أجرى وزير الخارجية
العراقي فؤاد حسين، الأربعاء، زيارة إلى العاصمة
الإيرانية طهران، تستمر ليومين، التقى خلالها بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف، ومستشار الأمن القومي علي شمخاني، ضمن سلسلة لقاءات يعقدها مع مسؤولين إيرانيين.
زيارة حسين تأتي بعد يوم واحد من لقاء مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت بمسؤولين إيرانيين في طهران، وكذلك بعد يومين من زيارة أمين عام مجلس التعاون الخليجي، نايف فلاح الحجرف، إلى العاصمة العراقية بغداد.
ومع هذه المعطيات التي سبقت زيارة حسين، برزت تساؤلات عدة حول دلالاتها والملفات التي تحملها، ولا سيما أنه طالب المسؤولين الإيرانيين خلال زيارته الأولى إلى طهران في سبتمبر/ أيلول 2020، بإيقاف الهجمات على المنطقة الخضراء، والتي تُتهم فصائل موالية لإيران بتنفيذها.
"حج لإيران"
وتعليقا على الموضوع، رأى المحلل السياسي، الدكتور باسل حسين، في حديث لـ"عربي21" أنه "مع اقتراب كل
انتخابات برلمانية في العراق، يبدأ الحج السياسي إلى إيران، وذلك يدل على نحو كبير أن العامل الإيراني أصبح حاسما في الانتخابات العراقية، وكذلك في اختيار رئيس الحكومة".
وأضاف حسين أن "تنامي الدور الإيراني في القرار السياسي العراقي والذي أصبح بمثابة عامل داخلي، أمر يبعث على الحزن، لأن العلاقات ما بين الدول تقوم على أساس عدم التدخل في الشؤون الخارجية، إلا أن تدخل طهران أصبح فاقعا ولا يمكن إخفاؤه".
ونوه الخبير العراقي إلى أن "زيارة مبعوثة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت قبل يومين إلى إيران والتباحث في الانتخابات يعتبر عملا مشينا يسيء للمصلحة العراقية، فربما جرى عقد صفقات لا تصب في الصالح العراقي العام".
وعن احتمالية لعب العراق دور الوسيط بين إيران والسعودية، على ضوء زيارة الحجرف إلى بغداد، وما سبقها من زعم مليشيا عراقية قصف الرياض، قال باسل حسين إن "العراق في وسط العاصفة، ولا يعتبر وسيطا كونه لا يمتلك الأدوات، وبالنتيجة من الصعب يكون طرفا محايدا".
وتابع الخبير العراقي، قائلا: "عندما تدّعي مليشيا عراقية (ألوية الوعد الحق) أنها استهدفت دول عربية مجاورة، فإن العراق أصبح طرفا في المعادلة الإيرانية الخليجية وليس وسيطا".
"كف التدخل"
من جهته، قال المحلل السياسي طارق جوهر في حديث لـ"عربي21" إن "العراق دولة مهمة من أجل احتواء الصراع الإيراني الأمريكي، فقد لعب الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني دورا كبيرا في تهدئة الأجواء على الساحة العراقية، وأن لا تكون ساحة للصدام بين واشنطن وطهران".
وأضاف أن "إيران وأمريكا كانتا تتسابقان على النفوذ في العراق وذلك من خلال اللعب بأوراق أصدقاءهم من العراقيين. لكن العراق اليوم بحاجة إلى أن تكون إيران دولة مساندة لا أن تخلق له المشكلات، وتتدخل في شؤونه الداخلية".
ورأى جوهر أن "أمريكا مقبلة على فتح صفحة جديدة مع إيران في ظل إدارة بايدن، وربما التفاهم بين الطرفين سيأتي بنتائج إيجابية لاستقرار الوضع الداخلي وتهيئة الأجواء الانتخابية المقبلة".
وأوضح أن "الرسائل التي بعثت بها إدارة بايدن إلى إيران، وأخرى صدرت عن الاتحاد الأوروبي، كلها يمكن أن تجعل من العراق نقطة التقاء بين واشنطن وطهران لإيجاد نوع من التفاهمات بخصوص البرنامج النووي الإيراني، وكذلك وضع حد لنفوذ إيران وإعادة التوازن للوضع السياسي ببغداد".
وزاد جوهر قائلا: "الظروف السياسية في المنطقة خلال الأربعة سنوات المقبلة ستكون مغايرة عما كانت عليه في عهد ترامب، لأنه لم يكن متوازنا في سياساته الداخلية والخارجية وخلق الكثير من المشكلات، لذلك فإن واشنطن ستعيد التوازن في علاقات وتواجدها بالمنطقة، ولا سيما في الخليج والعراق وسوريا".
جانب آخر من الزيارة، يضيف جوهر، أنه "ربما يكون بسبب مضايقة إيران للعراق بالديون المتراكمة عليه عن استيراد الغاز الإيراني لمنشآت الطاقة العراقية، وربما تخفيض نسبة تصدير الطاقة الإيرانية للعراق".
التواجد الأمريكي
الوزير العراقي فؤاد حسين، بحث خلال الجولة الأولى مع نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، ملف التواجد الأمريكي واغتيال قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، والتعاون الاقتصادي، والعلاقات الثنائية بين البلدين.
وثمن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، المتابعة القضائية لاغتيال سليماني والمهندس من "الشعب والحكومة العراقية"، مشددا على أن "إنهاء وجود القوات الأمريكية في المنطقة، سيكون أفضل رد على هذا العمل الإرهابي".
وجاء في بيان للزيارة نشره الإعلام الإيراني، أنه "خلال لقاء وزير الخارجية محمد جواد ظريف مع نظيره العراقي فؤاد حسين، الذي يترأس وفدا إلى طهران، جرى بحث آخر المستجدات في العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية".
وفقا للبيان "شكر ظريف خلال الاجتماع، الحكومة العراقية على متابعتها للإجراءات القضائية لاغتيال سليماني والمهندس"، مؤكدا إن "إنهاء وجود القوات الأميركية في المنطقة سيكون أفضل رد على هذا العمل الإرهابي".
وفي الملف الاقتصادي، عبر ظريف عن ارتياحه لانعقاد اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، معربا عن أمله في الاسراع بتنفيذ الاتفاقيات التي جرى التوصل إليها خلال زيارة الرئيس الإيراني للعراق في مختلف المجالات الثنائية بشأن المدن الصناعية والأسواق الحدودية والتجارة وزيارة العتبات المقدسة ونقل البضائع والسلع، والديون والقضايا المصرفية.
من جانبه، وصف وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال اللقاء، تبادل الزيارات بين وفود البلدين، بأنها مؤشر على التزام الجانبين بتعزيز العلاقات طهران وبغداد، واستعرض وجهات نظر الجانب العراقي حول هذه القضايا .
وأكد وزير الخارجية العراقي، الاهتمام الخاص الذي يوليه رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، لمتابعة وتنظيم العلاقات بين البلدين.