هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تسود تونس، حالة من الترقب، بعد يوم واحد من مشاركة عشرات الآلاف في مسيرة حاشدة، ضد انقلاب الرئيس قيس سعيّد، تخللها تضييقات متعددة من أبرزها إطلاق الغاز المسيل للدموع على المشاركين، وإغلاق الطرق بوجههم.
وحذر حقوقيون
تونسيون، من تصاعد استهداف الحريات في البلاد، بعد انقلاب الرئيس قيس سعيّد على
الحكومة والبرلمان.
عضو الهيئة
الوطنية للوقاية من التعذيب، في تونس، مروى الردادي تحدثت عن محاولات قمع الشرطة
للمتظاهرين، ولفتت إلى استخدام الغاز المسيل للدموع في التظاهرة المضادة لانقلاب
سعيّد.
ولاحظت
الهيئة تضييقا شديدا على المحتجين الأحد، مقارنة بالوقفات السابقة حيث تمت إتاحة
مدخل وحيد للولوج إلى مكان الوقفة الاحتجاجية أمام المسرح البلدي، ما تسبب في
حالات تدافع بين الوافدين، بحسب تصريحات الردادي.
وأكدت الردادي تسجيل اعتداء أمني على امرأة خمسينية على مستوى
الرأس، تم على إثرها نقلها إلى المستشفى.
وأشارت الردادي
إلى أنه تم منع أعضاء الهيئة المراقبين من التحرك بحرية في مكان الوقفة.
وقال مراد
العبيدي، المحامي وعضو "محامون لحماية حقوق الإنسان" إن "هناك حالة
فزع تجاه ما يحدث في تونس من قرارات استثنائية تكاد تلغي كل الحقوق والحريات التي
نص عليها الدستور".
وأضاف العبيدي
أن "هذه التدابير تكاد توقف العمل بالدستور.. ونحن بصدد مشاهدة ما يحدث من
مصادرة لحرية الكلمة ولعمل السياسي والنيابي".
ولفت إلى أنّ
"العملية السياسيّة المتوقفة منذ فترة تشهد على هذا الهلع والخوف وأنّ ما
تشهده الساحة القضائية من ملاحقة لبرلمانيين رغم تمتعهم بالحصانة مخيف ومفزع".
وانتقد العبيدي
تلك التوقيفات والملاحقات، خاصة "ملاحقة الصحفيين ومصادرة كلمتهم التي ضمنها
الدستور والمواثيق الدولية".
وأكد أن
"الكلمة مهما كانت تبقى حرة ولا يجب أن يتم تكييفها بالجريمة إلى درجة يصبح
فيها الصحفي أمام حكم قد يصل إلى الإعدام وفق التهم التي يتضمنها القانون الجزائي
ومن بينها تهديد أمن الدولة".
وعلى صعيد آخر
اعتبر العبيدي أنّ اللجوء إلى "القضاء العسكري من قبل سعيد لا يدل إلا على
المحاكمة السياسية، ونحن اليوم أمام وجود توجه عالمي يهدف إلى منع محاكمة المدنيين
أمام القضاء العسكري واقتصاره على الجرائم العسكرية فقط".
اقرأ أيضا: "ارحل" تدوّي مجددا بشوارع تونس.. هل يستجيب سعيّد؟ (شاهد)
وفي ما يتعلق بحرية التنقل، قال العبيدي: "أصادق على ما قاله سعيد سابقا، بأن حرية التنقل لا يمكن المساس بها وهو حق كوني تضمنه المواثيق الدولية.. ولكن وقع المساس بهذا الحق".
وشدد على أن "حرية التنقل من الحقوق الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الإنسان عموما".
وأشار إلى أن "أكثر من مواطن وسياسي وبرلماني وقع منعه من مغادرة البلاد.. وهو ما لا يعني
أننا احترمنا هذه الحقوق المقدسة والأساسية؟".
وترى صحيفة
نيويورك تايمز الأمريكية، أن تونس "فشلت" في تحقيق المرجو منها بعد 10 أعوام
على الثورة ضد نظام ابن علي.
واعتبرت الصحيفة
أن انقلاب سعيد، جعل "من الصعب سرد قصة مليئة بالأمل عن الربيع العربي"،
في ظل تحذير الحقوقيين والأحزاب والقضاة والمحامين من "الانحراف
الاستبدادي" نتيجة قراراته.
ولفتت إلى أن تونس التي نالت تعاطف العرب،
والمؤيدين الغربيين ليست الآن أكثر من تأكيد نهائي على وعود الانتفاضات الفاشلة.
ونقلت الصحيفة عن طارق المجريسي، المتخصص في شؤون شمال
أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، توقع استمرار "الربيع
العربي.. بغض النظر عن مدى محاولتك لقمعه أو مدى تغير البيئة المحيطة به، سيظل
الأشخاص اليائسون يحاولون تأمين حقوقهم".
وقالت الصحيفة
إن سعيّد لم يجر أي اتصال مع مسؤولي صندوق النقد الدولي، الذين ينتظرون التفاوض
على خطة إنقاذ وفقا لدبلوماسي غربي كبير، ولم يتخذ أي إجراءات "سوى أن يطلب
من بائعي الدجاج وتجار الحديد تخفيض الأسعار وإخبارهم بأن ذلك واجبهم الوطني".
ورأت الصحيفة
أنه "بالنسبة للحكومات الغربية، التي دعمت الانتفاضات في البداية ثم عادت
باسم الاستقرار إلى الشراكة مع المستبدين، قد تكون تونس بمثابة تذكير بما دفع
المحتجين العرب قبل عقد من الزمن وما يمكن أن يدفع بهم إلى الشوارع مرة أخرى".
وقال ياسين
العياري، النائب التونسي المستقل الذي اعتقال مؤخرا بعد أن ندد بإجراءات سعيد،
لـ"نيويورك تايمز": "ربما لم يكن الكثير من التونسيين يريدون الثورة. ربما يريد
الناس الدعة والأمن فقط.. لكني لا ألوم الناس. أتيحت لنا الفرصة لنريهم كيف يمكن
للديمقراطية أن تغير حياتهم، وقد فشلنا".
ويعتقد تونسيون
بحسب الصحيفة، أن جيل الشباب لن يتنازل بسهولة عن الحريات التي نشؤوا عليها. وقال
جوهر بن مبارك، صديق وزميل سابق لسعيد ويعارضه الآن: "لم نستثمر في ثقافة
ديمقراطية لمدة 10 سنوات من أجل لا شيء.. في يوم ما، سيرون أن حريتهم في الواقع
معرضة للخطر، وسيغيرون رأيهم".
واحتشد الأحد عشرات
الآلاف وسط العاصمة، تونس، رفضا لانقلاب الرئيس قيس سعيّد، على الحكومة والبرلمان،
وسط تضييق من قوات الأمن وسد للطرقات أمام المتظاهرين.
ووقعت مناوشات بين
الأمن التونسي والمتظاهرين، وأطلقت غازات مسيلة للدموع لتفريقهم، ما تسبب في
العديد من حالات الاختناق.
ورفع عشرات
الآلاف شعارات " الشعب يريد ما لا تريد"، و"الشعب يريد عزل
الرئيس"، و"ارحل"، و"الحرية لقناة الزيتونة"، و"يا
أمن يا جمهوري ما تبعش الدكتاتوري".
وعرفت العاصمة حينها إجراءات أمنية مشددة جدا -على غير عادة الوقفات السابقة- وحملة تفتيش واسعة.
وكانت السلطات
التونسية، رفضت السماح لرافضي الانقلاب، بالتظاهر في شارع الحبيب بورقيبة الحيوي
وسط العاصمة، والسماح به في شارع محمد الخامس، لكنها قامت قبل التظاهرة بسد الطرقات
المتجهة إليه، ومحاولة إعاقة الحشود من الوصول إلى المكان.
وعلى الرغم من
التضييق الأمني، فإن المتظاهرين تدفقوا إلى الشارع، رافعين لافتات منددة بسعيّد،
وأخرى تطالب برحيله عن الرئاسة، بسبب قراراته "الانقلابية".