أثار قانون انتخاب رئيس الدولة في ليبيا، الذي تقدم به رئيس البرلمان عقيلة صالح أمس الأحد، إلى مفوضية الانتخابات، جدلا واسعا، على خلفية أنه جاء أحاديا ولم يخضع للحوار بين المؤسسات السياسية الليبية أولا، ولا بين مختلف الأطراف المكونة للبرلمان الليبي.
فقد أعرب المجلس الأعلى للدولة (استشاري ـ نيابي)، في بيان له، عن رفضه صدور هذا القانون عن مجلس النواب بشكل أحادي، بما يخالف اتفاق الصخيرات السياسي لعام 2015، والذي ينص على التشاور بين المجلسين قبل صدور القوانين.
وأعرب 22 عضوا في مجلس النواب، عبر بيان، نشرته وكالة أنباء "الأناضول" عن استغرابهم إزاء إحالة عقيلة صالح قانون انتخاب رئيس الدولة من دون التصويت عليه داخل البرلمان.
من جهته، دعا الكاتب والباحث الليبي في شؤون الفكر الإسلامي عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الفرقاء السياسيين في ليبيا إلى تفعيل الدائرة الدستورية في المحكمة العليا التي تم تعطيلها أيام السراج وغسان سلامة والمجلس الأعلى للقضاء، من أجل الاحتكام إليها في حل الخلاف حول القوانين الانتخابية والدستورية التي يمكن أن تواجه الليبيين في مسعاهم لتأسيس الدولة الديمقراطية.
واستغرب الصلابي في حديث مع
"عربي21" من تجاهل السياسيين الليبيين لمؤسسة القضاء، وتساءل: "لماذا لا يتم تفعيل المحكمة الدستورية؟ ولماذا لا نسمع رأي القضاء في القضايا الخلافية ومنها قانون انتخاب رئيس الدولة؟ هل الأجسام الحالية تخشى القضاء؟ وهل سمعتم دولة تخشى من القضاء؟".
وأكد الصلابي، أن "الانتخابات تبقى هي الطريق الأقصر والأسلم والأكثر جدية لرسم معالم الانتقال الديمقراطي المنشود في ليبيا، شريطة أن تبنى على أسس قانونية عادلة وجادة، وليس على مقترحات من هذا الطرف أو ذاك خدمة لأجندات أصبحت معروفة للجميع".
وأضاف: "في كل دول العالم الديمقراطي يحتكم الناس دوما إلى مؤسسة القضاء لحسم خلافاتهم، فلماذا في ليبيا فقط يتجاهل برلمان عقيلة صالح ومجلس خالد المشري ورئاسة محمد المنيفي وحكومة دبيبة المؤسسة القضائية بل ويتم إبعادها؟".
واعتبر الصلابي أن الجهد الذي قام به أصدقاء ليبيا، سواء دول الجوار أو عدد من العواصم العربية والدولية، هو جهد محمود وساعد في تقريب وجهات النظر من دون شك، لكنه أكد أن "القرار في نهاية المطاف يبنى بيد الليبيين الذين عليهم أن يحسموا أمرهم بالحوار الجاد، وبالعمل المؤسساتي النزيه، وعلى رأس ذلك القضاء، بعيدا عن التلويح بالقوة أو التزوير أو الاستقواء بالخارج".
وأضاف: "الليبيون دفعوا ثمنا باهظا من أجل حريتهم، ولا أعتقد أن محاولات الالتفاف على إرادتهم ببناء الدولة الديمقراطية يمكنها أن تنجح، لذلك فإن الطريق الأقصر والأجدى هو تفعيل مؤسسة القضاء والاحتكام إليها في أي قضايا خلافية وعلى رأسها قانون انتخاب
رئاسة الدولة"، على حد تعبيره.
وكانت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، قد أعلنت أمس الأحد، تسلمها رسميا قانون انتخاب رئيس الدولة، وهو صادر عن مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق شرق البلاد.
وقالت المفوضية في بيان نشرته في صفحتها على موقع "فيسبوك": إنها تسلمت "القانون رقم (1) لسنة 2021 الصادر عن مجلس النواب بشأن انتخاب رئيس الدولة".
وأوضحت أن القانون "يتضمن 77 مادة توضح اختصاصات الرئيس وشروط وإجراءات الترشح والاقتراع".
وأثارت المـادة 12 من القانون جدلا واسعا؛ لأنها تمنح الراغب بالترشح، سواء كان مدنيا أو عسكريا، حق الترشح دون أن يستقيل من عمله، وتسمح له بالعودة إلى منصبه إن خسر، وهو ما اعتبره منتقدون تمهيدا لترشح اللواء المتقاعد، خليفة حفتر.
وشهدت ليبيا، قبل أشهر، انفراجا سياسيا، برعاية الأمم المتحدة، ففي 16 آذار (مارس) الماضي، تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة ومجلسا رئاسيا، مهامها لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية، في 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
لكن حفتر ما زال يتصرف بمعزل عن الحكومة الشرعية، ويقود مليشيا تسيطر على مناطق عديدة، ويلقب نفسه بـ"القائد العام للجيش الوطني الليبي"، منازعا المجلس الرئاسي في صلاحياته.