هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعاد العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، خلط أجندة حكومته بعد أن وضع على مائدتها ضرورة تعديل القوانين الناظمة للحياة السياسية وعلى رأسها قانون الانتخابات.
خطوة لاقت تفاؤلا حذرا من أحزاب معارضة، وأمنيات بإنهاء "حالة الجمود السياسي" عقب انتخابات ماضية شابتها التجاوزات، واتسمت بمشاركة هي الأضعف في تاريخ المملكة (بنسبة 29%) مقارنة بالانتخابات التي سبقتها والتي بلغت 36%.
كسر الجمود السياسي
ويأمل أمين عام الحزب الوطني الدستوري، أحمد الشناق، في أن تنهي التوجيهات الملكية حالة الجمود السياسي في البلاد، قائلا لـ"عربي21" إن "تركيبة الحكومة الحالية تفاجأت بأجندة الملك على طاولاتها، ذلك أن كثيرا من وزرائها كانوا من المدافعين بشراسة عن قانون الانتخاب الحالي".
وبحسب الشناق فإنه "لا أحد في المستويات الرسمية يؤمن بالتعددية الرسمية، والحزبية ولا يميلون إلى أن يكون هنالك حكومات برلمانية، كونها تعني وقف التعيين، بالتالي فإننا سنواجه من يضع العصي بدواليب عجلة الإصلاح".
وطالب الشناق بخلق بنية تحتية للإصلاح الديمقراطي، وألا يقتصر الأمر على تعديل التشريعات فقط، ومن هذه البنية، كما يقول، "إصلاح الحالة الحزبية في الأردن التي تخلو من القيادات الوطنية والكبيرة".
اقرأ أيضا: أحزاب أردنية تفشل في حجز مقعد لها في البرلمان
ولا ينكر الشناق أن الأردن كما العديد من الدول، يتأثر بالشأن الدولي ومن بينها ما يحدث في أمريكا كعودة الديمقراطيين الذين -برأيه- يلجأون الى الضغط من خلال الأسلوب الناعم على الدول من بوابة "حقوق الإنسان والديمقراطية".
حديث الملك عن ضرورة تعديل قانون الانتخابات، أعقبه تقرير "قاس" للمركز الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة شبه حكومية) اعتبر أن ما "تم رصده وتوثيقه من انتهاكات ومخالفات رافقت العملية الانتخابية -خاصة خلال فترة الترشح والاقتراع- قد بلغ بعضه من الجسامة حداً يعيب العملية الانتخابية برمتها".
ووجه التقرير سهام النقد للهيئة المستقلة للانتخاب التي يرأسها المعارض السابق اليساري والوزير الأسبق أيضا الدكتور خالد الكلالدة.
الهيئة المستقلة للانتخابات، وكما علمت "عربي21" من مصدر داخل الهيئة، بصدد إصدار رد "شديد اللهجة" على تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان، ومن المتوقع أن يكون الرد الأسبوع القادم ويتضمن تفنيد لبعض النقاط.
يأتي ذلك، بينما كشف فيه وزير الدولة للشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة، أن الحكومة ستبدأ حوارا حول قانون الانتخاب الحالي.
وقال المعايطة، خلال تصريحات إذاعية لـ"حياة إف إم" إن الحكومة "ستجري حوارا حول قانون الانتخاب، وما يحتاجه من تعديلات.
وأوصى التقرير بـ24 توصية من أبرزها: ضرورة تطوير القانون الانتخابي بحيث يكون أكثر تمثيلاً للقواعد الشعبية والحزبية، وتفعيل دور الهيئة المستقلة في مراقبة الحملات الانتخابية، وضبط الدعاية الانتخابية، وتفعيل إجراءات المحاسبة والمساءلة.
"وعود متكررة"
الأمين العام، لحزب جبهة العمل الإسلامي، مراد العضايلة يعتقد أن هنالك أمورا يجب أن تسبق الحديث عن تغيير التشريعات؛ "الحديث عن تغيير القوانين والإصلاح السياسي، يجب أن تسبقه تهيئة المناخ لذلك من خلال وقف التغول على الحريات العامة والعمل النقابي".
ويصف العضايلة الحالة السياسية الأردنية بـ"الاختناق السياسي"، قائلا لـ"عربي21": "الحديث عن الإصلاح السياسي تكرر مرارا، لكن الواقع الموجود في البلاد وخصوصا في 2020 كان الأسوأ منذ تاريخ الأحكام العرفية التي عادت بأشكال مختلفة مثل حل مجلس نقابة المعلمين وتأجيل انتخابات النقابات واعتقالات صحفيين وحراكيين وحزبيين والعبث بالانتخابات، واستغلال قانون الدفاع لحرمان الناس من حرياتهم".
العضايلة دعا إلى عدم العودة للوراء في تعديل قانون الانتخاب قائلا: "اليوم المطلب قوائم وطنية وحياة حزبية وأغلبيات برلمانية. نريد بيئة للأحزاب ووقف مطاردتهم في أرزاقهم. اليوم الناس تحتاج إلى أفعال. نحن نعيش حالة اختناق سياسي والحياة العامة وأزمة اقتصادية لا يمكن حلها إلا بإصلاح سياسي.. إن اليأس اليوم يقتل الأردنيين، وهناك قلق من المستقبل".
وحذر العضايلة من "مسكنات الإصلاح" لما سماه "تمرير مرحلة" في إشارة إلى عودة الديمقراطيين للسلطة في أمريكا.. يقول: "عشنا كثيرا من تجارب المسكنات الحكومية لتنفيس الضغوط الخارجية، يؤلمني أن يكون ما يجري الحديث عن الإصلاح بضغط خارجي، هذا يدل على أننا نربط مستقبلنا بإرادة غيرنا".
ويعتقد سياسيون أردنيون أن فوز الديمقراطيين برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، سيؤثر أيضا على ملفات إصلاح داخلية في الأردن وعلى رأسها الإصلاح السياسي، الذي لم يكن من أولويات الرئيس السابق ترامب في المنطقة.
اقرأ أيضا: هل تنفس الأردن الصعداء بعد فوز بايدن برئاسة البيت الأبيض؟
أمين عام حزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب (يساري)، يشدد على أن أي تعديل لقانون الانتخاب يجب أن يصب في تعزيز المشاركة الشعبية في السلطة وتعزيز الحضور الحزبي، ويقول لـ"عربي21" إن "التعديلات المتكررة على قانون الانتخاب منذ إقرار الصوت الواحد لم تساهم في المشاركة الشعبية، كانت التعديلات تقود إلى تجريف الحياة الحزبية وتفريغ مجلس النواب وتكريس دور المال السياسي".
ويتساءل ذياب: "في أي اتجاه سيتم تعديل قانون الانتخاب؟ وهل سنعيش دوامة الحوار حول شكل التعديلات؟ ألم يأن الأوان لقانون انتخاب ديمقراطي من شأنه تعزيز الحياة الحزبية وتوسيع المشاركة الشعبية، والارتقاء بالبرلمان ليكون قادرا على عكس إرادة الشعب بدلا من أن يكون أداة طيعة بيد السلطة التنفيذية؟".
وتُحمّل أحزاب أردنية التشريعات الناظمة للحياة السياسية، مثل قانوني الانتخاب والأحزاب والتدخلات الأمنية، مسؤولية إخفاق الأحزاب في الوصول إلى قبة البرلمان، ومسؤولية خمول الأحزاب وضعفها على الساحة السياسية.
في المقابل قال مصدر حكومي لـ"عربي21"، إن "حوارا موسعا مع جميع القوى السياسية في المجتمع الأردني من أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني وناشطين وخبراء، ستنفذه السلطات حول شكل قانون الانتخاب القادم".
وحسب المصدر "هناك توجيهات ملكية واضحة بإعادة النظر في القوانين الناظمة للحياة السياسية، وهذا يشمل بكل تأكيد قانون الانتخاب الذي يعدّ الأهم من بين القوانين الناظمة للحياة السياسية والأكثر تأثيراً عليها، واستجابة لهذه التوجيهات الملكية السامية، ستشرع الحكومة قريباً بالبدء في الحوار".
وحول شكل قانون الانتخاب أضاف المصدر "حتى الآن لا يوجد أي تصور واضح حول ما هو شكل النظام الانتخابي الذي سيتم طرحه، لأن ذلك يجب أن يتم بشكل توافقي كمخرج متوقع من الحوار الذي سيبدأ قريبا".
وختم بالقول "إنه ومن المهم قبل البحث في شكل النظام الانتخابي المطلوب، أن يتم تحديد هدفٍ واضح وقابل للقياس نريد تحقيقه من خلال هذا التعديل، عندها سيكون من السهل تحديد النظام الانتخابي الذي يمكن أن يحقق لنا هذا الهدف".