هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال الباحث الأمريكي
والمتخصص بشؤون الطاقة ديفيد هندرسون إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تلقت "ضربة
قاضية" بقرار "أوبك بلس" في 5 تشرين الأول/ أكتوبر تخفيض إنتاج
النفط، وذلك على بعد أسابيع فقط من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.
وقال
هندرسون في مقال نشره معهد واشنطن للدراسات إن خفض إنتاج النفط سيؤدي إلى حدوث اضطراب
في الأسواق العالمية، وفي العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربي، وفي معنويات
الناخبين الأمريكيين.
وأضاف
أنه بينما كان المحللون ينظرون في ما إذا كان "أثر إعصار إيان" في الولايات
المتحدة سينعكس أيضاً على نسبة المشاركين في الانتخابات النصفية الأمريكية، فقد جاءت
"الضربة القاضية". ففي الوقت الذي لم يكن فيه ينتظرها البيت الأبيض، فقد اتخذت مجموعة
"أوبك بلس" قراراً بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً.
وفي
هذا السياق كانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد نشرت العنوان الواقعي،
"’أوبك بلس‘ تتطلع إلى خفض كبير في الإنتاج من أجل دعم أسعار النفط"، لكنها
أغفلت ذكر الكمية. وسبق لصحيفة "فاينانشال تايمز" أن نشرت عنواناً رئيسياً
- "خطط الدول المنتجة للنفط لخفض الإنتاج تهدد بتعميق أزمة الطاقة" - ترافق
مع عنوان فرعي قوي وصحيح تماماً: "الخلاف مع الولايات المتحدة يلوح في الأفق".
ويوضح
هندرسون أن الناخب الأمريكي العادي قد لا يكون ميالاً إلى التحليل وقد يكتفي بمعرفة
أن خفض الإنتاج من قبل "أوبك بلس" يعني ارتفاع الأسعار في محطات الوقود.
وشهد
شهر آب/ أغسطس انخفاضا في سعر البنزين في الولايات المتحدة، واتخذ البيت الأبيض عدة
خطوات لخفض أسعار النفط في أعقاب الحرب في أوكرانيا. وقال بايدن في حينه إنّ التضخم
بدأ يُظهر علامات على التراجع، وإن كان الناس "لا يزالون متضررين"، وفق
رويترز.
اقرأ أيضا: بايدن للأمريكيين: السعودية وروسيا وراء ارتفاع أسعار البنزين
ويشير
هندرسون إلى أن مجرد التلميح إلى النظر في احتمال خفض الإنتاج يمكن تفسيره على أنه
ضربة أخرى للنجاح المشكوك فيه أساساً لرحلة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية
في وقت سابق من فصل الصيف. فقد كان يؤمل في البداية أن تُوصف المصافحة بقبضة اليد بين
الرئيس وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على أنها أقل ودّاً من المصافحة باليد،
ولكن تم تفسيرها بدلاً من ذلك على أنها علامة ودّ وتقارب.
ويوضح
الخبير في شؤون الخليج أن "هذا المشهد عاد بالفائدة على الرياض، وأخفى قليلاً
واقع أن ولي العهد لم يستجب لمطلب بايدن الرئيسي ألا وهو زيادة ملحوظة في إنتاج النفط،
ما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار".
ويضيف
أن هناك شعورا شبه ملموس في أروقة واشنطن بأن إدارة بايدن تشعر بخيبة أمل إزاء السعودية
بسبب تحالفها المفترض القائم على النفط مع فلاديمير بوتين.
فضلاً
عن ذلك وبشكل متزامن، فقد صادف يوم الأحد 2 تشرين الأول/ أكتوبر الذكرى السنوية الرابعة
لمقتل الصحفي السعودي وكاتب مقالات الرأي في "واشنطن بوست" جمال خاشقجي في
القنصلية العامة السعودية في إسطنبول. وفي الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر، تقدّم محامي
محمد بن سلمان في واشنطن بطلب "حصانة قائمة على المكانة" لوكيله الذي يواجه
دعوى مدنية رفعها ضده منشقون سعوديون. وكانت هذه المكانة النتيجة التي ترافقت مع ترقية
ابن سلمان الأسبوع الماضي إلى منصب رئيس الوزراء، ما يمنحه بموجب الأعراف الدبلوماسية
"حصانة سيادية" ضد الإجراءات القانونية التي تُتخذ بحقه في الخارج.
وفي
مقابل الانتقاد الذي طال الرياض، تنظر المملكة إلى موضوع النفط على أنه ملف منفصل بحدّ
ذاته، ما يعكس وقائع اقتصادية أكثر منها دبلوماسية. وبالفعل، فإن هناك بعض التفاصيل الدقيقة
والأسباب الاقتصادية الجديرة بالملاحظة. وكما هو الحال، فإن خفض الإنتاج بواقع مليوني
برميل في اليوم يعكس أرقام الميزانية الإجمالية وليس أرقام الصادرات. كما أن العديد
من الدول الأعضاء في "أوبك بلس" لم تعد قادرة على الإنتاج بالكميات والأحجام
المخول إنتاجها. ولكن لا بدّ من تعديل الآمال بأن يكون خفض الإنتاج أقلّ مما تشير
إليه العناوين، بما يتماشى مع التقارير التي تفيد بأن بعض المنتجين قد يلجأون إلى خفض
أكبر في الإنتاج. كذلك، يشير السعوديون إلى أنهم بحاجة إلى الحفاظ على الطاقة الإنتاجية
الفائضة، بل وزيادتها، تحسباً لأزمة الإمدادات في الأشهر المقبلة في ظل محاولة العديد
من الدول تجنب شراء النفط الروسي.
ويختم
هندرسون مقاله بالقول إنه "يمكن لمس التأثير المحتمل لخطوة "أوبك بلس"
في يوم الاقتراع في الولايات المتحدة. وبحلول ذلك الوقت، ربما نكون قد مررنا بـ"لحظة
انزلاق نحو حرب نووية" (كما في رواية توم كلانسي) نظراً لتهديد بوتين الواضح بإدخال
البعد النووي إلى الحرب الأوكرانية. وقد تنتظرنا أسابيع قليلة صعبة".