هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
باعوا فلسطين وشاركوا في ذبح العراق وتقتيل شعب سوريا وليبيا واليمن والسودان ومصر والجزائر.. بعد أن جوّعوا شعوبهم وعذبوا كل من تجرأ على الكلام وها هم يجتمعون اليوم لنصرة فلسطين ولمّ شمل العرب. اشتروا منازل الفلسطينيين وأرضهم في القدس وسلّموها للصهاينة ثم تحالفوا مع الروس والأمريكان لتمزيق أوصال الأمة وها هم يقدمون للعرب دروسا في الوطنية !
يجتمع النظام الرسمي في الجزائر ليحتفل بقمة "لمّ الشمل" والأمة العربية تمرّ بواحدة من أحلك أطوارها الحضارية حيث يموت المواطن دوسا تحت أحذية العسكر أو غريقا هاربا من جحيم الوطن العربي أو مغيبا في أقبية التعذيب. لحظة سريالية تتفوق فيها دراما الواقع الدامي على كل النصوص والكلمات وعلى كل أسطر البلاغة العربية حيث يحاضر الجلادون في حقوق الضحايا.
للمرة الألف تعقد الاجتماعات والقمم والمؤتمرات والندوات لإيهام السواد البائس بأن هناك جسدا عربيا سيفتح لهم أبواب النعيم. النظام الجزائري بما هو أحد أبشع الأنظمة العسكرية في المنطقة يتحدث عن مشاريع جمع العرب وهو الذي يملك مع المغرب أطول حدود برية مغلقة في العالم ! الأمين العام لجامعة الاستبداد العربي يدعو إلى توحيد الصف من أجل القضية الفلسطينية وهو الذي يحاصر بالرصاص الحي قطاع غزة ويمنع عن المرضى الفلسطينيين العلاج والدواء ! قادة الأنظمة الاستبدادية يرفعون شعار نبذ الخلافات وهم يكيدون لبعضهم كل يوم وليلة !
وفاءْ لأصل النشأة
سنة 1941 قررت المخابرات البريطانية على لسان وزير الخارجية "أنتوني أيدن" ضرورة وضع نظام عربي موحد يمكن التحاور معه وهو ما تحقق مباشرة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. كان هدف الجسم الموبوء ترسيم حدود سايكس بيكو وترسيخها لتتحول فعلا إلى الحدود الرسمية لما سمّي زورا بعدها الدولة الوطنية والتي ستتحقق لاحقا مع موجة الاستقلال الوهمي للكيانات العربية خلال الخمسينيات والتي ستكون حارسا شرسا للإرث الاستعماري البريطاني والفرنسي.
لقد تبيّن بالدليل أن القضية الفلسطينية والقدس ليسا غير ستار تتخفى وراءه مجموعة من العصابات الاقليمية التي أحكمت قبضتها على رقاب الشعوب ولنا في الأنظمة التي رفعت شعار المقاومة والممانعة خير دليل.
لم تكن الجامعة في أصل نشأتها إلا أداة استعمارية خارجية للتحكم والتوجيه حيث يتسنى لها إدارة القرار العربي وصياغته بما يتماشى مع مرحلة الاستعمار الجديد أو الاحتلال غير المباشر الذي دشنته المنطقة مع ما يسمى الدولة الوطنية أو دولة الاستقلال. إنّ من أعظم وأنصع الأدلة على ذلك القمة العربية التي منحت الجيش الأمريكي الضوء الأخضر لغزو العراق واحتلاله وتدمير بنيته التحتية وقتل شعبه ونهب ثرواته بمباركة قمة العار العربية في مصر 1990.
ماذا قدمت الجامعة لشعوب الأمة طوال تاريخها ؟ هل هناك قمة عربية واحدة نجحت في تحقيق هدف ولو بسيط لصالح قضايا الأمة المصيرية ؟ أ لم تشارك الجامعة بما هي نادي الطغاة العرب في كل المؤامرات التي تعرضت لها الشعوب المسحوقة ؟
الشماعة الفلسطينية
لم يعد خافيا على أحد من العرب والعجم اليوم أنّ القضية الفلسطينية ليست غير شماعة تستر سوءات النظام العربي ومسكّن يمتص ما تبقى من أحاسيس العروبة والانتماء لدى السواد الأعظم من الجماهير. لقد تبيّن بالدليل أن القضية الفلسطينية والقدس ليسا غير ستار تتخفى وراءه مجموعة من العصابات الاقليمية التي أحكمت قبضتها على رقاب الشعوب ولنا في الأنظمة التي رفعت شعار المقاومة والممانعة خير دليل.
لكل أزمة كبيرة وجهها الآخر المضيء لأن بلوغ النظام الرسمي العربي هذه المرحلة من الهذيان وفقدان البوصلة مؤشر على بلوغه نقطة الانقطاع ووصوله إلى مرحلة اللاعودة.
باسم العروبة وباسم فلسطين ذبح النظام السوري شعب سوريا وكذا فعل النظام المصري والعراقي والليبي ... فالشعوب العربية تحمل إرثا عظيما من "الغباء العاطفي" وهي مشبّعة بطبقة سميكة من فوضى الحواس. منْ منَ العرب والمسلمين لا يهفو إلى بيت لمقدس ومن من الجماهير العريضة لا يتردد في الشهادة في سبيل تحرير فلسطين ؟ لا أحد طبعا وهو الأمر الذي تدركه جيدا أنظمة الوكالة الاستعمارية في بلاد العرب لذا جعلت من الشماعة الفلسطينية مرتكزا أساسيا من مرتكزات خطابها السياسي كما فعلت ذلك كل أحزاب الشبيحة القومية والمليشيات البعثية والناصرية. بل إن فيالق الموت الإيرانية لم تترد في حيازة نصيبها من أسهم هذه التجارة الرابحة فها هي تقتّل العرب والمسلمين في العراق وسوريا واليمن ولبنان باسم الأقصى وباسم فلسطين. فلسطين حقّ مطلق أُريد به باطل مطلق فكيف الخلاص من زيف الطغاة العرب ونخبهم؟
اتفقوا على أن لا يتفقوا
مقولة قديمة قدم الجامعة العربية بل هي المدرسة التي رسخت مقولة الفرقة والانقسام لكنها لا تتردد في رفع شعارات الزيف مثل شعار "لمّ الشمل ". أي شمل سيُلمّ ومن سيلُمّه وكيف ؟ سلاسل لا متناهية من الأكاذيب والأراجيف التي ما أنزل الله بها من سلطان.
لكن لكل أزمة كبيرة وجهها الآخر المضيء لأن بلوغ النظام الرسمي العربي هذه المرحلة من الهذيان وفقدان البوصلة مؤشر على بلوغه نقطة الانقطاع ووصوله إلى مرحلة اللاعودة. ففي العراق ومصر والجزائر والسودان والسعودية وكبرى الحواضر العربية يشتدّ الخناق على الدكتاتوريات الحاكمة ويظهر للعيان أنها قد استنفذت كل شروط وجودها وأن طورها التاريخي قد شارف على الانتهاء كما أخبر بذلك يقينا الشيخ ابن خلدون في قراءته لعلامات نهاية الدول.
الجامعة هي الناطق الرسمي باسم الاستبداد والدكتاتوريات العربية ولا خلاص للأمة وشعوبها قبل دفن الجامعة ودفن النخب اللعينة التي تدافع عنها وتقتات على موائدها. لا حرية للشعوب من ربقة الطغاة إلا بالتحرر أولا وقبل كل شيء من النظام السياسي العربي ومؤسساته ونخبه التي هي الحامي الحقيقي للاحتلال وأذنابه في بلاد العرب.