قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن دعوة وزير الهجرة
السويدي لفرض حد أقصى بمقدار 50 في المائة على تواجد المواطنين المنحدرين من خارج بلدان الشمال الأوروبي في ما يسمى بـ"المناطق المضطربة" هي وصفة خالصة للتمييز والتحريض والإجراءات العقابية غير المجدية، مشيرا إلى أنها تنبع من النفعية السياسية بدلًا من صنع السياسات السليمة.
ودعا المرصد الأورومتوسطي في بيان له اليوم السبت، أرسل نسخة منه إلى "عربي21"، الحكومة السويدية إلى الكف فورًا ودون شروط عن أي خطط من هذا القبيل.
وكان وزير الهجرة السويدي "أندرس يغمان" صرّح يوم الاثنين لصحيفة (داجنز نيهيتر) المحلية أن المناطق التي يتكون غالبية سكانها من المواطنين الذين ينحدرون من خارج بلدان الشمال الأوروبي (الدنمارك والسويد وآيسلندا وفنلندا والنرويج) تمثل مشكلة للسويد.
وأضاف: "أعتقد أنه من السيئ أن يكون لدينا مناطق يكون فيها غالبية السكان من أصول غير شمالية".
واقترح "يغمان" بشكل مبدئي حدًا بنسبة 50 في المائة لتجمعات المهاجرين في ما يسمى بـ"المناطق المضطربة" مبررًا ذلك بحاجة المهاجرين إلى تطوير مهارات التحدث باللغة السويدية، حيث قال إنه "من الصعب للغاية تعلم اللغة السويدية وتطويرها" في مثل تلك المناطق.
وقال الأورومتوسطي إن الخطاب الذي يعتبر تواجد تجمعات للمهاجرين سببًا جذريًا للمشاكل الاجتماعية في هذه المناطق يؤدي إلى تأجيج التحيز العنصري وكراهية الأجانب والتعصب، فضلًا عن إعاقة أي إمكانية لصنع سياسة سليمة، حيث إن ذلك سيوقع الأحزاب السياسية السويدية في دائرة من المنافسة الخطابية حول من يمكنه أن يكون أكثر صرامة في التعامل مع "المناطق المضطربة".
ونبه الأورومتوسطي إلى مدى خطورة الانحدار نحو هذه السياسة، إذ إنه بمجرد شروع الحكومة السويدية بتطبيق هذا القانون التمييزي، فمن المرجح أن يتبع ذلك تنفيذ سياسات عقابية قاسية تحت ذريعة تحقيق الهدف من سن القانون.
وأضاف المرصد الأورومتوسطي أن تهميش تلك المناطق وجعل سكانها يشعرون بالوصمة الاجتماعية والتهديد والضعف وأنهم غير مرحب بهم لمجرد أنهم مواطنون من خارج بلدان الشمال الأوروبي هو النقيض التام لمبدأ الاندماج..
وقال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان "رامي عبده" إنه "من المعيب أن نرى الحكومة السويدية تنزلق إلى هاوية شعبوية يتم فيها نبذ واستهداف الأجانب المستضعفين لأغراض انتخابية"، مضيفًا أن "الاستيعاب القسري والإكراه والسياسات العقابية ونهج الصرامة المتّبع ليسوا حلولًا على الإطلاق، بل إن هذه السياسات تغذي الصورة السلبية للأجانب في المجتمع، ما يعيق بشكل أساسي اندماجهم فيه.
وأشار "عبده" إلى أنه ينبغي دمج الأجانب في الدولة من خلال تقديم الحوافز وخلق جو ترحيبي وإيجابي وتسهيل ضمهم إلى المجتمع وسوق العمل.
وكان الأورومتوسطي حلل في تقرير سابق بعنوان "عنصرية مقنعة: سياسات الدنمارك التمييزية والعقابية تجاه مناطق الغيتو" المزايا المزعومة لـ "قائمة الغيتو" الدنماركية، وخلص إلى أنه منذ إنشائها في عام 2010، كانت القائمة جزءًا من المشكلة وليس الحل.
ومع الأخذ بعين الاعتبار المعايير المعيبة والتمييزية التي تستهدف بشكل غير متناسب الأفراد من العرقيات غير الأوروبية، فإن من الواضح أن "قائمة الغيتو" تؤدي إلى تأجيج التحيز العنصري وكراهية الأجانب وعدم التسامح مع الأقليات الضعيفة، وذلك ضمن سياساتها العقابية الشديدة وغير المجدية ووصمة العار الشنيعة المرتبطة باسمها.
ويهدف "قانون مكافحة مناطق الغيتو" الدنماركي إلى تقليل عدد الأشخاص من ذوي الأصول غير الغربية في بعض "المناطق المعرضة للخطر" إلى أقل من 30 في المائة، من خلال عمليات الإخلاء والعقاب المزدوج وإلحاق الأطفال بدور الحضانة بشكل إجباري والإفراط في الإجراءات الأمنية.
وحذر الأورومتوسطي من أن هذه الخطابات تبث الخوف وانعدام الأمن والثقة بين المهاجرين، فضلًا عن أنها تنتهك مبادئ الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وقانون الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بالحقوق في عدم التمييز والمساواة والسكن اللائق، وكذلك الحق في المساواة أمام القانون والمساواة في المعاملة أمام المحاكم.