هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعلنت رئيسة وزراء بريطانيا ليز تراس استقالتها من رئاسة حزب المحافظين، الخميس، بعد 44 يوما من توليها رئاسة الحكومة خلفا لبوريس جونسون الذي قدم استقالته في 7 من تموز/يوليو 2022.
وقالت تراس (47 عاما)، أمام 10 داونينغ ستريت، والتي شغلت منصب رئيس الوزراء لأقصر مدة في التاريخ البريطاني الحديث: "في ظل الوضع الحالي لا يمكنني إتمام المهمة التي انتخبني حزب المحافظين للقيام بها".
وجاءت استقالة تراس، التي تولت منصبها في 6 أيلول/سبتمبر الماضي، في وقت تشهد فيه بريطانيا أزمة غلاء معيشية، على خلفية زيادات كبيرة في أسعار السلع الأساسية، وتجاوز نسب التضخم حاجز 9 بالمئة، للمرة الأولى منذ 40 عاما.
وأثارت خطة تراس الاقتصادية ذعرا في الأسواق، وتسببت في هبوط الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى في تاريخه، وارتفاع تكاليف الاقتراض ما دفع المقرضين إلى سحب عروض الرهن العقاري. كما تسببت في هبوط فوضوي لصناديق التقاعد، كاد أن يؤدي إلى أزمة مالية لولا التدخل السريع من بنك إنجلترا لحماية هذه الصناديق من الانهيار.
وأعلن بنك إنجلترا أنه سيتدخل في سوق السندات التي تبلغ قيمتها 2.1 تريليون جنيه إسترليني والتي كانت قد بدأت في الصعود، قائلا إنه سيشتري سندات طويلة الأجل "بأي نطاق ضروري"، لاستعادة النظام في السوق.
وقبل يومين من استقالتها، قدمت تراس اعتذارا عما تسببت فيه من تهديد للاستقرار الاقتصادي في البلاد بعدما اضطرت لإلغاء خطتها الاقتصادية التي اقترحتها قبل أقل من شهر.
والاثنين الماضي، قالت تراس لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي): "أريد أن أتحمل المسؤولية وأقول إنني آسفة على الأخطاء التي ارتُكبت".
وأضافت: "أردت أن أتصرف لمساعدة الناس في فواتير الطاقة الخاصة بهم، والتعامل مع مسألة الضرائب المرتفعة، لكننا بالغنا وتحركنا بسرعة كبيرة".
والأحد، انتقد الرئيس الأمريكي جو بايدن، خطة تراس الاقتصادية، قائلا في تصريحات للصحفيين في أوريغون: "كانت خطأ وجب تداركه".
وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن الخطة الاقتصادية، التي أعلنتها تراس الشهر الماضي هي السبب في سقوط تراس.
"نظرية اقتصادية بالية"
في 23 أيلول/سبتمبر، كشفت تراس عن خطة اقتصادية يمينية "موازنة مصغرة" مستوحاة من خطة الرئيس الأمريكي في ثمانينات القرن الماضي رونالد ريغن. بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني (50 مليار دولار) من التخفيضات الضريبية غير الممولة والزيادات الضخمة في الاقتراض الحكومي.
وتقوم خطة تراس الاقتصادية على خفض الضرائب على الفقراء والأغنياء وتمويل العجز عبر الاقتراض. ما أثار عاصفة من الانتقادات السياسية والشعبية.
وتعتمد خطة تراس على نظرية اقتصادية تنطلق من تنمية الاقتصاد عبر خفض الضرائب وتقديم التسهيلات للأثرياء والشركات، باعتبار أن ذلك سيؤدي إلى تحفيز الاستثمار وتشجيع الإنتاج وتوفير العمالة، الأمر الذي يخلق الثروة ويحفز الطلب على البضائع والسلع والخدمات.
لكن خبراء اقتصاد يعتبرون أن هذه نظرية بالية أثبتت فشلها سابقا، وإن نجحت جزئيا بأمريكا في عهد ريغن فإنه يعود لعوامل تتعلق بقوة الدولار والاقتصاد الأمريكي، وهذه العوامل لا تتوفر حاليا في الاقتصاد البريطاني بسبب التداعيات السلبية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
وبحسب الخبراء، فإن الأموال التي سيوفرها دافعو الضرائب ستتبخر بسبب فواتير الطاقة الباهظة، وهبوط الإسترليني وتصاعد معدلات التضخم. ولن ينتفع من التخفيض الضريبي الأضخم منذ 50 عاما سوى الأثرياء.