هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عبّرت منظمات من المجتمع المدني بتونس عن تخوفها من عديد الاختلالات التي رافقت الحملة الدعائية للاستفتاء الشعبي المزمع عقده في 25 تموز/ يوليو الجاري، سواء على المستوى الإجرائي أو على المستوى القانوني.
ويُجرى استفتاء شعبي في تونس على مشروع دستور جديد للبلاد في 25 تموز/ يوليو الجاري، على أن يجرى بين يومي 23 و25 من الشهر ذاته بالنسبة للناخبين المقيمين خارج تونس.
ووفقا للجريدة الرسمية، فإن السؤال الوحيد في الاستفتاء سيكون: "هل توافق على الدستور الجديد؟"، وذكرت الجريدة أن الاقتراع سيبدأ في السادسة صباحا وينتهي في العاشرة ليلا، باستثناء بعض المراكز الانتخابية ذات الخصوصية.
ورصدت منظمات المجتمع المدني عديد الإخلالات خلال الحملة الدعائية للاستفتاء، مرجعة ذلك إلى السياق العام الذي تعيش على وقعه البلاد، فضلا عن تغيير تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من قبل رئيس البلاد قيس سعيّد.
وفي وقت سابق، أصدر سعيّد أمرا رئاسيا بتعديل القانون الأساسي وتركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وبات مجلس الهيئة "يتكون من 7 أعضاء يتم تعيينهم بأمر رئاسي"، بعد أن اتهم رئيس البلاد، أكثر من مرة، الهيئة بأنها "غير مستقلة" على الرغم من فوزه بالانتخابات الرئاسية عام 2019 تحت إشرافها.
مراقبة الاستفتاء
وقال رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد"، بسام معطر، إنهم سيراقبون الاستفتاء، رغم الصعوبات التي رافقت الحملة، مؤكدا أن "عتيد" ستكون لها 500 مراقب.
وعن الصعوبات في الحملة، أشار معطر، في تصريح لـ"عربي21" إلى أن الإعلان عن الاستفتاء جاء بصفة متأخرة، على عكس المسارات الانتخابية السابقة، حيث كان يتم الإعلان عن الانتخابات قبل ستة أشهر، وهي فترة كافية للمجتمع المدني، لضبط الموارد المالية والبشرية اللازمة للوصول إلى يوم الاقتراع.
وتابع: "هذا لا يتوفر في استفتاء 25 تموز/ يوليو، حيث كانت الانطلاقة متأخرة جدا، ما أثر على الموارد المالية، في ظل غياب التمويل من المنظمات التي كانت تدعم المسارات الانتخابية".
وأضاف معطر: "زد على ذلك، غياب العنصر الشبابي بسبب تزامن فترة حملة الاستفتاء مع الامتحانات ما تسبّب في التردد في المشاركة".
"وكذلك المناخ السياسي المحتقن والمليء بالتردد جعل عديد الأشخاص لا يشاركون بأي شكل من الأشكال، فضلا عن البعد الصحي"، بحسب بسام معطر.
تجاوزات عديدة
وعن أبرز التجاوزات التي عرفتها الحملة الدعائية للاستفتاء، قال معطر إنها تتمثل في الإشهار السياسي في ظل غياب دليل للحملة من قبل هيئة الانتخابات لأول مرة، ما زاد من الضبابية والتجاوزات والمخالفات.
وأضاف: "وقع استعمال اللافتات الكبرى التي وراءها أموال بطبيعة الحال، وعدم استعمال الأماكن المخصصة رسميا لتعليق بيانات دعم أو رفض الاستفتاء، مقابل ذلك هناك ملصقات في كل مكان، وهو ما يعتبر مخالفة لقانون الحملات الانتخابية".
وأرجع معطر ذلك إلى نقص الخبرة السياسية للمشاركين في الحملة الدعائية للاستفتاء، ما أثر بالأساس على مضمون الحملة.
وعن التشكيك في نزاهة الاستفتاء بسبب تغيير تركيبة هيئة الانتخابات من قبل رئيس البلاد قيس سعيّد، قال بسام معطر: "انتظرنا من الهيئة أن تثبت عكس ذلك، إلا أنه إلى حد الآن تعددت الاستثناءات والتمديد في آجال عدة أعمال ذات العلاقة بالحملة، ما زاد في ضرب شفافية هذا المسار".
وعن فرضية تزوير الاستفتاء، قال رئيس "عتيد" إن "هناك عديد التخوفات في كل الاتجاهات، باعتبار أن هيئة الانتخابات تشتغل تحت ضغط زمني كبير لم تعترف به لأنها تريد تنفيذ أجندة 25 تموز/ يوليو مهما كانت الظروف".
وأضاف: "هذا يجعل المخاطر كبيرة وإمكانية التزوير موجودة، نظرا لكون المناخ العام غير جيد، باعتبار أن عدد ملاحظي المجتمع المدني الذين غطوا كل مكاتب الاقتراع في الانتخابات السابقة تراجع".
وتابع: "الأمر لن يكون كما كان عليه الحال سابقا، لوجود أمرين جديدين، الأول، يتمثل في زيادة عدد مكاتب الاقتراع، والثاني، المدة الزمنية الطويلة لعملية الاقتراع التي ستمتد من الساعة السادسة صباحا إلى الساعة العاشرة ليلا".
وأضاف: "هذا الأمر يتطلب جهدا كبيرا في يوم 25 تموز/ يوليو حيث سيكون الطقس صيفيا بامتياز، ما سيجعل الأمر صعبا على منظمات المجتمع المدني لمراقبة الاستفتاء".
القواعد الدولية
بدورها، أكدت علا بن نجمة، رئيسة مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية، أن المنظمة ستشارك في مراقبة الاستفتاء بـ350 مراقبا و48 منسقا.
وعن نزاهة الاستفتاء، اعتبرت بن نجمة أن هيئة الانتخابات ليست مستقلة باعتبارها هيئة منصّبة، مضيفة أن هناك تضاربا على المستوى القانوني حيث أن هذا الاستفتاء يخضع لثلاثة قوانين، وهي القانون الانتخابي، والقانون السابق، والمرسومان الصادران عن الرئيس قيس سعيّد.
وأضافت في تصريح لـ"عربي21": "عقد الاستفتاء من الساعة السادسة صباحا إلى الساعة العاشرة ليلا، يعني أن الهيئة ستوفر فريقين للإشراف على العملية الانتخابية، فريق صباحي وآخر مسائي، ما يعني أن المحاضر الانتخابية سيتم توقيعها من قبل طرفين، وهو أمر غير قانوني".
واعتبرت رئيسة مركز "شاهد" أن "كل هذه الإخلالات تتضارب مع القوانين الانتخابية العالمية، ورغم ذلك سنكون شاهدين ويقظين".
وعن فرضية تزوير الاستفتاء، أكدت علا بن نجمة أن كل شيء يبقى واردا، مشيرة إلى أنه "عندما كانت الظروف أسلم، كانت لنا عديد التخوفات بما في ذلك ما يُعرف بالورقة الدوّارة، فما بالك في ظل ضبابية القاعدة القانونية وفي ظل العديد من الإخلالات، غير المطابقة للقواعد الدولية".
وحاولت "عربي21" التواصل مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس بخصوص اعتماد ملاحظي الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء من عدمه دون أن تفلح في ذلك.
في المقابل، أكد مصدر مطلع لـ"عربي21"، رفض الكشف عن اسمه، أن مسألة اعتماد ملاحظي الاتحاد الأوروبي أثارت جدلا داخل هيئة الانتخابات، خصوصا بعد طرد الرئيس سعيّد لممثلي لجنة البندقية بسبب انتقاد مسار الاستفتاء.
اقرأ أيضا: دعوات لمسيرة وطنية في تونس عشية استفتاء سعيّد
وفي نهاية المطاف، تواصلت هيئة الانتخابات بالاتحاد الأوروبي من أجل تحديد قائمة مراقبيه في الاستفتاء، فيما تبقى مشاركتهم غير مؤكدة إلى حدود اللحظة، بحسب المصدر ذاته.
وعن المنظمات الدولية التي ستشارك في مراقبة الاستفتاء يوم 25 تموز/ يوليو الجاري، أشار المصدر إلى أن الهيئة اعتمدت مراقبي الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومركز كارتر الأمريكي.