ملفات وتقارير

ماذا تعني الإبادة الجماعية؟.. تعرف على حوادث تاريخية

رجلان من مسلمي البوسنة بين مئات التوابيت لرفات ضحايا الإبادة الجماعية- جيتي
رجلان من مسلمي البوسنة بين مئات التوابيت لرفات ضحايا الإبادة الجماعية- جيتي

مع استخدام الرئيس الأمريكي جو بايدن، مصطلح "الإبادة الجماعية"، لوصف الأحداث التي جرت عام 1914، خلال الحرب العالمية الأولى، والتي يزعم الأرمن أن الدولة العثمانية ارتكبت فيها مذابح إبادة بحقهم، يبرز المصطلح وتاريخ وجوده وإقراره من قبل الأمم المتحدة.

ويعود ظهور المصطلح للمرة الأولى، إلى العام 1944 من خلال المحامي البولندي اليهودي رفائيل ليميكن، الذي اشتق العبارة من اللفظ اليوناني "غينوس- genos" الذي يشير إلى القبيلة أو الأصل العرقي واللاحقة اللاتينية "سايد- cide" التي تعني القتل لتصبح "غينوسايد".

وجاء تطوير ليمكين للمصطلح للرد على ممارسات النازيين بحق اليهود في قضية الهولوكوست. لكنه قاد حملة عالمية لاحقا من أجل الاعتراف بالإبادة الجماعية كجريمة دولية.

واعترفت الأمم المتحدة بالإبادة الجماعية للمرة الأولى، جريمة بموجب القانون الدولي، في العام 1946، عبر الجمعية العامة، وصنفت جريمة مستقلة في اتفاقية عام 1948 لمنع جرائم الإبادة وفرض العقاب عليها. وصدقت على الاتفاقية الخاصة بها، 149 دولة.

ورغم أن العديد من الدول لم تصادق على الاتفاقية، إلا أن محكمة العدل الدولية، أكدت أنها جزء من القانوني الدولي، وهي ملزمة للجميع بموجب القانون وجريمة محظورة، ولا يسمح بانتقاص قاعدتها القطعية من قواعد القانون الدولي.

وجرت عملية تفاوضية بين الدول الموقعة على المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية، عام 1948، لدى صياغة الاتفاقية.


وتعرف المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية، الجريمة بأنها "كل الأفعال المرتبكة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية عبر قتل أعضاء الجماعة، أو إلحاق ضرر جسدي أو معنوي جسيم بأفراد من الجماعة، أو إخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يقصد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً أو فرض تدابير تهدف إلى منع الإنجاب داخل الجماعة، أو نقل أطفال المجموعة قسراً إلى مجموعة أخرى".

 

إقرأ أيضا: بايدن و"إبادة الأرمن".. نشطاء يتساءلون عن العراق وأفغانستان

وتنص اتفاقية الإبادة الجماعية في المادة الأولى على أن جريمة الإبادة الجماعية، قد تحدث في سياق نزاع مسلح، دولي أو غير دولي، ولكن أيضًا في سياق الوضع السلمي. وهذا الأخير أقل شيوعًا ولكنه لا يزال ممكنًا. وتنص المادة نفسها على التزام الأطراف المتعاقدة بمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

لكن المادة الثانية تحتوي على تعريف ضيق لجريمة الإبادة الجماعية، يتضمن عنصرين:

الأول العنصر العقلي، عبر نية التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية عرقية أو دينية بصفتها هذه.

والثاني عنصر مادي، يشمل الأفعال الخمسة الآتية بصورة شاملة: قتل أفراد الجماعة، وإلحاق ضرر جسدي أو معنوي جسيم بأفراد من الجماعة، وإخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يقصد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً، وفرض إجراءات تهدف إلى منع الإنجاب داخل الجماعة ونقل أطفال المجموعة قسراً إلى مجموعة أخرى".

ووفقا لبيانات الأمم المتحدة في تعريف الإبادة الجماعية، فإن النية هي العنصر الأكثر صعوبة في تحديد، ما إذا كان الحدث إبادة جماعية أم لا، حيث ينبغي توفر هذا الشرط من جانب الجناة لتدمير قومية أو عرقية أو إثنية، فضلا عن ربط السوابق القضائية للنية بوجود دولة أو خطة تنظيمية أو سياسة لارتكاب الجريمة رغم أن قانون الإبادة لا يشمل هذا العنصر.

وشددت الأمم المتحدة، على أن يكون الضحايا تم استهدافهم بصورة متعمدة، وليست عشوائية بسبب ارتباط حقيقي بالمجموعات الأربع المحمية وفق القانون الدولي، وأن التدمير كان مقصودا بمجموعة بعينها وليست جرائم بحق أفراد منها، رغم أنه يمكن اعتبار قتل جزء من مجموعة إبادة جماعية، طالما أن الجزء قابل للتحديد.

وتواجه عقبات تطبيق بنود هذه الاتفاقية، وخاصة في دول معينة وقعت على الاتفاقية، مثل البحرين وبنغلادش والهند وماليزيا وسنغافورة والولايات المتحدة وفيتنام واليمن ويوغوسلافيا سابقاً.

وقد وقعت هذه الدول على الاتفاقية بشرط ألا ترفع ضدها قضايا، تتعلق بالإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، بدون موافقتها. واعترضت بعض الدول الموقعة رسمياً على الإشكالية الأخلاقية والقانونية لهذا الشرط، لكن بعض الدول حصلت على حق الحصانة من الملاحقة القانونية من وقتٍ لآخر، كالولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، والتي رفضت السماح بمناقشة تهمة الإبادة الجماعية التي وجهتها يوغوسلافيا سابقاً ضد أمريكا عقب حرب كوسوفو عام 1999.

وتاريخيا أجريت محاكمتان للملاحقة في جرائم الإبادة الجماعية، الأولى لم تحصل على التعريف الرسمي حتى العام 1948، وهي محاكمات نوريمبرغ، للقادة النازيين، بتهم المشاركة في عمليات القتل الجماعية والهولوكوست، لكافة الشعوب التي وقفت ضدهم في الحرب العالمية الثانية.

والثانية، هي المحكمة الجنائية الدولية لجمهورية يوغوسلافيا السابقة، والتي تشير إلى مذابح البوسنة التي ارتكبتها القوات الصربية في الفترة 1992- 1995.

وحكمت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة عام 2001 بأن مذبحة سربرينيتسا التي حدثت عام 1995 هي إبادة جماعية. وفي السادس والعشرين من شهر شباط عام 2007، أيدت محكمة العدل الدولية نتائج المحكمة الجنائية ليوغوسلافيا بخصوص قضية مذبحة البوسنة، وأكدت ارتكاب جرائم إبادة جماعية في سربرينيتسا وزيبا.

لكن، في المقابل، فإنه رغم عدم إجراء محاكمات لها، إلا أن العديد من الجرائم المرتكبة في العصر الحديث، أخذت طابع الإبادة الجماعية بشكل واضح، ومنها:

- الإبادة الجماعية في رواندا
- عمليات التطهير العرقي في بورندي
- المجازر وعمليات التهجير التي ارتكبت بحق مسلمي الروهينغيا في ميانمار/بورما
- الإبادة الجماعية لليابانيين في هيروشيما وناكازاغي بالقنبلة النووية.

التعليقات (0)