آراء ثقافية

هل يعرف السيد هاني شاكر حكاية بروكروست؟

 قياسا على المجال العام يرى السيد شاكر في الفنانين فئتين: فئة تشبه السلطة وتتماهى معها وأخرى لا تشبهها- صفحته الشخصية
قياسا على المجال العام يرى السيد شاكر في الفنانين فئتين: فئة تشبه السلطة وتتماهى معها وأخرى لا تشبهها- صفحته الشخصية

ثمة أسطورة يونانية شهيرة تحكي عن سرير "بروكروست".. بطل الأسطورة هو بروكروست، الذي اشتهر بسبب سريره الذي لم يُعرف له مثيل، رغم أنه كان سريرا عاديا، لكن صاحبه هو الذي صنع منه أسطورة.


كان بروكروست يعيش في منطقة أتيكا، وكان يغوي المارة والمسافرين بالمبيت في سريره، وفور أن يأوي المسافر التعس إلى السرير، يسارع بروكروست إلى مطابقة جسد ضيفه مع السرير.

 

فإذا اختلفا، تدخل بروكروست وبتر أطراف ضيفه إن كان جسده أكبر من مقاس السرير، أو يقيد ضيفه ويشده ليمط جسده حتى تتخلع مفاصله؛ المهم أن يطابق الجسدُ المسكين مقاسَ السرير.

يعتبر الفلاسفة والمفكرون أن "البروكروستية" حالة فكرية ونفسية بائسة، تقود صاحبها إلى فرض قوالب غير منطقية على المعطيات التي يستقبلها، فتكون النتيجة أن تخضع الأفكار والأشخاص والموضوعات التي يتلقاها مع ما القوالب الجاهزة، التي يؤمن بها من قبل.

 

لذا لا يمكن أن يتغير الإنسان المريض بعقلية بروكروست. وهكذا هم الطغاة دائما؛ لا يكادون يراجعون أنفسهم لحظة.

فإذا كان للديكتاتورية أب بعيد فلعله يكون بروكروست هذا.

يخاف بروكروست من التعدد، يقاوم الاختلاف، بالقدر الذي يهدر به حقوق البشر البسيطة في أن يكونوا أفرادا متنوعين ومستقلين! وكما لا يقبل البروكروستيون تنوع البشر، يقمعون حقوقهم في التعبير عن ذواتهم.

 

لذا لا نكاد نجد القمع إلا وجدنا معه هذا النوع من التفكير، سواء في الفن أو السياسة أو الأدب.. إنه ذلك الوهم المضحك الذي يصور لصاحبه أنه يملك نسخة واحدة من الحقيقة، وما عداها ضرب من البؤس!

في معظم أحاديثهم، يتحدث الطغاة عن "نسق" ما من الصواب المطلق، الواضح وضوح الشمس بحيث يغدو مَن يعارضه متآمرا أو مجنونا.

 

وقد يسهل علينا أن نفهم سبب انتشار هذا النمط من التفكير بين طغاة السياسة، من حيث إنهم يرون العالم عبر منظور واحد: هم السادة وسائر الشعب عبيد مرهونون لمصلحتهم.

يسهل علينا فهم ذلك لدى رجال السياسة، أما في الفن، فيبدو الأمر غريبا حقا. فمنذ أيام، قد أوقف هاني شاكر رئيس نقابة المهن الموسيقية المصرية 19 مطربا من مطربي المهرجانات عن الغناء، لأنه يرى أصواتهم غير مناسبة للغناء، كأنه لم يسمع آلاف الأصوات الغنائية في العالم، التي يظهر في بعضها بحة واضحة، أو نوع من عدم النقاء، الذي يراه محبو الفن دالا على الشقاء، ومتسقا مع الطابع الغاضب أو المأساوي الذي يطبع أغاني هذا الفنان أو ذاك. 

لم يعد أحد الآن يفكر في أصوات الفنانين كما السابق؛ لا أحد يشترط نقاء الصوت أو حلاوته ونعومته، أو قوته حتى، كما تحرر الناس من قوالب الغناء التي تربّى عليها نقيب المهن الموسيقية السيد شاكر!

عبر قرون، تأسس فهم البشر للفن باعتباره خروجا عن المألوف وكسرا للقيود؛ ظمأً دائما للحرية ورغبة في الانعتاق عبر الإبداع.

 

لا يكاد تاريخ الفن يذكر لنا مبدعا ذاع صيته وخلد اسمه لأنه يقدس التقاليد البالية، بل نحن يذكر المبدعين والفنانين، الذين خرجوا على المألوف فجدّدوا الشعر والرسم والموسيقى..

لماذا إذن يفكر السيد هاني شاكر على طريقة بروكروست؟

يبدو الأمر مرتبطا بانحطاط المجال العام وفرض التوجه السياسي للسلطة المصرية على شتى مناحي الثقافة والفن.

 

فالدراما الرمضانية صارت نوعا من التطبيل الفني للأجهزة السيادية، والأغاني الوطنية تتسابق في التغني بجهود وزارة الداخلية، حتى إنها سجّلت سابقة فنية بإنتاج أغنية تفخر بافتتاح سجن جديد، بدلا من الإعلان عن إغلاق سجون مثلما تفعل الدول المتحضرة..

لا يقصد هذا المقال إلى مناقشة فكرة سياسية، بل يحاول أن يتأمل تلك الحالة الفنية العبثية، التي تقبض فيها السياسة القامعة على خناق الفن، فتطرد الفن الحقيقي وتفتح الباب لمخرجين يرصون عبارات النفاق بدلا من سبك أحداث درامية متقنة، وتجعل من السيد هاني شاكر "شاويشا" يحركه السادة الضباط بتوجيهات مباشرة.

قياسا على المجال العام، يرى السيد شاكر في الفنانين فئتين: فئة تشبه السلطة وتتماهى معها، وفئة لا تشبهها مهما كان السبب.

 

الفئة الأولى مرحب بها، أما الفئة الأخرى فهي آثمة، رجيمة بطبيعتها، مطرودة من المجال العام. عمرو دياب يشبه السلطة؛ ذو مال ونفوذ، له كثير من المعجبين من صفوة المجتمع المصري.. أما مغنو المهرجانات فهم هؤلاء البعيدون عن عالم الكومباوندات الراقية، المحرومون من رضا السلطة.

يصرح السيد شاكر بلا خجل: "دور النقابة إني أحافظ على أعضائي والمهنة والشكل العام ومينفعش نبقى في عصر فيه السيسي ويبقى ده الفن اللي متصدر.." هذا يكاد يلخص كل شيء: الفن في عصر السيسي يجب أن يشبه السيسي وقومه، لا مجال إذن لهؤلاء المطربين البائسين.

 

من يرغب في الحياة في مصر، عليه أن يشبه رئيسها.. ربما يفسر لنا ذلك تجاوز شاكر عن ويجز فهو خريج الجامعة الأمريكية، أو محمد رمضان، ملك البلطجة الأول في الدراما المصرية، فهو مرضي عنه من طبقة الأرستقراطية العسكرية التي تدير البلد.

من الطريف أيضا أن سبب إيقاف أحد هؤلاء المطربين (حسن شاكوش) هو خلاف شخصي بين شاكوش وزميله رضا البحراوي، اللذين تبادلا الاتهامات والإساءات على حساباتهما على الفيس بوك، ورأى شاكر في كلام شاكوش تطاولا وسوء أدب، فعاقبه بالمنع من الغناء، وهذه سابقة غريبة، فلم نسمع عن منع فنان من ممارسة فنه لأنه "قليل الأدب"!

لا يُعقل أبدا أن تقتصر أي فضاء فني حقيقي على فئة واحدة، تتحدث الإنجليزية بطلاقة وتسكن العاصمة الإدارية الجديدة!

4
التعليقات (4)
محمد سالم عبادة
الثلاثاء، 23-11-2021 06:44 ص
طيب بغضّ النظر عن رضا السلطة، هل نفهم من هذا أن مطربي المهرجانات بعيدون عن عالم الكمپاوندات الراقية فعلا؟ إذا افترضنا أنهم كما يقول المقال مجرَّدين من النفوذ، فهل هم كذلك مجرَّدون من المال؟ أثار المقال نقطة مهمة للغاية، تتعلق بحلاوة الصوت والحق في الغناء. لكنه لم يتابعها لتقصّي إمكانية انسحاب هذه الرؤية على عالَم الأغنية العربية. هل المشكلة مشكلة (بحّة) صوت فحسب؟ هل هذا حقا ما يميز مطربي المهرجانات؟ هل إيقاف عضوياتهم في النقابة سيمنعهم حقا من الغناء على أرض الواقع والتعامل مع علب الليل وقنوات الإنتاج المختلفة؟!
محمد
الثلاثاء، 23-11-2021 04:12 ص
ماهو الفن الذي قدمه شاكر و أضراب شاكر..لم يقدموا غير الفجور و الخلاعة و المجون..أخذوا من كلمة(الفن) بوابة ليفجروا و يشيعوا الفاحشة بين الناس.
نسيت إسمي
الإثنين، 22-11-2021 08:14 م
'' هاني شاكر و الأسطورة اليونانية '' 1 ـ (على طريقة عادل إمام في فيلم "مين فينا الحرامي"1984) تلتقي الصحفية الشابة الحسناء (سحر) مع (حسين) في لندن ويعودان الى مصر حيث يتعرّف على والدها (عاصم) مدير الشركة الذي اختلس منه أخوه التوأم (شريف) مبلغًا كبيرًا وأخفاه "في السرير" إلى أن يبيع (حسين) أثاث الشقة حتي يتمكن من اخراج أخيه (شريف) من السجن بعد القبض عليه شريف استغلال الشبه بينه وبين أخيه لكي يتمكن من الخروج من السجن والبحث عن قطعة الأثاث التي تم التخلص منها.في هذا الفيلم أثار مشهد "تحت السرير" بين عادل إمام والفنانة فريدة سيف النصر، غضب الفنانة الشهيرة وذلك بسبب انتشار فيديوهات على موقع يويتوب تتضمن مشاهد لها من أفلامها، تحت وصف "فيديو ساخن"، وقالت إن البعض يضع عناوين مثيرة على مشاهد من أعمالي الفنية، خصوصًا مشهدها مع الفنان عادل إمام وحكت الفنانة فريدة سيف النصر خلال حلولها ضيفا في برنامج "كل يوم"، الذي يقدمه الإعلامي وائل الإبراشي على شاشة " one "، أنها تتحدى أي شخص يجد مشهد إغراء واحد في أعمالها الفنية، مشرة إلى أنها فشلت في حذف هذه الفيديوهات وخاصة المشهد مع الفنان عادل إمام تحت السرير وجملته الشهيرة بنقفش الفراخ من موقع "يوتيوب"، قائلة: "بيكتبوا عليها مشاهد ساخنة، لحد ما حسيت إني فُرن، اللي بيعمل كده بيبيعني، لأن أنا عندي ابن وأهل". والفنانة فريدة سيف النصر ممثلة مصرية، ولدت في حي العجوزة بمدينة القاهرة، اكتشفها في بداياتها المخرج حسام الدين مصطفى، وأيضًا الفنان جورج سيدهم الذي ضمها لفرقة ثلاثي أضواء المسرح، ومن أهم أعمالها السينمائية: (مين فينا الحرامي، بديعة مصابني، أبناء الصمت، ديل السمكة)، ومن أهم أعمالها التليفزونية: (بدون ذكر أسماء، شيخ العرب همام، عفاريت السيالة، الرحايا).وفي النهاية السرير متحملش قدورة وسونيا الرقاصة لتتحطم الأسطورة اليونانية . '' 2 ـ هاني شاكر من عمالقة الفن المصري فهو صاحب صوت رائع و قوي ، أحبه الجمهور لتميزه عن غيره من الفنانين بأسلوبه و اختياره للأغاني ، يذكر أنّ هاني شاكر تعرض لأزمة نفسية إثر وفاة ابنته دينا مؤخراً و التي أوصته قبل وفاتها بأن يغني طول عمره ، كلمات أغنية غلطة :غلطه ندمان عليها .... وبقولك واسمعيها..قلبي مش ملك ايدك .... او لعبه بتلعبيها..غلطه وندمان عليها..حسستك بالامان .... واديتك الحنان.. وحاجات كتير زمان .... ماقدرتيش تفهميها..ماقدرتيش تفهميها ? قلبي ضيعت حقه .... ضيعتيه رغم صدقه..ونهايه حبه ليك .... انت اللي بتكتبيها..غلطه .... ندمآآآان عليها..رغم الحب الكبير .... مش حافضلك اسير..مالكيش احلام بقلبي .... ويايا تكمليها..ويايا تكمليها..قلبي ضيعت حقه ... ضيعتيه رغم صدقه..ونهايه حبه ليك ..... انت اللي بتكتبيها..غلطه ........ ندمآآآآآآآآآآآآان عليهاغلطه ... (اغنية بعمل نسيت هاني شاكر) بعمل نسيت وكأني علي بعده رضيت..كنت فاكر أني هعيش وأتاريني أنتهيت..قولت يومين هيعدوا عليا هنسي حكايتي معاه..شايفه في كل مكان جوايا ويتكلم وياه..عمره ماراح عن بالي شوية..كل دقيقة تعدي عليا بلوم نفسي أني مشيت..سبته في وقت ما كان محتاج ليا وأديني حنيت..لو بس الايام ترجع كنت استنيت..كل دقيقة تعدي عليا بلوم نفسي أني مشيت..سبته في وقت ما كان محتاج ليا وأديني حنيت..لو بس الايام ترجع كنت استنيت..احساسي بيه بقي ليل نهار واخدني ليه..هو فاكر أني نسيت الحنان اللي في عينيه..احساسي بيه بقي ليل نهار واخدني ليه..هو فاكر أني نسيت الحنان اللي في عينيه..ده انا من يومها وقلبي واجعني ربنا عالم بيا..ازاي بس ضميري طاوعني وضيعته بإيديا..نفسي يكون دلوقتي سامعني شايف دمع عينيا. 3 ـ (من مصر إلى الجزائر) باقة مختارة من أغاني رضا الطالياني هدية لجمهور "جاري يا جاري" رضا الطالياني.. مابيني يا خوتي مابيني أغنية رضا الطلياني بصوت اصالة نصري .. اغنية جزائرية رضا الطلياني خبز الدار يكلو البراني ...
منصور
الإثنين، 22-11-2021 02:07 م
الكاتب كذب كذبه و اخذ يكبر بها حتى اصبحت مقالا هاني شاكر طرد هؤلاء من النقابه ليس لانهم على مقاس ما و انما لان كلمات اغانيهم هابطه بل خلال غنائهم البعض منهم يوحي بحركات جنسيه على المسرح . و المصيبه ان كل مصر تعرف هذا بما فيهم كاتب المقال