هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت مسؤولة مكتب الشرق الأوسط في منظمة "مراسلون بلا حدود"، صابرين النوي، إن "معظم دول الشرق الأوسط وجدت في الاستبداد السبيل الأوحد لإحكام قبضتها على الشؤون الداخلية"، مؤكدة أن "المشهد الإعلامي المحلي، كان أصلا في وضع لا يُحسد عليه، وهو ما من شأنه أن يُخلّف عواقب وخيمة قد تظل آثارها دائمة على الصحافة".
ولفتت النوي، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إلى أن "الذريعة المُستخدمة لإسكات الصحفيين واعتقالهم في المنقطة هي (الأمن الوطني) أو اتهامهم بـ(الإرهاب) أو (نشر أخبار كاذبة) أو (التخابر مع دول أجنبية)".
وأوضحت أن السبب الأساسي لتدهور أوضاع الصحافة في منطقة الشرق الأوسط يتمثل في "الإفلات من العقاب، علما بأن أغلبية الانتهاكات بحق الصحفيين لا تؤدي أبدا إلى تحقيقات جدية أو محاسبة مرتكبي الجرائم".
اقرأ أيضا: تعرف إلى مؤشر حرية الصحافة الجديد.. العرب في مراكز متأخرة
ودعت السلطات الأمريكية إلى "فتح تحقيق في أقرب وقت ممكن بشأن بمقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة؛ إذ يجب على الولايات المتحدة ألا تتخلى عن شيرين باعتبارها مواطنة أمريكية، ومن غير المفهوم عدم فتح أي تحقيق جنائي في هذه القضية حتى الآن".
لكن النوي استدركت بالقول إنه لا توجد إرادة سياسية لدى واشنطن للقيام بذلك.
واغتيلت أبو عاقلة مراسلة قناة "الجزيرة" في 11 أيار/ مايو 2022، وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إنها أصيبت برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في الرأس أثناء تغطيتها اقتحامه لمدينة جنين شمال الضفة الغربية.
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
ما تقييمكِ لأوضاع الحريات الصحفية والإعلامية في منطقة الشرق الأوسط؟
الشرق الأوسط هو المنطقة التي يُقتل فيها أكبر عدد من الصحفيين في العالم، خاصة في اليمن وسوريا والعراق. هناك أيضا دولتان تعدان من أكبر السجون بالنسبة للصحفيين في العالم، وهما مصر والسعودية.
ما الأسباب التي أدت إلى تدهور أوضاع الصحافة في المنطقة؟
السبب الأساسي هو الإفلات من العقاب، علما أن أغلبية الانتهاكات بحق الصحفيين لا تؤدي أبدا إلى تحقيقات جدية أو محاسبة مرتكبي الجرائم.
بمناسبة اليوم العالمي للاختفاء القسري، ما أخطر الجرائم التي يتعرض لها الصحفيون في الشرق الأوسط؟
أخطر الجرائم التي يتعرض لها الصحفيون هي عملية الاغتيال. وفي هذا الصدد، شكّل اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي صدمة كبيرة للغاية، وأدى إلى المزيد من التخويف والرقابة الذاتية من ضمن الصحفيين في العالم العربي كله؛ إذ إنهم لا يريدون مواجهة المصير ذاته.
الأمم المتحدة جدّدت، قبل أيام، مطالبتها بتحقيق شامل في مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، فكيف تنظرون لما وصل إليه ملف شيرين أبو عاقلة؟ وهل تعتقدون أنه ستتم محاسبة المتورطين في عملية القتل تلك؟
يجب على الولايات المتحدة ألا تتخلى عن شيرين أبو عاقلة باعتبارها مواطنة أمريكية. من غير المفهوم أن السلطات الأمريكية لم تفتح أي تحقيق جنائي في هذه القضية حتى الآن، ولم تقم بواجبها في حماية إحدى رعاياها والدفاع عنها كما جرت العادة عند تعرض مواطنين أمريكيين لجرائم في الخارج.
اقرأ أيضا: درجات متدنية للدول العربية على مؤشر حرية الصحافة (إنفوغراف)
وتدعو "مراسلون بلا حدود" السلطات المختصة، مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي، إلى فتح تحقيق في أقرب وقت ممكن. أما برأيي الشخصي، لا أرى إرادة سياسية للقيام بذلك.
كيف تتعاطى "مراسلون بلا حدود" مع حالة التضييق عليها والهجوم الذي تتعرض له في بعض الدول العربية؟
لدينا طرق مختلفة للتأثير على حرية الصحافة في الشرق الأوسط. نستطيع إرسال ملفات توثق انتهاكات بحق الصحفيين للأمم المتحدة عبر آليات عديدة خاصة بالدول أو عبر لجان مختصة في جرائم معينة، ويمكننا أيضا التعامل الدبلوماسي مع الحكومات الرسمية والسفراء أو نطلب من الدول الحلفاء القيام بضغوط سياسية. وأخيرا نستمر في نشر وإطلاق حملات إعلامية لتسليط الضوء على حالات فردية والإثارة للتعاطف مع القضايا المحلية.
ما تقييمكم لأداء الأنظمة الحاكمة والنقابات المهنية الخاصة بالصحافة والإعلام في توفير الحماية للصحفيين والإعلاميين؟
تؤكد الأحداث الأخيرة في المنطقة المسؤولية المباشرة للدول العربية عن الانتهاكات التي تطال الحق في الإعلام. فبالإضافة إلى إخفاق الأنظمة في دورها المتمثل في حماية الصحفيين المُهددين، إما بسبب ضعفها أو إهمالا منها لمسؤولياتها، لا تتوانى السلطات عن حظر وسائل الإعلام التي تزعجها.
هل هناك أي مبررات سياسية أو أمنية تسوغ للأنظمة العربية أو غيرها تقييد حرية الصحافة؟
الذريعة المُستخدمة لإسكات الصحفيين واعتقالهم هي "الأمن الوطني" أو اتهامهم بـ "الإرهاب" أو "نشر أخبار كاذبة" أو التخابر مع دول أجنبية، خاصة في إقليم كردستان، وفي مصر واليمن والسعودية. على سبيل المثال هناك حاليا أربع صحفيين يمنيين في سجون الحوثيين الذين تم الحكم بالإعدام عليهم بتهم تتعلق بالتجسس لصالح السعودية.
كيف يستشرفون مستقبل حرية الصحافة في المنطقة خلال الفترة المقبلة؟
أمام وضع صحي واقتصادي وسياسي خارج عن السيطرة، وجدت معظم دول المنطقة في الاستبداد السبيل الأوحد لإحكام قبضتها على الشؤون الداخلية. وبدلا من السماح لوسائل الإعلام بالمساهمة في نشر المعلومات الموثوقة والاضطلاع بدورها كسلطة رابعة، اختارت هذه الحكومات السير في الاتجاه المعاكس تماما، مفضلة تعبئة كل طاقاتها لتقويض حرية الصحافة أكثر فأكثر، رغم أن المشهد الإعلامي المحلي كان أصلا في وضع لا يُحسد عليه، وهو ما من شأنه أن يُخلّف عواقب وخيمة قد تظل آثارها دائمة على الصحافة.