سياسة تركية

هل تنفذ تركيا عملية برية بسوريا دون الاتفاق مع روسيا؟

تعزز تركيا قواتها في الشمال السوري وسط حديث عن عملية عسكرية محتملة في تل رفعت- الأناضول
تعزز تركيا قواتها في الشمال السوري وسط حديث عن عملية عسكرية محتملة في تل رفعت- الأناضول

في ظل الحديث عن عملية تركية محتملة في شمال سوريا لا سيما في تل رفعت، تثار التساؤلات حول الموقف الروسي وإمكانية السماح لأنقرة بتنفيذ خطوة عسكرية في منطقة تتواجد فيها قواتها والنظام السوري إلى جانب الوحدات الكردية المسلحة.

 

وتواصل تركيا تعزيز قواتها قبالة المناطق التي تشكل تهديدا لها في الشمال السوري، كما ذكرت وسائل إعلام تركية، ولكن التساؤل الأبرز "هل تجازف تركيا بعملية عسكرية دون موافقة روسيا"؟ و"هل تتعاون الأخيرة مع أنقرة في مواجهة الوحدات الكردية المسلحة؟".

 

ما بين أب/ أغسطس 2016، وأذار/ مارس 2017، نفذت تركيا عملية "درع الفرات"، والتي انطلقت من جرابلس غربي الفرات، وامتدت إلى أعزاز غربا والباب جنوبا.

 

وفي 20 كانون الثاني/ يناير 2018 أطلقت عملية "غصن الزيتون"، لوضع حد لمقاطعة عفرين التي كانت تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية، وكانت تل رفعت جزءا من تلك المقاطعة، وفي 24 أذار/ مارس 2018 تمكنت القوات التركية برفقة الجيش الوطني السوري من السيطرة على عفرين، ولم تقم القوات بالوصول إلى تل رفعت.

 

وكان مطار منغ الواقع شمال بلدة تل رفعت الذي تمركزت فيه القوات الروسية عام 2016، ذا أهمية كبيرة في مسار العملية العسكرية التركية عام 2018ـ وبعد السيطرة على عفرين كانت التصريحات من أنقرة تشير إلى استمرار العملية العسكرية إلى تل رفعت.

 

وفي 25 أذار/ مارس 2018 (بعد يوم من السيطرة على عفرين)، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن العملية العسكرية ستستمر حتى السيطرة على تل رفعت، وفي 30 أذار/ مارس أكد الرئيس التركي أن العملية ستتواصل للسيطرة على تل رفعت والمناطق المحيطة الأخرى.

 

اقرأ أيضا: تعزيزات تركية في سوريا.. والأولوية لمناطق "التهديد"
 

ورغم تصريحات الرئيس التركي، لم تتقدم القوات التركية باتجاه الشرق نحو تل رفعت بسبب الثقل الروسي هناك، وتوقفت العملية بالقرب من قاعدة منغ الجوية، حيث يرفع الجنود الروس العلم في القاعدة المجاورة لمركز تل رفعت.

 

ومع سيطرة القوات التركية على مركز مدينة عفرين، انتقل عدد كبير من وحدات حماية الشعب الكردية إلى تل رفعت بتنسيق مع روسيا بحسب ما ذكرت مصادر في ذلك الوقت.

 

وفي النتيجة، لم تتمكن القوات التركية من التقدم باتجاه تل رفعت، وعززت وحدات حماية الشعب الكردية تمركزها في البلدة التي ينتشر فيها الآن إلى جانب المنظمة الكردية الروس وقوات الأسد والمليشيات الإيرانية.

 

وبقيت مسألة "تل رفعت" عالقة بين تركيا وروسيا في ذلك العام، والتقى الرئيس التركي نظيره الروسي فلاديمير بوتين في تموز/ يوليو 2018، وتطرقا لها، فيما ذكر المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالن أنه تم مناقشة قضية تل رفعت مع الإيرانيين والروس واصفا إياها بـ"نقطة شائكة".

 

وفي اتفاق سوتشي في 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 بين أردوغان وبوتين، عقب عملية "نبع السلام" التركية في شرق الفرات، تعهد الجانب الروسي بإزالة وحدات حماية الشعب الكردية في منبج وتل رفعت، فيما تتهم أنقرة موسكو بأنها لم تف بتعهداتها بشأن هذه القضية.

 

الكاتب التركي سيدات أرغين، في تقرير على صحيفة "حرييت"، أشار إلى أنه لا يمكن التغلب على مشكلة تل رفعت، وبالنظر إلى الموقف الروسي ما بعد أذار/ مارس 2018 (العملية التركية في عفرين)، فإنه رغم الحديث عن التزاماتها فإنها وقفت موقفا ثابتا وغير مستعدة لتغيير الوضع الراهن في تل رفعت بما يشمل ذلك وجود وحدات حماية الشعب الكردية.

 

وأوضح أنه في حال قامت روسيا باتخاذ خطوات حيال تلبية تطلعات تركيا فمن المحتمل أن تطلب منها في المقابل اتخاذ خطوات في مناطق أخرى وعلى سبيل المثال بإدلب، وقد يرغب الرئيس الروسي بتحويل القضية لمفاوضات مساومة.

 

وأشار إلى أنه مع طرح المسألة باتجاه آخر، وهو أن روسيا لم تغير موقفها الصارم ولم تبد أي تعاون مع تركيا، هل تجازف الأخيرة بقيام عملية عسكرية في تل رفعت رغم معارضة موسكو؟

 

ورأى أن أي عملية أحادية الجانب من تركيا، ستخلق مخاطر كبيرة سواء من حيث نتائجها على الأرض، أو في الميدان السياسي.

 

واستطرد أنه يجب مراعاة أن وحدات حماية الشعب الكردية ليست وحدها في الميدان، "ماذا عن القوات الروسية المتواجدة هناك؟". 

 

وتابع، بأنه في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين أنقرة وواشنطن حالة اضطراب، قد تندلع أزمة خطيرة مع روسيا التي أبدت مبادرات تعاون جديدة مع تركيا.

 

اقرأ أيضا: ما شكل العملية العسكرية التي قد تشنها تركيا شمال سوريا؟
 

وفي اتجاه آخر، أشار إلى أن إحدى القضايا المطروحة للتساؤل هي كيفية تقديم الدعم الجوي لأي عملية برية محتملة في تل رفعت؟ موضحا أن المجال الجوي في المنطقة الواقعة في غرب الفرات تقع تحت سيطرة روسيا، "ماذا سيحدث إذا أغلقت الأخيرة المجال الجوي أمام المقاتلات التركية؟".

 

واستدرك الكاتب التركي، أن عمليات "درع الفرات" و"غصن الزيتون" التركية كانت بالتنسيق مع روسيا التي سمحت للمقاتلات التركية باستخدام المجال الجوي.

 

وأضاف أن روسيا اتخذت موقفا مساندا لتركيا على صعيد المجال الجوي في العمليات ضد تنظيم الدولة في منطقة "درع الفرات"، ولكن عندما تحولت أهداف عمليات القوات التركية إلى حماية الشعب الكردية، تولدت مشاكل عدة في مسألة استخدام المجال الجوي وإغلاقه، مع نشر أنظمة الدفاع الجوي للنظام السوري.

 

ولفت إلى أنه في عملية "غصن الزيتون" رغم التعاون الذي أبدته روسيا في فتح المجال الجوي أمام الطائرات التركية، إلا أنها واجهت مشاكل إغلاق للمجال الجوي من روسيا لفترة قصيرة.

 

وشدد الكاتب على أن تنفيذ عملية برية في تل رفعت، دون الحصول على الدعم الجوي سيخلق مشاكل خطيرة، وعليه أيضا فإنه في حال تنفيذ عملية دون الاتفاق مع روسيا، فإن حوالي 10 آلاف عنصر من القوات التركية في إدلب سيصبحون دون حماية جوية قوية مما يشكل عامل خطر عليهم.

 

ورأى أن رسائل التحذير القادمة من أنقرة قد تشكل عامل ضغط على موسكو، مما يؤدي إلى حل المشكلة دون تصعيد مع بعض الخطوات التي سيتخذها الجانب الروسي ضد وحدات حماية الشعب الكردية.

 

وأشار إلى أن الحل بهذا الاتجاه يتناسب مع طبيعة العلاقات التركية الروسية في السنوات الأخيرة، ولكن غير مستبعد أن يتم الدخول في عملية تفاوض بين الجانبين يتم فيها طرح العديد من الملفات على الطاولة. 

التعليقات (2)
فراس
السبت، 16-10-2021 05:20 م
لن تجرؤ.
لن تفعل تركيا شيئاً
السبت، 16-10-2021 04:27 م
للأسف، أصبحنا نسمع هذه التصريحات التركية التي لا طائل من ورائها. وتركيا في تراجع مستمر منذ أكثر من عام ونصف، فهي تخشى أية رد فعل أمريكية أو أوروبية بتحريض من ماكرون، أو روسية حسب الحالة. ولن تفعل تركيا شيئاً. ربما توعز إلى قوات المعارضة السورية بالقيام بمناوشات واشتباكات محدودة لكن لن يزيد الأمر عن ذلك.