هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اشتهر بصلابته المبدئية لدرجة الجمود رغم "خفة ظله"، وعشقه للنظام وكره الفوضى.
جمع بمقدرة انضباطية دقيقة بين القائد العسكري الميداني المحترف والقائد السياسي المتمرس في التفاوض.
كان يحترم التعددية والرأي الآخر، ويمقت التزلف والتعدي على حقوق الآخرين، بحسب مصادر متعددة. لذلك حظي باحترام القوى الوطنية الفلسطينية واللبنانية والإسلامية وقوى الجبهة العربية المشاركة في الثورة.
الرجل الرابع في منظمة التحرير الفلسطينية
كان يعد الرجل الرابع في منظمة التحرير بعد كل من الشهداء، ياسر عرفات (أبو عمار)، وصلاح خلف (أبو إياد)، وخليل الوزير (أبو جهاد).
سعد صايل، المولود عام 1932 في قرية كفر قليل في محافظة نابلس، تلقى دراسته في مدارس نابلس، والتحق عام 1951 بالكلية العسكرية الأردنية حيث تخصص في الهندسة العسكرية، وعمل فترة طويلة في الجيش الأردني، وكان برتبة عقيد.
شارك بالعديد من الدورات العسكرية ذات المستوى الرفيع والمتطور التي عقدت في بريطانيا، ومصر، والولايات المتحدة، والعراق، والاتحاد السوفييتي، والعديد من الدول الاشتراكية، ذات العلاقة بجوانب متعددة، من بينها: الدفاع الجوي، وتصميم الجسور وتصنيفها. بين عامي 1954 و1966.
واصل عمله في الجيش الأردني في أعقاب احتلال الضفة الغربية عام 1967، وكان له دور في معركة الكرامة التي وقعت عام 1968، حيث كان يدار تنسيق مشترك ما بين الفدائيين، وضباط الجيش الأردني وعلى رأسهم سعد صايل "أبو الوليد".
تدرج سعد صايل في رتبه العسكرية، حيث أسندت إليه قيادة لواء الحسين بن علي.
وتقول مصادر تناولت سيرته الذاتية إنه سجن مرتين في السجون الأردنية، واتهم في المرة الثانية بمحاولة اغتيال الملك الراحل الحسين بن طلال، من خلال زرع الألغام تحت الجسر الرابط بين الضفتين الغربية والشرقية، حيث كان المشرف على بنائه، وقد تمت تبرئته من التهمة عام 1963.
وعلى وقع أحداث عام 1970 في الأردن، انضم لصفوف منظمة التحرير الفلسطينية، وعمل مديرا لهيئة العمليات المركزية لقوات الثورة الفلسطينية.
لعب دورا بارزا في إعادة بناء أجهزة الثورة الفلسطينية
وكان له دور بارز ومهم، نظرا لخبرته العسكرية في إعادة بناء الأجهزة العسكرية للثورة الفلسطينية، وتدريب القوات إلى جانب "أبو عمار"، "أبو جهاد"، ومحمد يوسف النجار، وآخرين.
أهلته خبرته العسكرية لتولي موقع مدير هيئة العمليات المركزية لقوات الثورة الفلسطينية، وعضو في القيادة العامة لقوات العاصفة، وعضو في قيادة جهاز الأرض المحتلة بعد أن تمت ترقيته إلى عميد، كما تم اختياره عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني، وانتخابه عضوا في اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، في مؤتمرها الذي عقد في دمشق عام 1980.
شارك في قيادة عمليات المقاومة ضد الجيش الإسرائيلي إبان حصار بيروت بالمشاركة مع قوات الحركة الوطنية اللبنانية، ولقب بـ"مارشال بيروت" رغم أنه يحب مناداته بـ"أبو الوليد".
ترأس المفاوضات التي كانت تجري بعد حصار جيش الاحتلال الإسرائيلي لبيروت، حيث كانت تجري المفاوضات مع وفد أمريكي، برئاسة الدبلوماسي فيليب حبيب في بناية سكنية في بيروت، وفي بيت رئيس الوزراء اللبناني آنذاك شفيق الوازن.
بعد انسحاب مقاتلي منظمة التحرير من بيروت عام 1982 عقب التوصل لاتفاق، توجه "أبو جهاد"، و"أبو إياد"، وهايل عبد الحميد (أبو الهول)، وسعد صايل إلى سورية من أجل التخطيط لتجميع القوات الفلسطينية المنسحبة من بيروت.
كان "أبو الوليد" يركز على عودة القوات الفلسطينية إلى منطقة البقاع اللبنانية حتى يعاد تشكيلها بالشكل الصحيح، وأن تباشر عملها العسكري ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكان فكره بتوجيه العمليات المباغتة ضد قوات الاحتلال المتواجدة في البقاع الغربي، أو عمليات قصف بالأسلحة الصاروخية.
أشرف على عمليات نوعية
أشرف على عدد من العمليات العسكرية النوعية كان من أبرزها أسر ثمانية جنود إسرائيليين، والتي مكنت الثورة الفلسطينية من تحرير أسرى معسكر أنصار.
وحين كان وزير الجيش الإسرائيلي آريئل شارون يراقب خروج منظمة التحرير من برج "رزق" أعلى أبراج بيروت، قرر "أبو الوليد" تنفيذ عملية أخيرة ضد الإسرائيليين، الأمر الذي زاد من إصرار الاحتلال على جعله ضمن الدائرة الأولى للاغتيال.
وحين كان المقاتلون يغادرون بيروت تعطلت الباخرة المتجهة إلى تونس، وأمر حينها "أبو الوليد" بأسر جندي إسرائيلي، وبالفعل تمكن المقاتلون من أسر جندي إسرائيلي، وتمت مبادلته مقابل إطلاق سراح الباخرة المتوقفة والتي كانت تحمل معدات عسكرية، وحصلت التسوية بأن يتم تنزيل جزء من المعدات في قبرص والبعض الآخر في تونس.
حادثة اغتياله
وصلت برقية إلى قيادة منظمة التحرير، مفادها بأن الموساد الإسرائيلي سيقدم على تنفيذ عمليات اغتيال بحق القيادات الفلسطينية الموجودة في البقاع اللبناني، والذي من المفترض عدم وجودهم بناء على اتفاقية فيليب حبيب. وكان "أبو الوليد" في مركز هذه الدائرة.
صبيحة يوم 27 أيلول/سبتمبر عام 1982 أول أيام عيد الأضحى، وفي ظل تواجد قيادات المنظمة في الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج، قرر "أبو الوليد" المعايدة على القوات الفلسطينية المتواجدة في البقاع رغم زيارته لهم قبل يوم واحد.
ولحظة وصوله فتح مسلحون النار على موكب "أبو الوليد" والذي كان يضم ثلاث مركبات، وقتل فورا السائق في المركبة الأولى، وأصيب أبو الوليد الذي كان في السيارة الثانية بالفخذ الأيمن وتعرض لقطع في الشريان الفخذي، وتوقف قلبه إثر النزيف الشديد الذي تعرض له بعد إصابته.
وتقول روايات متعددة إن سعد صايل نقل إلى موقع سوري يبعد نحو 400 متر عن موقع الكمين، وأخبرهم طبيب سوري برتبة ملازم أنه بحاجة إلى عملية سريعة، فاتصل مع قائد اللواء 91 العميد محمد غانم، والذي أمر بإرسال طائرة لنقله إلى المستشفى، لكنه بعد دقائق اتصل ليعتذر لعدم وجود مروحية.
اضطر الوفد المرافق لنقله إلى مستشفى الراهبات، لكنهم رفضوا استقباله كونهم لا يستقبلون حالات تعرضت لإطلاق نار، وبعدها تم نقله إلى مستشفى المواساة بدمشق بواسطة سيارة إسعاف، وعند وصوله رفضوا تقديم الإسعافات الأولية له، معللين ذلك بأنهم بحاجة إلى موافقة أمنية.
استشهد أبو الوليد في مستشفى المواساة بدمشق بعد أن توقف قلبه إثر النزيف الشديد الذي تعرض له. ودفن في مقبرة الشهداء بمخيم اليرموك في دمشق.
وتشاء الأقدار أن يكون ضريحه وضريح رفيقه "أبو جهاد" عرضة لجريمة ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي قام بجرف مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك.
أطلق اسم سعد صايل على العديد من المؤسسات الفلسطينية مثل الأكاديمية الأمنية في أريحا، ومواقعَ للقوات الأمنية بغزة، ومدرسة في نابلس، وعدة أماكن ومؤسسات أخرى. وصدرت عدة كتب تتناول سيرته الذاتية وتفاصيل حياته ودوره العسكري ونضاله.
حين التحق سعد صايل بالثورة قال قوله الشهير: "قررت الالتحاق بصفوف الثوار لأدافع عن الحق بكل ما أستطيع". رحل "أبو الوليد" بعدما دافع عن فلسطين قدر استطاعته وأكثر، كان رجلا صانعا للتاريخ أمضى حياته في الجندية والخنادق وسط أزيز الرصاص ودوي المدافع.