هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تتزايد المخاوف في اليمن منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، الخميس
الماضي، على ملف القمح الذي يعتمد على استيراده من كييف وموسكو، أكبر مصدري القمح بالعالم.
يأتي ذلك، في ظل تحذيرات أطلقها ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج
الأغذية العالمي، في الأيام القليلة الماضية، من أن اليمن يتجه نحو كارثة، إذ ينضب
التمويل الإنساني، ما يضطر إلى تقليص المساعدات الغذائية لملايين الأسر الجائعة.
وبحسب معطيات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو"،
فإن حوالي 22 بالمئة من إجمالي القمح المستهلك في اليمن عام 2020 مستورد من أوكرانيا.
ولم يستبعد برنامج الأغذية العالمي تأثير التصعيد في أوكرانيا على اليمن،
حيث رجح أن يؤدي إلى زيادة أسعار الوقود والغذاء، خاصة الحبوب، في البلد الذي يعتمد
على الاستيراد.
وقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بأكثر من الضعف في معظم أنحاء اليمن
خلال العام الماضي، ما جعل أكثر من نصف البلاد بحاجة إلى مساعدات غذائية، حسبما ذكره
بيان البرنامج.
وسيؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى دفع المزيد من الناس إلى الحلقة
المفرغة، المتمثلة في الجوع، والاعتماد على المساعدة الإنسانية.
وقال بيزلي: "فقط عندما تعتقد أنه لا يمكن أن يزداد الوضع سوءا،
يستيقظ العالم على وقع صراع في أوكرانيا من المحتمل أن يتسبب في تدهور اقتصادي في جميع
أنحاء العالم، خاصة بالنسبة لبلدان مثل اليمن، تعتمد على استيراد القمح من أوكرانيا
وروسيا. سترتفع الأسعار لتفاقم الوضع السيئ بالفعل".
بالنسبة لليمنيين، لا يمكن للتوقيت أن يكون أسوأ من ذلك، فبينما تحاول
العائلات توفير الطعام، فإنها تواجه عراقيل؛ بسبب الآثار غير المباشرة للتصعيد الخطير
في القتال، جنبا إلى جنب مع التدهور المستمر للاقتصاد، وفقا للبرنامج التابع للأمم المتحدة.
اقرأ أيضا: الأزمة الأوكرانية تنذر بأزمة قمح عالمية
"ثلاثة أخطار"
وفي هذا السياق، يقول أستاذ إدارة الأزمات والصراع في جامعة الحديدة
(غربا)، نبيل الشرجبي، إن أوكرانيا واحدة من أهم وأكبر مصدري القمح للعالم وليس لليمن،
مضيفا أن اليمن قد اعتمد لفترات طويلة على القمح الأوكراني ثم الروسي؛ لأنه في الغالب
كان يأتي دون اشتراطات سياسية مثل ما هو الحال أثناء شراء القمح من الولايات المتحدة.
وأشار الأكاديمي اليمني إلى أنه ربما كان الضرر سيكون أكبر مما هو لو
لم يكن اليمن يشهد حربا، إذ أن مادة القمح صارت تؤمن من قبل المنظمات الدولية والوكالات
التابعة لها، حيث أصبحت تلك المنظمات تتحمل الجزء الأكبر في تأمين القمح.
لكن الشرجبي يعتقد أن هناك أخطارا أكبر نشبت بسبب تفجر ذلك الصراع في
أوكرانيا، وتتلخص في "عدم قدرة أوكرانيا على القيام بتصدير مادة القمح هذه الفترة
بسبب الحرب، وهو أيضا ما يقلل من قدرة ومسؤولية المنظمات الدولية على توفير النسب المطلوبة
لسد احتياجات اليمنيين".
كما أن "كثيرا من الأموال والمساعدات التي كانت تحصل عليها المنظمات
الدولية لسد الحاجات الإنسانية في اليمن سوف تتوقف أو تقل بشكل كبير جدا، وذلك بسبب
أن أغلب تلك المساعدات كانت تأتي من قبل الدول الأوروبية التي ستقوم بتوجيه تلك المساعدات
للنازحين الأوكرانيين إلى بعض الدول في أوروبا الشرقية.
وهناك خطر "ارتفاع أسعار القمح بسبب تلك الحرب الدائرة بين روسيا
وأوكرانيا، بسبب ارتفاع تكاليف نقل القمح، والذي يتطلب تمويلا إضافيا كبيرا قد لا تقدر
على توفيره الجهات الدولية".
وأوضح الأكاديمي الشرجبي أن كل العوامل المصاحبة لتلك الحرب تنذر بتفاقم
أكثر في الوضع المعيشي، إضافة إلى رفع فاتورة الحصول على مادة القمح بنسب لا تقدر عليه
غالبية الأسر اليمنية.
وأكد أنه على الرغم من عدم مرور وقت كبير لاندلاع الحرب الروسية الأوكرانية،
فإن الكثير من تجار القمح في اليمن قاموا بزيادة أسعار القمح في الأيام السابقة،
وهو ما يعطي مؤشرا بأنه في حال ترك السوق دون ضبط من الجهات الرسمية فإن الوضع "آيل
للكارثة".
"تداعيات سلبية"
فيما أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء، مطهر العباسي، في تصريح لـ"عربي21"، أن "الأزمة الروسية الأوكرانية سيكون لها تداعيات سلبية على الأمن الغذائي لمعظم
الدول النامية ومنها اليمن".
وفي منشور سابق له، عبر صفحته بموقع "فيسبوك"، قال العباسي،
الذي شغل سابقا منصب نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي بصنعاء: "إن روسيا تتصدر
قائمة الدول المنتجة والمصدرة للقمح في العالم، ويصدر القمح الروسي إلى معظم دول العالم؛ لجودته وأسعاره المنافسة مقارنة بالدول المصدرة الأخرى".
وأضاف أن اليمن يستورد معظم احتياجاته من القمح من كل من روسيا وأوكرانيا،
موضحا أن "فصل روسيا عن نظام سويفت سيصعب من تدفق القمح إلى الدول المستوردة، وسيؤدي
إلى ارتفاع سعر الخبز في موائد العديد من الدول".