هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد القيادي الإسلامي التونسي الدكتور عبد اللطيف المكي، أن القوى السياسية التونسية بدأت في الانتقال تدريجيا من موقفي البهتة والشماتة من انقلاب 25 من تموز (يوليو) الماضي، إلى توحيد المواقف وتقريب المسافات وتأجيل المحاسبات إلى حين إنهاء الانقلاب والعودة إلى المسار الديمقراطي.
وأكد المكي في حديث خاص مع "عربي21"، أن هناك شعورا متزايدا لدى غالبية القوى السياسية، بأن المستقبل الديمقراطي في تونس أصبح مهددا بسبب غموض مشروع قائد الانقلاب.
وقال في سياق حديثه عن مظاهرة أول أمس الأحد المناهضة للانقلاب: "هناك قناعة لدى غالبية القوى السياسية في تونس أن المستقبل الديمقراطي أصبح مهددا وأن الرئيس لا يملك مشروعا، وهو لا يستمع لأحد، ويريد الجميع مصفقا، وآخرهم حركة الشعب التي بدأت تأخذ بعض المسافة، هذا جعل القوى السياسية تنتقل من البهتة والشماتة إلى توحيد المواقف وتقريب المسافات وتأجيل المحاسبات لعدم إضاعة المستقبل، وهذا إيجابي وحراك الشعبي ضروري لتفنيد مقولة التفويض الشعبي التي كان الانقلاب يتحجج بها".
ورأى المكي أن "المبادرة السياسية التي قدمت من طرف ’مواطنون ضد الانقلاب‘ تتحلى بالواقعية والوضوح، وهذا مهم، ويمكنه إرسال رسالة مهمة بأن المعارضة ليست عدمية، وأن القوى السياسية لها رؤية سياسية لما بعد إنهاء الانقلاب".
وأضاف: "لم ينهزم الشارع، بل انهزمت المقولات التي استعملها الانقلاب، بأن الشارع مع الرئيس، حيث لم يبق في مساندة الرئيس إلى أحزاب وطدية، (نسبة إلى الوطد)، وقد بدأت المساندة الشعبية تتقلص، لأن الرئيس لم يف بوعوده، وجاءت أحداث عقارب لتؤكد أن الرئيس لا يحاور وأنه مستعد للجوء للقوة لتنفيذ مشروعه".
وأكد المكي أن "الشارع الآن يتسلح بمبادرة ديمقراطية سلمية قدمها في مظاهرة ضخمة أول أمس الأحد، على الرغم من أن وزارة الداخلية اجتهدت اجتهادا كبيرا لمقاومتها والحد من تأثيرها".
وحول الدور الموكول للاتحاد، وما إذا كان يعتقد أن الاتصال الهاتفي بين الرئيس والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، اصطفافا من هذا الأخير إلى جانب الرئيس، قال المكي: "بناء على تجربة الاتحاد مع قيس سعيد قبل 25 تموز (يوليو) الماضي في علاقة بالحوار الوطني الذي اقترحه الاتحاد، فإنه لا يمكن الجزم بأن هناك شيئا متينا وقويا بين الرئيس والاتحاد العام التونسي للشغل، ولذلك فحتى تصريحات الأمين العام لاتحاد الشغل كانت حذرة، وقال بوضوح: لا تحملوا مكالمتي أكثر مما تحتمل".
وأضاف: "صحيح أن بعض قيادات الاتحاد حاولت أن تقترب بموقف الاتحاد من مواقف أحزابها، لكن موقف الأمين العام حاول إضفاء شيء من الانسجام فلم يؤكد لا مساندة واضحة ولا معارضة واضحة، وهذا يجعل من المبكر الحكم على موقف الاتحاد لا سيما أن الرئيس ما زال يرفض الحوار مع الأجسام الوسيطة، ويريد الاستقواء بالحوار مع الشباب على القوى السياسية".
وحول موقع الإسلاميين ضمن الحراك الشعبي الرافض للانقلاب، قال المكي: "الإسلاميون كانوا أوفياء للثورة.. وأنا هنا أتحدث عن الجمهور العريض للإسلاميين وقواعدهم، الذين قدموا وما زالوا يقدمون، وجزء مهم من الحراك هم منهم، لكن قيادتهم قامت بأخطاء كبيرة وللأسف لم تستخلص الدروس اللازمة، وعدم تنحيها كما فعل قادة العدالة والتنمية في المغرب رسالة سلبية".
واستبعد المكي أن تلجأ السلطة القائمة في تونس إلى أسلوب الاستئصال ضد الإسلاميين، وقال: "لن يكون هنالك استهداف ممنهج وشامل لأي فئة سياسية بما في ذلك النهضويين، هذا يعتبر مخاطرة كبيرة من السلطة، ولا أعتقد أنها ستذهب في هذا، ولن يقبل المجتمع ولا منظمات المجتمع المدني باستهداف شامل وممنهج".
وأضاف: "ليست لي أي مخاوف أو شكوك، ولا أقصد ملفا قانونيا ضد هذا الشخص أو آخر.. وإنما أعني أن الاستهداف الممنهج مستبعد.. التونسيون قاوموا بورقيبة وبن علي، ثم العشر سنوات الماضية فعلت فعلها، وأكسبت الشعب التونسي حصانة لا بأس بها ضد أي نزوع نحو الدكتاتورية مجددا"، وفق تعبيره.
وشارك آلاف التونسيين، أول الأحد، في مظاهرة حاشدة بالشارع المحاذي لمقر البرلمان، وسط العاصمة، للتنديد بالإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/ تموز الماضي، وحاول بعضهم الوصول لمبنى البرلمان.
وجاءت المظاهرة، تلبية لدعوة مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" لتنظيم وقفة احتجاجية، دفاعا عن الشرعيّة الدستورية والبرلمانية وتضامنا مع السلطة القضائية "ضد محاولات التركيع والهيمنة".
وتأسست مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، المؤلفة من نشطاء وحقوقيين ومواطنين، تزامنا مع إعلان سعيد تلك الإجراءات "الاستثنائية"؛ كتحرك رافض لها.
ومنذ 25 تموز (يوليو) الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية حين بدأ رئيسها قيس سعيد اتخاذ إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة، وتشكيل أخرى جديدة عَيَّنَ هو رئيستها.
وترفض غالبية القوى السياسية في تونس قرارات سعيد الاستثنائية، وتعتبرها "انقلابا على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس آنذاك، زين العابدين بن علي.
وخلال أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) الماضيين، شهدت العاصمة التونسية تحركات احتجاجية شارك فيها الآلاف للتنديد بقرارات سعيد، الذي بدأ في 2019 ولاية رئاسية مدتها 5 سنوات.
إقرأ أيضا: هل يسقط حراك "مواطنون ضد الانقلاب" إجراءات سعيّد؟