قضايا وآراء

لقاءات عمّان ورهانها على جولة بايدن الإشكالية

حازم عيّاد
1300x600
1300x600

لم يخلُ بيان مكتب رئيس وزراء الاحتلال يائير لبيد، وبيان الديوان الملكي الأردني؛ حول لقاء الملك عبد الله الثاني برئيس وزراء الاحتلال لبيد يوم أمس الأربعاء، من إشارات واضحة على ضرورة البناء على نتائج زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة التي شملت الأراضي الفلسطينية وقمة جدة التي جمعت بايدن بدول مجلس التعاون الخليجي وقادة كل من الأردن ومصر والعراق.

كما لم يخلُ البيان الصحفي الذي نشرته وكالة الأنباء الأردنية "بترا" حول لقاء الملك عبد الله الثاني برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في عمّان؛ الأحد الماضي الموافق 24 تموز (يوليو) الحالي؛ من ذات المضامين؛ خصوصا تلك المتعلقة بضرورة مواصلة الجهود الدبلوماسية وأهمية البناء على نتائج جولة بايدن الأخيرة.

جولة بايدن قدمت كرافعة وأجندة موجهة لهذه اللقاءات؛ فالإدارة الأمريكية التي لم تتمكن من تحقيق إنجازات كبيرة في (قمة جدة) فضلا عن فشلها في عقد قمة ثلاثية تضم (الرئيس بايدن والملك عبدالله الثاني ورئيس وزراء الاحتلال يائير لبيد) خلال زيارة بايدن للأراضي المحتلة منتصف الشهر الحالي 13 و14 تموز (يوليو)؛ تعول على الأردن لتحقيق إنجاز واختراق تسعى عمّان من خلاله التأكيد على مكانتها ومحورية دورها في إدارة الملف الفلسطيني والإسرائيلي في حين تسعى إدارة بايدن تجاوز الإخفاق الناجم عن قمة جدة وتقديم إنجاز سياسي خارجي يستبق انتخابات الكونغرس النصفية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

فهل ينجح الملك عبد الله الثاني في تحقيق ما عجز عنه طاقم إدارة بايدن ممثلا بوزير خارجيتها أنتوني بلينكن ومساعده للشؤون الفلسطينية هادي عمرو في عقد قمة  تجمع  الرئيس عباس ولبيد؛ مقدما دفعة سياسية لحكومة الائتلاف الإسرائيلية وفرصها في انتخابات الكنيست المقبلة، إلى جانب المساهمة في تعزيز مكانة السلطة وجهودها المستقبلية لانتقال سلس للسلطة لمرحلة ما بعد الرئيس عباس.

 

العالم سريع التغير لدرجة يصعب فيها التعويل على العلاقات الشخصية والسياسات والمقولات القديمة في إدارة ملفات متجددة وسريعة التغير؛ ما يتطلب مراجعات عميقة للاستراتيجيات والتكتيكات المتبعة فلسطينيا وأردنيا للتعاطي مع المتغيرات السريعة والمتذبذبة إقليميا ودوليا والانفتاح على العالم الآخذ في التشكل والتبلور من بحر الصين وبرها إلى بحر البلطيق والبر والأوروبي.

 



أهداف لا تبتعد كثيرا عن الهواجس الأردنية المرتبطة بمستقبل السلطة والضفة الغربية ما بعد عباس؛ أو الهواجس المتعلقة بعودة نتنياهو ومن معه من شركاء سياسيين وعلى رأسهم بن غفير وحزب الصهيونية اليهودية.
 
هل تنجح لقاءات عمّان في تحقيق ما عجز بايدن عن تحقيقة في جدة عبر إعطاء دفعة لمسار التسوية والتطبيع والسلام الاقتصادي والشراكات الأمنية الممتدة من الخليج العربي إلى السويس وشرق المتوسط التي تحولت إلى محور اهتمام الإدارة الأمريكية والإسرائيلية بعيد الحرب الأوكرانية.

من الممكن أن تفضي لقاءات عمان إلى قمة ثلاثية يشارك فيها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أو نائبة الرئيس الأمريكي كاميلا هاريس؛ غير أنه لا يتوقع أن يصمد هذا المسار إلى ما بعد انتخابات الكنيست والكونغرس الأمريكي المقبلة في تشرين ثاني (نوفمبر) المقبل، فالتعويل على جولة بايدن ونتائجها وتجاهل المتغيرات المتسارعة والعميقة دوليا وإقليميا وأمريكيا؛ سرعان ما تبددها نتائج الانتخابات غير الحاسمة في الكيان الإسرائيلي وأمريكا؛ والأهم جولة التصعيد المرتقبة افتصاديا وعسكريا وسياسيا الشتاء المقبل في أوروبا وأوكرانيا.

فأمريكا سرعان ما ستراجع سياساتها لتحقيق استدارة لا تقل خطورة عن الاستدارة التي أحدثها ترامب خلال رئاسته؛ هواجس أوروبية قوية تجاه الموقف الأمريكي من أوكرانيا؛ والأصل أن تكون هواجس أردنية وفلسطينية من باب أولى لتدفع نحو الانفتاح على العالم المتغير والأخذ في التشكل على وقع الصراع الدولي الممتد من بحر الصين الجنوبي إلى البحر الأسود والبلطيق وعدم اقتصار الأمر على جولة بايدن ونتائجها الإشكالية والغامضة.

ختاما.. العالم مقبل على منعطفات وتحولات أشد تطرفا من سابقتها ولن تتوقف عن التفاعل والتطور إلى أن تعيد تشكيل النظام الدولي اقتصاديا وسياسيا وعسكريا؛ فالعالم سريع التغير لدرجة يصعب فيها التعويل على العلاقات الشخصية والسياسات والمقولات القديمة في إدارة ملفات متجددة وسريعة التغير؛ ما يتطلب مراجعات عميقة للاستراتيجيات والتكتيكات المتبعة فلسطينيا وأردنيا للتعاطي مع المتغيرات السريعة والمتذبذبة إقليميا ودوليا والانفتاح على العالم الآخذ في التشكل والتبلور من بحر الصين وبرها إلى بحر البلطيق والبر والأوروبي. 

 hazem ayyad
@hma36


التعليقات (0)