هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
برز مؤخرا اسم الناشط السياسي نزار بنات، والذي اغتالته الأجهزة الأمنية، في الضفة الغربية المحتلة، مع انتقاداته لمشروع التسوية وقضايا فساد السلطة الفلسطينية.
نزار بنات "42 عاما"، من سكان بلدة دورا جنوب الخليل، وكان أحد مرشحي قائمة "الحرية والكرامة" في الانتخابات التشريعية التي كان مقررا أن تجري في أيار/ مايو الماضي، لكن رئيس السلطة محمود عباس قام بتأجيلها.
الناشط السياسي، اشتهر بمعارضته للسلطة والتنسيق الأمني ومشروع التسوية مع الاحتلال الإسرائيلي، وظهر في فيديوهات عدة انتقد فيها رموزها أيضا في قضايا عدة لها علاقة بالفساد.
وذكرت عائلته، أنه تعرض لأكثر من ثماني حوادث اعتقال في السنوات الماضية على يد الأجهزة الأمنية، كما أنه أشار في فيديوهات إلى تعرضه للتعذيب والقمع في سجون السلطة.
وفي أيار/ مايو الماضي، أطلق مسلحون الرصاص وقنابل الغاز على منزله في مدينة الخليل، حيث كانت زوجته بالداخل مع أطفالهما أحدهم رضيعة لم تتجاوز "40 يوما" في ذلك اليوم.
اقرأ أيضا: تنديد فلسطيني بمقتل نزار بنات.. ونشطاء: "خاشقجي فلسطين"
نزار بنات يترك خلفه رضيعة لم تبلع الشهرين
باغتياله على يد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، حرمت طفلته التي لم تكمل الشهرين من والدها، كما أن لدى "أبو كفاح" ابنة أخرى كان من المقرر أن تشارك اليوم في اختبارات الثانوية العامة لكنها لم تستطع واستقبلت يومها بفاجعة تصفية والدها بدلا من تقديم الاختبار المصيري.
من أبرز انتقاداته للسلطة.. هكذا تحدث عن اغتيال المعارضين
أبرز انتقاداته كانت لرئيس هيئة الشؤون المدنية حسين الشيخ، الذي وصف عودة العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي بـ"الانتصار".
لم يستبعد نزار بنات إمكانية قتله، وذكر في منشورات سابقة، أنه تعرض للتهديد بالاغتيال من عناصر يتبعون للأجهزة الأمنية، وكتب منشورا على الفيسبوك أشار فيه إلى الآلية التي تعتمدها الأجهزة الأمنية التابعة لرام الله في تصفية معارضيها.
وكتب في المنشور الذي نشره الشهر الجاري: "حين تغتال السلطة أحد معارضيها، تتصرف بالطريقة التالية: التعميم على التنظيم، ومنتسبي الأجهزة بعدم الكلام في الموضوع نهائيا، ومحاصرة حالة التعاطف مع الضحية، بفرض الصمت المطبق، حتى لا يكون استنكار الهجوم موقفا اجتماعيا عاما".
وأضاف: "بعد يومين أو ثلاثة، يبدأون ببث الإشاعات أن الموضوع ليس سياسيا، بل اجتماعي، أو غيره، ويبحثون عن قصص تضع الضحية موضع شك بدل الإجماع، وكذلك محاولة إنكار وقوع الجريمة ذاتها، والتشكيك بالرواية من أساسها".
وختم بأن السلطة "تستخدم دوائر الضغط الاجتماعي المتحالفة معها من أجل طمر القضية في النهاية".
واتهم نزار بنات، عناصر من حركة فتح، بشن حملة تحريضية ضده على مواقع التواصل الاجتماعي، وصلت لمزاعم "التعاون مع الاحتلال" و"الخيانة"، وهو ما نفاه.
ما قصته عام 2013 مع وزير الاقتصاد الفلسطيني؟
في "المؤتمر الوطني لمقاطعة الاحتلال"، والذي عقد في مدينة بيت لحم عام 2013 شارك وزير الاقتصاد الفلسطيني في ذلك الوقت جواد الناجي، في الفعاليات، لكن حدث مشادة كلامية بينه وبين نزار بنات بسبب توجيه الأخير انتقادات لرئيس السلطة، وحالة التناقض لدى السلطة لاسيما في مسألة التنسيق الأمني.
قام الوزير الفلسطيني بالتهجم اللفظي على بنات مما دفع الحضور لمساندته وطرد الوزير من قاعة المؤتمر.
وبعد مغادرته قاعة المؤتمر، قال بنات إن "اثنين من مرافقي الوزير يرافقهم أحد الأشخاص "مفتول العضلات" اعترضوا السيارة التي كنت أستقلها أثناء توجهي إلى منزلي، وطلبوا مني الخروج من السيارة، إلا أنني رفضت طلبهم".
وأضاف: "فقاموا بإخراجي بالقوة واعتدوا علي بوحشية ما أدى إلى إصابتي بعدة إصابات ورضوض في معظم أنحاء جسدي"، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية في ذلك الوقت.
نزار بنات كان داعما للمقاومة والانتفاضة بالضفة
وبرز مؤخرا في مؤازرته للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أثناء العدوان الإسرائيلي، ودعا لمقاومة الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة، وكانت أبرز فيديوهاته مؤخرا عن القدس والشيخ جراح وقرية بيتا وجبل صبيح، بالإضافة للهبة الشعبية في الداخل المحتل.
ماذا قال عن السلطة للأوروبيين؟
ودخل الناشط السياسي بنات، في منعطف مع السلطة الفلسطينية، عندما تحدث في أيار/ مايو الماضي، مع وسائل إعلام أجنبية انتقد فيها فساد السلطة التي تحصل على التمويل من الاتحاد الأوروبي.
ونشر بنات على صفحته في "فيسبوك" رسالة بعثتها قائمة "الحرية والكرامة"، إلى الاتحاد الأوروبي، طالبت فيها بوقف الدعم المالي الذي تقدمه للسلطة الفلسطينية، إثر قرار رئيس السلطة بتأجيل الانتخابات التشريعية.
اقرأ أيضا: أجهزة السلطة تستدعي ناشطا فلسطينيا وتقتحم منزله بالخليل
ورأت الرسالة أن قرار عباس بإلغاء الانتخابات يعد غير شرعي وغير دستوري، ويمثل اغتصابا للسلطة وجريمة بحق الشعب الفلسطيني وقضيته.
وأعلنت القائمة الانتخابية أنها ستتوجه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، من أجل المطالبة بـ"وقف الدعم المالي للسلطة، وبفتح ملف التحقيق في الأموال المهدورة لدافعي الضرائب الأوروبيين من خلال ملفات الفساد المرفقة".
وقال بنات في لقاء مع وكالة "أسوشيتد برس": "يحتاج الأوروبيون إلى معرفة أنهم يمولون هذه المنظمة بشكل غير مباشر"، مضيفا: "إنهم يطلقون نيران بنادقهم في الهواء في احتفالات حركة فتح، وعندما يقاتل قادتها بعضهم البعض، وعلى من يعارضون فتح".
"صفقة اللقاحات" تغتال نزار بنات
أما المنعطف الآخر الذي دخل فيه بنات، فهو نشره فيديوهات هاجم فيها "صفقة اللقاحات" بين الحكومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، والتي تبين بأن السلطة حصلت على لقاحات ضد كورونا شارفت صلاحيتها على الانتهاء، واضطرت لإلغائها بعد الضجة الإعلامية.
يرى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بأن الفيديوهات المتعلقة بـ"صفقة اللقاحات" تقف خلف قرار الأجهزة الأمنية "التخلص منه وتصفيته".
وقال بنات في الفيديو إن "فضيحة اللقاحات ليست سلوكا جديدا من السلطة، وهناك أشخاص متنفذون ومرتزقة فيها، ويبدو أن هؤلاء يريدون ترك البلد خرابا قبل الخروج منها".
وانتقد نزار بنات، رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه، قائلا عنه إنه "محترف بإخفاء الفساد، لذلك تم وضعه في هذا المنصب من قِبل محمود عباس رئيس السلطة".
وشدد على أن "الخلل يكمن في القيادة الفلسطينية بالضفة الغربية التي تتاجر بكل شيء"، مضيفا: "كانوا يبيعون أسلحة الفدائي الفلسطيني التي كان يتبرع بها مناصرو القضية الفلسطينية لحزب الكتائب اللبنانية، وباعوا معارضا سعوديا مناصرا للفلسطينيين ناصر السعيد للسعودية بدراهم معدودات، وفضيحة اللقاحات سلوك ليس جديدا".
اقرأ أيضا: "تعرية ووحشية وإخفاء جثة".. عائلة بنات تروي لعربي21 ما حصل
كما أن نزار بنات هاجم السفارات التابعة للسلطة الفلسطينية، وأشار إلى أنها تعمل على "التجسس على الفلسطينيين".
مع تزايد الانتقادات التي وجهها نزار بنات ضد السلطة الفلسطينية، والتي شكلت حالة جديدة في ظل الهيمنة الأمنية بالضفة وكتم الأصوات المعارضة لها، جاء مقتل نزار بنات في منتصف الليلة الماضية، وبعيدا عن النظام والقانون كما يرى حقوقيون، حيث اقتحمت الأجهزة الأمنية منزله ليتعرض للضرب المبرح من حوالي 25 عسكريا، ويتم اعتقاله حيا وهو يصرخ.
هكذا تم اغتياله
وأوضح ابن عم الناشط بنات، لـ"عربي21" أنه "في تمام الساعة الثالثة والنصف من فجر اليوم الخميس، قامت قوة من جهاز الأمن الوقائي وجهاز المخابرات الفلسطينية العامة، مكونة من 25 فردا بينهم الضابط والعنصر، بمداهمة مكان إقامة نزار برفقة اثنين من أبناء العائلة".
وأضاف: "قامت هذه القوة باقتحام المكان بعد تفجير الأبواب والشبابيك، ولم يتم الاستئذان وفق الإجراءات القانونية المتبعة، واقتحموا الغرفة التي ينام بها".
وقال: "المنطق والقانون، يقول في هذه الحالة إنه يتم إيقاظه ومن ثم اعتقاله، إذا كانت هناك مذكرة توقيف أو جلب بحقه، علما بأنهم لم يظهروا أمورا من هذا القبيل".
وأكد أن "أفراد وضباط الأجهزة الأمنية، قاموا بتوجيه عدة ضربات مؤلمة لنزار مباشرة على رأسه وجسده عبر أداة حديدية وهراوات خشبية، ومن ثم قاموا برش نزار بثلاث علب من الفلفل الحار في عينيه وفمه، وقاموا بضربه بشكل وحشي ومبرح".
اقرأ أيضا: أمن السلطة يقمع احتجاجا برام الله ضد مقتل نزار بنات (شاهد)
ولفت إلى أن أفراد الأجهزة الأمنية، "قاموا بعد ذلك بتعرية نزار من ملابسه مع تواصل الضرب واللكمات بالأيدي والهراوات الحديدية والخشبية، وضربه بالمسدسات، ومن ثم تم اقتياد نزار حيا تحت الضرب إلى إحدى سياراتهم، وتم نقله، وكان من الطبيعي أن يتم نقله لأحد مقرات جهاز الأمن الوقائي أو المخابرات العامة".
ونوّه إلى أن القوة التي حضرت "قامت بأخذ نزار لجهة غير معلومة، ولم يتوجهوا به إلى أي من مقراتهم، وبعد ساعة من ذلك أعلنوا عن وفاة نزار في مستشفى "عالية" الحكومي بالخليل، إثر نوبة قلبية".
وأثار اغتيال بنات موجة غضب عاصفة في الأراضي الفلسطينية، ومنصات التواصل الاجتماعي، وطالب النشطاء بمحاسبة جميع المسؤولين في السلطة الفلسطينية عن اغتياله، فيما انطلقت مسيرات تطالب برحيل عباس.