هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع زيارة زعيم التيار الصدري مقتدى
الصدر إلى منزل المرجع الشيعي بالنجف علي السيستاني، برزت تساؤلات عن مدى تدخل
الأخير في إنهاء الأزمة السياسية في العراق -كما جرت العادة- ولا سيما أنها وصلت
إلى طريق مسدود، ربما يفضي إلى حصول احتكاك شيعي-شيعي.
وبعد حديث وسائل إعلام محلية عن لقاء
جرى بين الصدر والسيستاني، السبت، لبحث الأزمة السياسية، أصدر مكتب الأخير توضيحا
أكد فيه أن المرجع الديني يقيم مجلس عزاء لأهالي النجف بمناسبة ذكرى عاشوراء من كل
عام، وأن الشخصيات التي تحضر المجلس لا تلتقي بالمرجع.
"هنا تتدخل"
وفي هذا الصدد، رأى مدير "مركز
القرار السياسي" في العراق، حيدر الموسوي في حديث لـ"عربي21" أن
"الأمر ليس كما يخاله البعض بأنه وصل إلى مرحلة خطيرة، رغم ما ينشر من
تغريدات وتصريحات، وكذلك خروج مظاهرات في بغداد قبل أيام تمثل الطرفين
المختلفين".
وأوضح الموسوي أن "المرجعية في
النجف تراقب الوضع عن كثب، ولدينا بعض قنوات الاتصال معها تفيد بأنها لا تتدخل إلا
عندما يكون هناك اشتباك بين طرفي النزاع، وهما الإطار التنسيقي والتيار الصدري،
على اعتبار أن هناك خشية من اندلاع قتال شيعي-شيعي".
وأشار الخبير العراقي إلى أن
"تغريدة الصدر قبل أيام كانت واضحة بأنه لن يدخل في مسؤولية أي دماء تسفك،
وكذلك الإطار التنسيقي يدعو إلى الحوار والتزام الأطر الدستورية وليس الاحتكام إلى
الشارع، وكذلك الجهات الدولية الفاعلة ومنها الأمم المتحدة لن تسمح بحدوث أي
صدام".
اقرأ أيضا: تظاهرات غاضبة بكردستان العراق.. والأمن يقمع المشاركين (شاهد)
وأكد الموسوي أن "مرجعية
السيستاني في النجف لا تتدخل إلا عندما تكون الظروف حرجة جدا، أما اليوم فنحن ما
زلنا في بدايات الأزمة والانسداد السياسي، وهنا قنوات للتواصل ما بين
الفرقاء".
وتابع: "استمرار الحراك قرب
مؤسسات الدولة، هذا ورقة ضغط يستخدمها التيار الصدري على الطرف الآخر الذي يؤمن هو
أيضا بفكرة حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، لكن لديه وجهة نظر هي أن تكون هذه ضمن الأطر
الدستورية ويكون عليها إجماع وطني".
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي
فاضل أبو رغيف، لـ"عربي21"، إن "المرجعية لا تتدخل بصغار الأمور، وفي
بعض الأحيان تنظر برؤية شمولية، لذلك فهي تحجم عن القول بأي تصريح حتى لا تحمّله
بعض الكتل ما لا يحتمل، ويأتي الكلام غير متطابق، لذلك فهي تتحاشى الإدلاء بأي
تعليق".
وأوضح أبو رغيف أن "المرجعية سبق
أن علقت في خطبة الجمعة بأن لها أنفاسا ورؤية تجاه التظاهرتين، الأولى التي خرجت
أمام المنطقة الخضراء والأخرى التي كانت في داخلها، حيث كان الاحتقان واضحا، وكاد
أن يصل إلى الاحتكاك، لكن المرجعية قد تكون -بصورة غير مباشرة- كبحت جماحه ونزعت فتيل
الأزمة بطريقة غير محسوسة أو معلنة".
وأكد المحلل السياسي أن "هناك
اتفاقا صارما بين الفريقين (التيار والإطار) على عدم سفك الدماء، بمعنى عدم سفك
الدماء العراقية والشيعية تحديدا على اعتبار أن الخلاف شيعي-شيعي، لذلك فإن هناك من
يخطئ في الحديث عن احتمالية وقوع الاحتراب الداخلي أو الدفع باتجاهه".
أغلقت الأبواب
وعلى صعيد آخر، أكد حيدر الموسوي أن
"المرجع السيستاني أغلق أبوابه منذ عام 2013 بوجه كل الأطراف السياسية، بل
إنها حتى المبعوثة الأممية جينين بلاسخارت التي التقت الصدر قبل أيام في النجف أرادت أن
تلتقي بالمرجع، لكن يبدو أنه وصلتها رسالة بأنه لن يستقبلها".
ولفت إلى أن "المرجعية لديها
متحدثون ووكلاء وهم الأقدر على إيصال أي رسالة عن الوضع الداخلي أو الخارجي، والتيار الصدري هو جزء من العملية السياسية أو الحكومات السابقة سواء كانت فاشلة أو
ناجحة، لذلك فإن محاولة إيصال رسالة بأن المرجعية تشكل على قوى سياسية معينة المقصود
منها الأحزاب الشيعية في الإطار التنسيقي، فلا أعتقد أنها تقصدهم".
وتابع: "المرجعية تقصد كل الطيف
السياسي الذي شارك بعد عام 2003 في العملية السياسية وكان الأداء فاشلا ولم يقدم
شيئا على مستوى الرضا الشعبي، وبالتالي فلا يحق لأحد التحدث بالإنابة عن مرجعية
النجف على الأقل في هذه الأزمة ومحاولة توظيف ذلك في الضغط على الخصوم
الآخرين".
من جانبه، رأى أبو رغيف أن
"المرجعية مستاءة بصورة عامة من جميع الطبقة السياسية التي لم تقدم شيئا
وأخفقت في تقديم خدمة للعراقيين، لذلك فهي كررت عبارات في أكثر من مناسبة بهذا
الخصوص، لكنها أحجمت عن التصريح برأيها المفصلي حتى لا تكون هناك فتنة".
وأردف: "المرجعية ادخرت ما لديها
ليوم معلوم، وهذا اليوم لا أعتقد أنها بصدد كشف النقاب عنه قريبا، لأنها لو أدلت
بدلوها تجاه الانتخابات المبكرة لكان على الحكومة أن تفكك منظومة البرلمان مباشرة،
لكنها سكتت وقد يفسر ذلك على المضي والاستمرار أو أنها غير راضية عما يجري
حاليا".
وسبق أن طالب قادة الإطار التنسيقي
الشيعي في أكثر من مناسبة بضرورة تدخل مرجعية النجف لإنهاء تأخر تشكيل الحكومة بعد
10 أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية، والتي تصدرت فيها الكتلة الصدرية
بحصولها على 73 مقعدا من مجموع 329، لكنها استقالت من البرلمان بعدما أخفقت في
تشكيل حكومة أغلبية سياسية.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، قال زعيم
تحالف "الفتح" هادي العامري، إن "المرجعية العليا المباركة كما عودتنا
حاضرة في اللحظة المناسبة لكي تنقذ الموقف وتعيد الحياة إلى مسارها الطبيعي"،
وأضاف: "نحن بحاجة إلى لطف ورعاية المرجعية وحكمتها وبعد نظرها لتقول كلمتها
الفصل بشأن ما يمر به العراق راهنا من منعطفات سياسية صعبة".
وكان رئيس الوزراء السابق نوري
المالكي، قد هاجم صمت المرجعية خلال التسريبات الصوتية المنسوبة إليه، والتي نشرها
الإعلامي العراقي المقيم في واشنطن علي فاضل، بالقول: "المرجعية ليس لها
علاقة بما يدور ولا كأن الحدث سيقلب الطاولة عليهم وعلينا وعلى التشيع".
وفي 15 تموز/ يوليو الماضي، قال الصدر
على لسان محمود الجياشي، خطيب الجمعة الموحدة التي أقامها التيار الصدري في بغداد،
إن "أغلب السياسيين توجهاتهم خارجية، وإن المرجعية العليا أغلقت بابها أمام
جميع السياسيين"، لافتا إلى أنهم "إذا أرادوا تشكيل الحكومة فإن عليهم
الالتزام بإخراج الاحتلال، وإن أول خطوات التوبة محاسبة فاسديهم بلا تردد".