أكد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال مارك
ميلي، أنه لم يشك يوماً بالوضع العقلي للرئيس السابق دونالد
ترامب في نهاية
ولايته، رغم تأكيده أنه تحدث لأحد صحفيين أصدرا كتابا هذا الشهر وتحدثا عن هذه
المسألة.
وقال الجنرال ميلي في جلسة استماع أمام الكونغرس حول
الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، في أول تعليق له حول هذه المسألة: "أنا على
يقين من أنّ الرئيس ترامب لم يكن ينوي مهاجمة
الصينيين، وكان يقع على مسؤوليتي
المباشرة باسم الوزير توضيح تعليمات الرئيس ونواياه".
وأكد أن اتصالاته تمت بعلم كبار المسؤولين في إدارة
ترامب. وقال: "الاتصالان في 20 تشرين الأول/ أكتوبر و8 كانون الثاني/ يناير
تم التنسيق بشأنهما قبل وبعد (الاتصال) مع فريق وزير الدفاع (مارك) إسبر والقائم
بأعمال وزير الدفاع (كريس) ميلر، ومع الاستخبارات".
وأضاف: "أبلغت بشكل شخصي كلاً من وزير الخارجية
حينها مايك بومبيو وكبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز بشأن الاتصال، من بين
مواضيع أخرى، وبعد ذلك بوقت قصير، حضرت اجتماعاً مع كريس ميلر، القائم بأعمال وزير
الدفاع، والذي أطلع أعضاء لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ على الاتصال".
وأوضح أنه أجرى هذه الاتصالات بعدما حذرت الاستخبارات من
أن الصين تعتقد أن هجوما عسكريا أمريكيا ضدها كان محتملا. وذكر أن الاتصال الأول
جاء بناء على توجيه من إسبر، فيما الاتصال الثاني جاء بعد الهجوم على الكونغرس،
لطمأنة الصين، وكان بالتنسيق مع فريق ميلر.
لكنه أكد أنه لم يكن يحاول في أي وقت من الأوقات التأثير
على سلسلة الأوامر، "لكن كان متوقعا مني إعطاء نصيحتي والتأكد من أن الرئيس
على اطلاع كامل"، مشددا في الوقت نفسه على أنه كان على ثقة بأن ترامب لم يكن
ينوي مهاجمة الصين.
ونفى تشكيكه بقدرات ترامب العقلية، وقال: "ليس مؤهلا
للبت في الصحة العقلية لرئيس الولايات المتحدة".
وكان كتاب صدر هذا الشهر قد أشار كشف عن إجراء ميلي
اتصالين بنظيره الصيني خلال الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب،
في ظلّ مخاوف حول الحالة العقلية للأخير حينذاك، حيث سعى رئيس الأركان لطمأنة
نظيره الصيني لي زوتشينغ بشأن احتمال توجيه ضربة للصين.
وأقر ميلي خلال الجلسة بأنه تحدث لأحد صحفيين أصدرا
الكتاب، لكنه لم قال إنه لم يقرأ الكتاب بعد لتأكيد مدى دقة ما ورد فيه.
ويفصّل كتاب "الخطر" للصحفيين بوب ودورد وروبرت
كوستا مخاوف ميلي ومسؤولين كبار آخرين في الأمن القومي بين تشرين الأول/ أكتوبر
و20 كانون الثاني/ يناير الماضيين؛ من أن ترامب الغاضب من هزيمته في الانتخابات قد
يشعل نزاعا عسكريا مع الصين أو إيران.
كما يذكر أن مسؤولي البنتاغون فهموا أن الصين تخشى هجوما
أمريكيا، وربما تخطئ في قراءة بعض التحركات الأمريكية مثل المناورات العسكرية
المخطط لها على أنها تحضير لذلك.
وأضاف الكتاب أن الجنرال ميلي ومن دون علم ترامب اتصل
بقائد الجيش الصيني لتهدئة مخاوفه، وليؤكد له أن الولايات المتحدة لا تخطط لاتخاذ
لأي خطوة عسكرية، وأن الاضطراب السياسي ليس سوى الوجه "القذر"
للديمقراطية.
ومع تصاعد التوتر في واشنطن بشأن محاولات ترامب في أوائل
كانون الثاني/ يناير الاحتفاظ بالسلطة، اجتمع الجنرال ميلي بنوابه جميعاً وطلب
منهم إبلاغه في حال سعى الرئيس لإطلاق سلاح نووي.
وبعد نشر مقتطفات من الكتاب هذا الشهر، طالب السيناتور
الجمهوري ماركو روبيو بأن تتم إقالة ميلي.
وفي رسالة وجهها إلى الرئيس جو بايدن، اتهم روبيو رئيس
الأركان بأنه "عمل بنشاط على تقويض سلطة القائد العام للقوات المسلّحة
الأمريكية، وأراد تسريب معلومات سرية الى الحزب الشيوعي الصيني".
كما توجّه ترامب بالنقد الى ميلي حيث وصفه بشتّى النعوت،
محمّلاً إيّاه مسؤولية الانسحاب الفوضوي للقوات الأمريكية من أفغانستان في آب/
أغسطس.
وقال ترامب في بيان: "أفترض أنه سيحاكم بتهمة
الخيانة لأنه كان سيتعامل مع نظيره الصيني من وراء ظهر الرئيس".
من جانبه، أعرب بايدن عن "ثقته الكاملة" برئيس
الأركان. وصرحت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي للصحفيين بأنّ الرئيس لديه
كامل الثقة بـ"قيادة" الجنرال كيلي و"وطنيته ووفائه
لدستورنا".
وكان ميلي قد أكد سابقا أنّ المحادثتين الهاتفيتين اللتين
أجراهما مع الجنرال الصيني تندرجان في إطار عمله وواجباته.
وقال الكولونيل ديف باتلر المتحدث باسم ميلي في بيان
أصدره بعد نشر مقتطفات الكتاب: "رئيس هيئة الأركان المشتركة يتواصل بانتظام
مع قادة الجيوش في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الصين وروسيا".
وأضاف أنّ "اتصالاته مع الصينيين وآخرين في تشرين
الأول/ أكتوبر وكانون الثاني/ يناير كانت تتماشى مع هذه الواجبات والمسؤوليات،
وتحمل التطمينات من أجل الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي".
وقال باتلر إنّ الاجتماع كان ببساطة "لتذكير القادة
في البنتاغون بالإجراءات الراسخة والقوية" بشأن الأسلحة النووية. وأضاف
"يواصل الجنرال ميلي العمل وتقديم المشورة في نطاق صلاحياته وبموجب الأعراف
القانونية للسلطة المدنية على الجيش".