ذلك في الوقت الذي يعملون فيه على الانفصال عن سوريا، ويتوسعون في سيطرتهم الجغرافية على محافظات ومناطق فيها، ويرسمون خريطة لما يسمونه دولة "كردستان الغربية، وروج آفا؟!" تصل حدودها إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط في أقصى شمال غرب سوريا، ويقتلون المواطنين العرب السوريين ويضطهدون من يخرج على إرادتهم، ويمنعونهم من دخول مناطق سيطرتهم إلا بموافقة وكفيل، تأكيداً على " استقلالهم؟!"، ويقيمون في شمال شرق سوريا دولة داخل الدولة تحت مسمَّى "الحكم الذاتي" ـ وأول الرقص حنجَلَة كما يقول المقل ـ تفتح أرض الجمهورية العربية السورية للموساد ولوجود عسكري وقواعد للصهاينة والأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين.. ويحاربون حرب أولئك في سوريا وعليها، وينهبون مع الأمريكيين ثرواتها الطبيعية، لا سيما النفط والغاز في حقول محافظتي دير الزور والحَسَكة وفي منطقة القامشلي من محافظة الحَسَكَة. يفعلون ذلك في الوقت الذي يتحالفون فيه مع " إسرائيل" التي تحتل الجولان وتستبيح سوريا بعد أن شاركت في تدميرها، وينفذون خطط ومشاريع الحركة الصهيونية والأمريكيين والدول الأوروبية الاستعمارية، ويخوضون حربهم وحرب أولئك في سوريا وعليها، ويحظون أيضاً بتعاطف روسي وبعض حماية دولة روسيا الاتحادية، بتأثير المنظمات الصهيونية في ذلك البلد.. فالمشروع ضد العروبة والإسلام واحد.

إن هذا الوضع الكارثي المزمِن، وضع من أغرب ما يكون، ومن أسوأ ما يكون، ومما لا يكاد يوجد له مثيل في العالم.. وهو أكثر خطورة على العراق وسوريا خاصة من كثير مما مرَّ عليهما، في وقت تعانيان فيه من احتلال واعتلال وتدمير وتمزيق وضعف وتعثير، ومن اختلال أوضاع عامة وانعدام قوة رادعة.. وهذا الوضع الشاذ الذي تعاني منه وبسببه دولتا العراق وسوريا مستمر منذ سنوات، ويُراد له أن يستمر ليشكل بؤرة استهداف وإضعاف واستنزاف وتمزيق وتخلف دائمة، ويشل القطرين العربيين، ويلغي دورهما القومي ويضعف الأمة العربية، ولا يبقى في الوطن العربي قراراً قومياً يلتزم بقضية فلسطين وينصر شعبها بوصفها قضية قومية مركزية، ويمنع الاعتراف بكيان الإرهاب العنصري الصهيوني "إسرائيل" وتطبيع العلاقات معها، ويزيد من نفوذها وقدرتها على فرض وجودها كدولة قوية ونووية في المنطقة، تفرض هيمنتها وتسرح وتمرح على هواها، وتقتل من الفلسطينيين وتعتقل منهم يومياً من تشاء، وتتوسَّع في الاستيطان على حساب وجودهم، وتروِّعهم وتضطهدهم وتنفذ بحقهم برنامج إبادة بطيئ، ينفذ منذ سبعين سنة من دون أن يقف بوجهه أحد، وتنهي قضية فلسطين وفق مشروعها الصهيوني ـ العنصري ـ الاستعماري الذي دعمته وما زالت تدعمه الدول العظمى وما يُسمَّى المجتمع الدولي وتوابعه.
 
إن من حق الشعب الكردي أن يتخلص الإرهابيين والمتطرفين والموالين للصهيونية والغرب الاستعماري، وممن يريدونه أداة ومخلباً ومطيّة، وممن يُشقونه ويوردونه ويوردون به وبسببه موارد الهلاك.. ومن حقه أن يتمتع بمواطَنة كاملة وحقوق متساوية مع غيره من المواطنين في البلدان التي هو من مواطنيها، فله ما لمواطنيه وعليه ما عليهم.. ومن حقه بل من واجبه أن يطرح ما يشاء من قضايا تخصّه وتخص جماهير الشعب التي هو جزء منها في الوطن الذي يحمل جنسيته، شأنه في ذلك شأن كل شعوب الأرض في بلدانها، على أن يفعل ذلك بديمقراطية ومسؤولية وعقلانية وحوار بناء.. ويسلك مسلك المواطَنة، المنضبطة، المتساوية، المسؤولة، المنتمية، الملتزمة قانونياً وأخلاقياً بوطن سيد وسيادة وطنية كاملة.. أمَّا ما عدا ذلك من أساليب واسعداء واستقواء بالأجنبي لفرض إرادة على وطن وشعب فلا يجوز ولن يحقق حلولاً ولا عدالة ولا راحة ولا سلما ولا أمناً لأحد.

 والله من وراء القصد.

التعليقات (0)