بورتريه

الشابي من حزب "البعث" إلى "جبهة الخلاص" (بورتريه)

ا?حمد-نجيب-الشابي
ا?حمد-نجيب-الشابي

يعد من الآباء المؤسسين لحزب البعث العربي الاشتراكي في تونس ومن رواد تكوين الخلايا الأولى للحزب مما تسبب في اعتقاله وهو على مقاعد الدراسة. 


كان من الأصوات الأولى التي ارتفعت في وجه نظام زين العابدين بن علي، وكان من الذين كسروا حاجز الخوف وواجهوا آلة النظام القمعية.  


يساري وقومي عريق أمضى نحو 60 عاما في العمل السياسي. 


تقلب أحمد نجيب الشابي، المولود في أريانة شمالي العاصمة تونس عام 1944، في دراسته الجامعية كثيرا، فقد اتجه أولا إلى فرنسا لمواصلة تعليمه العالي في الطب لكنه تخلى عن ذلك بعد سنتين للالتحاق بكلية القانون نظرا لنشاطه السياسي، غير أنه انقطع عن الدراسة من جديد عام 1968 بعد اعتقاله على خلفية نشاطه السياسي والنشاطات الطلابية وحكم عليه بالسجن 11 عاما قضى منها عامين بالسجن في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.  


أنهى الشابي السنة الثانية في دراسة الحقوق عام 1971 بالجزائر بعد أن حصل على اللجوء السياسي، وانخرط في تنظيم "العامل التونسي" في بداية السبعينات وكان من بين أكثر أعضائه نشاطا. 


عاد إلى تونس سرا في عام 1977 بعد اعتقال مجموعة من قيادات "العامل التونسي" رغم صدور أحكام غيابية بالسجن بحقه وصل مجموعها إلى 21 عاما. وعاد من جديد إلى دراسة الحقوق التي أنهاها عام 1981، ومارس مهنة المحاماة بعد تخرجه عام 1984. 


بعد عودته إلى تونس، اختار طريق النضال العلني، فأسس حزب "التجمع الاشتراكي التقدمي" الذي رخص في عام 1983، قبل أن يغير اسمه إلى "الحزب الديمقراطي التقدمي" ثم "الحزب الجمهوري". وفي العام التالي أسس صحيفة "الموقف"، ثم انضم فيما بعد إلى سياسيين تونسيين وقعوا على الميثاق الوطني عام 1988. 


تدهورت علاقته بالنظام فأعلن في عام 1991 القطيعة مع نظام بن علي بسبب معارضته للنهج الأمني والقمعي في معالجة القضايا السياسية. 


خاض في عام 2005 إضرابا عن الطعام إلى جانب مناضلين آخرين لمدة شهر تزامنا مع "القمة العالمية لمجتمع المعلومات" احتجاجا على التضييق على الحريات، مما دفعه إلى تأسيس "هيئة 18 تشرين الأول/ أكتوبر للحقوق والحريات" التي وحدت الجزء الأهم من المعارضة على قاعدة الدفاع عن الحريات السياسية لجميع التونسيين.  


وخاض إضرابا ثانيا عن الطعام عام 2007 دفاعا عن مقر صحيفة "الموقف" ومقرات "الحزب الاشتراكي التقدمي" عندما حاول نظام بن علي إخراجهم منها.  


ترشح عامي 2004 و2009 للانتخابات الرئاسية منافسا للرئيس بن علي الذي واجه خصمه الشابي في كل مرة بتعديلات دستورية تقصيه من الترشح. وخاض غمار الانتخابات الرئاسية من جديد عام 2014 في عهد الثورة. 


وبعد فرار بن علي من تونس، انضم الشابي إلى أول حكومة بعد الثورة وتولى مهمة وزير التنمية المحلية، وما لبث أن انتخب في عام 2011 نائبا في المجلس الوطني التأسيسي، وأعلن فيما بعد عن تأسيس حزب" الأمل التونسي". 


لم يتوافق الشابي مع خطوات الرئيس التونسي قيس سعيّد الأخيرة، فأعلن في نيسان/ أبريل الماضي عن تشكيل "جبهة الخلاص الوطني" التي تتكون من 5 أحزاب سياسية هي: "النهضة" و"قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" و"حراك تونس الإرادة" و"حزب الأمل" و5 مجموعات هي: "مواطنون ضد الانقلاب" و"اللقاء الوطني للإنقاذ" و"توانسة من أجل الديمقراطية" و"مبادرة اللقاء من أجل تونس"، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من البرلمانيين.  


وتهدف هذه الجبهة، حسب الشابي، إلى "إنقاذ تونس من الدمار والتفكك من خلال إعطاء الأولوية للإنقاذ الاقتصادي ووضع خارطة طريق وتقديم حلول عقلانية نابعة من توافق وطني تونسي عريض للخروج من الأزمة". 


وتدعو إلى إطلاق حوار وطني حول الإصلاحات السياسية في المجالات الاقتصادية والسياسية والدستورية والقانونية ودعم حكومة انتقالية للإنقاذ لضمان الانتقال الدستوري وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة.  


وتشهد تونس منذ تموز/يوليو الماضي أزمة سياسية حادة حين بدأ الرئيس سعيّد إجراءات استثنائية كان من بينها حل البرلمان ومجلس القضاء وإصدار تشريعات بمراسيم. 


ويتخوف الشابي من خطوة سعيّد المقبلة وهي إعلان حل الأحزاب السياسية وتوقيف قياداتها ووضعهم تحت الإقامة الجبرية. ويصف خطاب سعيّد بأنه "خطاب تقسيمي"، واصفا المشهد التونسي بـ "سياسي متعفن".  


ورغم تاريخه السياسي الطويل، إلا أن بعض المحللين يقولون بأن الشابي ليس شخصية مؤثرة في مسار الانتقال الديمقراطي وإن كان له رصيد كبير في معارضة بن علي. 


لكن الشابي يرفض الانتقادات التي توجه إليه بسبب تحالفه مع حركة "النهضة" ذات التوجه الإسلامي التي يتناقض معها إيديولوجيا وفكريا، إذ إنه "لا يخشى الجلوس مع حركة النهضة في مواجهة الرئيس سعيّد رغم الكثير من الخلافات". بحسب قوله. 


موضحا كلامه: "في النهاية جلست مع الغنوشي رئيس حركة إسلامية معترف بها في تونس ولها أنصارها"، مؤكدا أن "مرحلة الإقصاء السياسي تم تجاوزها والقضاء هو الفيصل في إدانة النهضة وليس الرأي العام أو الرئيس سعيد". 


الشابي الذي سبق له أن نشر سيرته الذاتية في كتاب حمل عنوان "المسيرة والمسار- ما جرى وما أرى" يكشف في كتابه عن ترشحه لانتخابات عام 2014 التي فاز فيها الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي رغم ثراء البرنامج السياسي والاقتصادي الذي تقدم به الشابي مع ثلة من خيرة الخبراء، لكنه خسر بسبب تحالف "النهضة" مع حزب السبسي "نداء تونس".


لكن الظروف السياسية الآن مختلفة تماما عن عام 2014، ويتوقع خصوم "النهضة" أن يكون الشابي هو مرشح "النهضة" لرئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة، ربما في مواجهة الرئيس سعيّد، ويؤكد الشابي لكل من يلتقيهم بأن "جبهة الخلاص" لن تكون "ظاهرة صوتية" تاركا الباب مواربا أمام الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأمام مستقبله السياسي.  


التعليقات (1)
abdou bourhane
الأحد، 12-06-2022 08:34 ص
تونس في مرحلة إعادة تشكيل نظام بورقيبة/بن علي القمعي لذا ليستمر النضال.