هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تشكل الانتخابات التركية المقرر عقدها في حزيران/ يونيو 2023، أهمية حاسمة لدى المجتمع التركي، ولعل السباق بشأنها قد بدأ مبكرا بخلاف الانتخابات السابقة، وعنوانها يتركز ما بين الاستمرار في النظام الرئاسي، أو التحول إلى "النظام البرلماني المعزز"، ومقترحات للمعارضة بتوسيع التحالف.
المعارضة التركية في خطاباتها تسعى لتكريس فكرة أنها التي ستحكم البلاد، وتحشد حراكها باتجاه الانتقال إلى "النظام البرلماني المعزز"، لكن مرحلة ما بعد الانتخابات تثير مخاوف وقلق الكثير من الناخبين الأتراك، بالإضافة إلى أن هناك إشكاليات وتساؤلات بشأن "توسع تحالف المعارضة" والخطوات التي تلي الانتخابات.
الناخب التركي لا يقتنع بالنقد والاتهامات فقط
صحيفة "صباح" في تقرير للكاتب برهان الدين دوران، أشار إلى أن انتخابات 2023 مرشحة لتأخذ مكانها في الحياة السياسية بالبلاد، باعتبار أن لها ميزة خاصة عن غيرها، وبالإضافة إلى وجود أطول فترة حملات انتخابية، من المفهوم أن فترة ما بعد الانتخابات ستكون الأكثر مناقشة لدى الرأي العام التركي.
وأشار دوران وهو رئيس مركز "سيتا" للدراسات، إلى أنه بالنظر إلى الوراء، فإن التحول السياسي الذي أحدثه الرئيس أردوغان في تركيا منذ ما يقارب العقدين من الزمن "استثنائي"، ولعل المكسب الأكبر هو أن السياسة والسياسيين أصبحوا أكثر فاعلية بشكل كبير، والأمر متروك الآن للسياسيين لتحديد نوع الدولة التي ستكون عليه تركيا بعد 2023.
وأضاف أنه على سبيل المثال إذا كان بالإمكان تغيير النظام السياسي والحصول على دعم الناخبين وضمان العدد المطلوب من النواب في البرلمان، فسيتم تنفيذ ذلك، وأيضا قد يتم تنفيذ سياسات جديدة بشأن القضايا السياسية الأمنية العليا.
اقرأ أيضا: تحركات نشطة لداود أوغلو لتشكيل"تحالف جديد" للمعارضة
وأشار الكاتب إلى أن تجاوز أردوغان لـ"المذكرة الالكترونية عام 2007"، وقضية حظر حزب العدالة والتنمية عام 2008، ومحاولات الانقلاب في 17- 25 كانون الأول/ ديسمبر 2013، و15 تموز/ يوليو 2016، والانتقال إلى النظام السياسي في 2017، جعل المؤسسة السياسية في البلاد تحتل موقعا حساسا.
ونوه إلى أن حقبة ما قبل أردوغان، لم تكن فيها المؤسسة السياسية والسياسيون أكثر حسما في تقرير مستقبل تركيا، ولذلك فإن العبء السياسي في البلاد يزداد.
وتابع بأن الناخب التركي لا يقتنع فقط بالنقد والاتهامات، وينتظر قائدا ورؤية وبرنامجا سياسيا يمكنه حمل البلاد إلى ما بعد عام 2023، وأصبحت المعارضة التي أدخلت نفسها في مزاج "سنفوز" تدرك ذلك بشكل متزايد.
ويتزايد من يرى في دوائر المعارضة الآن أن الفوز ليس مضمونا، وأنه حتى لو تم الفوز فإن هناك الكثير من المشاكل الإدارية، ويقولون: "ما لم يتم تشكيل تحالف واسع يخطط أيضا لعملية الانتقال، فقد يفوز أردوغان هذه المرة" كما يشير دوران.
أردوغان فرصه أفضل.. والناخب التركي لا يعلق الأمل على المعارضة
وأضاف: "أولئك الذين يقدمون التحذيرات بأن "الفوز ليس مضمونا" و"سنخسر مرة أخرى" و"لم يتبقى سوى القليل من الوقت" و"دعونا نخطط للعملية الانتقالية أولا" و"دعونا نخلق تحالفا جديد".. يحاولون توسيع مكانهم أيضا".
ورأى أن المعارضة بعيدة كل البعد عن إنتاج مرشح رئاسي وبرنامج سياسي يمكن أن ينافس أردوغان وتجربته، كما أن الناخب التركي يتوقع حل المشاكل الاقتصادية من الحكومة، ولا يعلق الأمل على المعارضة، ولا يزال غير قادر على رؤية بديل من المعارضة يمكن أن ينتقل بتركيا إلى ما بعد عام 2023.
وأضاف أن الناخب التركي لديه تساؤلات في ذهنه تكمن في أن "تزايد الشكوك في النظام الدولي والمشكلات المحيطة بتركيا، كيف ستكون في مرحلة ما بعد الانتخابات؟" إذا فازت المعارضة.
وأوضح أن حالة أحزاب المعارضة الـ(6+1) والتي لا يمكن التوافق بينها حول ما يجب القيام به في القضايا الحرجة لتركيا، لا تخلق الثقة لدى الناخب التركي.
ورأى أن مرحلة "ما بعد الانتخابات" إذا فازت المعارضة تثير القلق والتساؤلات لدى الناخب التركي، وبصفته الزعيم الذي يعرف جيدا "الأولوية السياسية" في المعادلات الاقتصادية والسياسة الخارجية، فإن أردوغان لديه الكثير من الفرص للفوز في انتخابات 2023.
إشكالات جوهرية تعاني منها المعارضة
الكاتب التركي عبد القادر سيلفي، ذكر في مقال على صحيفة "حرييت"، أن المعارضة التركية، تتحدث عن التخلص من أردوغان وانتخاب رئيس جديد، وتعديل الدستور وإعادة البلاد إلى النظام البرلماني مرة أخرى، وأنهم سيحلون كافة المشاكل، ولكن "هناك معضلة في ’التحالف الموسع‘.. أين سيجلس قادة المعارضة عند الإعلان عن المبادئ؟".
وأضاف، أن "قادة المعارضة الذين يريدون ذلك لم يحددوا بعد الترتيب الذي سيجلسون فيه، وسيأتي علي باباجان وأحمد داود أوغلو في المقدمة إذا كان بالترتيب الأبجدي، وإذا كان الترتيب حسب العمر، فسيجلس تمل كارامولا أوغلو وكمال كليتشدار أوغلو في المقدمة، ومهما كان الترتيب فإنهم سيعيدون تركيا إلى العصر القديم".
اقرأ أيضا: هل عززت إجراءات أردوغان الأخيرة شعبية "العدالة والتنمية"؟
وتابع بأن هناك إشكالية أخرى، تكمن في اسم التحالف، حيث يعترض باباجان وداود أوغلو منذ البداية على اسم "تحالف الأمة" ولم يبديا الرغبة في الانضمام إليه، بسبب قلقهم من شن أردوغان حملة عليهم ليقول: "لقد ذهبوا تحت عباءة حزب الشعب الجمهوري ووقفوا لصالحه"، وعليه فإنهم يوصون بتغيير اسم التحالف وشكله.
ورأى الكاتب سيلفي، أن هناك إشكالية حقيقية بشأن مستقبل المعارضة وهي جوهرية، ويرى داود أوغلو الذي التقى ميرال أكشنار وكليتشدار أوغلو، أنه يجب الإجماع على مبادئ قبل تسمية المرشح الرئاسي.
تساؤلات هامة.. واختلاف على المرشح المشترك
وأوضح أن هناك تساؤلات حول "كيف سيتم ضمان الانتقال إلى النظام البرلماني؟ كيف سيتم إجراء التعديلات على الدستور؟ ما الخطة الأولى الواجب القيام بها للقضاء على المظالم؟".
وتابع بأن التساؤل الأبرز هو: "كيف سيوافق الشخص الذي سيتم انتخابه رئيسا على نقل سلطاته؟" من أجل الانتقال إلى النظام البرلماني المعزز.
وأشار سيلفي إلى أن التحالف المقترح يجلب الأحزاب التي لديها أصوات بنسبة 1 بالمئة في موقع رئيسي.
ويرى باباجان، بحسب الكاتب التركي، أنه لكي يتم استقطاب الناخبين المحافظين، فإنه تجب تسمية مرشح للرئاسة من غير حزب الشعب الجمهوري، في إشارة لترشيح نفسه لأن يكون المرشح المشترك.
وتؤيد ميرال أكشنار، ترشيح إمام أوغلو للرئاسة، لكن كليتشدار أوغلو يعارض ذلك، وتجادل أوساط داخل حزب الجيد، أنه إذا فرض زعيم حزب الشعب الجمهوري نفسه كمرشح للرئاسة، فإن ذلك سيفتح المجال لقادة الأحزاب أن يكونوا مرشحين وأبرزهم أكشنار.
وأوضح سيلفي، أن مجموعة داخل حزب الجيد تدعم ترشيح أكشنار، ويعتقدون بأنها بهويتها القومية المحافظة ولأنثويتها فستكون أوفر حظا من كليتشدار أوغلو.
ورأى أن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي لن ينضم إلى تحالف المعارضة، وسيشكل تحالفا ثالثا يضم مكونات يسارية.
العودة إلى النظام البرلماني.. واختلاف السياسة الداخلية والخارجية
الكاتب التركي جيم كوتشوك، أشار إلى أن المعارضة تتحدث عن العودة إلى النظام البرلماني لكنها لا تشرح كيف سيكون ذلك.
وتابع في مقال على صحيفة "Türkiye Gazetesi" أنه يجب أن يتلقوا دعم ما لا يقل عن 368 نائبا حتى يتم استفتاء، أو 400 نائب من أجل تمير تعديل دستوري للبرلمان، كما أن الرئيس يجب أن يكون منهم.
وأضاف أن المعارضة ما زال ليس لديها مرشح مشترك، وهناك تساؤل: "هل سيتعاون الشخص الذي سيتم انتخابه جنبا إلى جنب مع أحزاب المعارضة للانتقال إلى النظام البرلماني؟".. مؤكدا أن إمام أوغلو إذا كان مرشحا مشتركا وفاز بانتخابات الرئاسة فإنه لن يقبل بالعودة إلى النظام البرلماني.
وتابع بأن السياسة التي سيطبقها تحالف المعارضة غير معروفة بعد، وكليتشدار أوغلو بتصريحاته يلمح بأنه سيكون مرشحا للانتخابات.
ولفت على سبيل المثال، إلى أن أحد الوعود التي يتحدث عنها كليتشدار أوغلو، "إرسال اللاجئين السوريين إلى بلادهم"، والتساؤل هنا: "هل شركاء التحالف باباجان وداود أوغلو مع هذه الفكرة.. أم إنهم سيعارضون كليتشدار أوغلو كونهم يدعمون وجود اللاجئين في تركيا؟".
وذكر أنه عندما تجتمع خمسة إلى ستة أحزاب لا تشبه بعضها، فإن من الصعوبة التوصل إلى مرشح مشترك، كما أن السياسة الداخلية والخارجية هناك اختلافات في الرأي بين أحزاب التحالف حولها، وباختصار فإنهم يواجهون مهمة صعبة للغاية.
اقرأ أيضا: صراع داخل "الشعب الجمهوري".. وبروز "الكماليين" و"الأكرميين"
الكاتبة التركية كوبرا بار في تقرير على صحيفة "خبر ترك"، ذكرت أن هناك العديد من التساؤلات أبرزها: "إذا فاز مرشح المعارضة في انتخابات الرئاسة، فما هي سلطاته التي سيستخدمها وأيها التي سيتنازل عنها؟.. متى سيتم طرق أبواب الشعب التركي من أجل تغيير النظام؟.. ماذا سيفعلون إذا لم يتمكنوا من العثور على 360 برلمانيا للتحول إلى النظام البرلماني؟".
وأضافت أنه يجب على المعارضة الاتفاق على هذه الأسئلة بالكامل ثم الخروج إلى الناخب التركي لتوضيحها.
وأشارت إلى أن هناك مسألة أخرى وهي إصرار داود أوغلو على التمثيل المتساوي بين أحزاب المعارضة، وهذا يعني أنه ستحصل نقاشات حادة بينها بشأن التوزيع المتساوي للحقائب الوزارية.