من يعرف وحيد حامد عن قرب، يتأكد تماماً بما لا يدع مكاناً للشك؛ أن ما يطرحه من مواقف وآراء تشكل عالمه السياسي والاجتماعي، وأنه ليس هناك انفصام بين أعماله وبين ما يؤمن، كالبعض الذين يفصلون بين ما يكتبون وبين ما يؤمنون به في الواقع.
لذلك أحترم
وحيد حامد وأحبه، فلقد عبّر عن معاناة العامة قبل النخبة، عبّر بصدق عن معاناتهم وآمالهم وطموحاتهم وإحباطاتهم أيضا.
خاض وحيد بكل جسارة وشجاعة في
أكثر الموضوعات حساسية، وكشف المستور. لعلنا لا ننسى مسلسل "أوان الورد" الذي شُرِّفت ببطولته والذي؛ ولأول مرة في تاريخ
الدراما المصرية يكشف النقاب عن حب ضابط مسلم لسيدة مسيحية. ذاك الزواج بالطبع؛ كان ضد أفكار وآراء الطائفة القبطية، وبالتالي وقفت بقوة ضده. بالطبع ظهر الاحتقان بالمجتمع، وهاجت الدنيا ولم تهدأ. ونسي معظم من تشنّجوا في مهاجمة المسلسل أنه عمل فني؛ جوهره يدعو إلى التراحم والتسامح والتآلف فيما بين بعضنا البعض، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى التعاضد. تلك الدعوة الإنسانية للتسامح وقبول الآخر والتعايش معه؛ هذه القيم التي كادت أن تُصبح من الماضي والتي كاد الناس أن ينسوا ملامحها.
لا أعتقد أيضاً أننا نسينا فيلم "معالي الوزير" والذي تَشرَّفت أيضا باقتسام البطولة فيه مع أحمد زكي. تعرض وحيد حامد بذلك الفيلم لتشريح مجتمع الفساد المباركي من خلال وزير فاسد، وهو نفس ما صنعه في مسلسل "أحلام الفتى الطائر" وفيلم "الغول"، وكلا الفيلمين في الجوهر: تشريح لفترة السبعينيات، وما فيها من تجاوزات وانفلات على مستويات عدة، أولها الاقتصاد.
ولا نستطيع أن ننسى إداناته الصريحة لتغول الأجهزة الأمنية في العهد الناصري في فيلم "كشف المستور".
ولا نستطيع أن ننسى فيلم "آخر الرجال المحترمين" وطرحه لمفهوم الدولة المدنية، هذا فضلاً عن أن أعماله كانت نقلات مفصلية للنجوم لمرحلة أكبر من النجومية في تاريخهم الفني، وأعتز أن أكون أنا من بينهم. فقد كان فيلم "البريء" نقلة في مشوار أحمد زكي، وفيلم التخشيبة للنجمة نبيلة عبيد، وكذلك "سوق المتعة" لمحمود عبد العزيز، وفيلم "الهلفوت" لعادل إمام، وكذلك فيلم "اللعب مع الكبار".
قد نختلف معه في بعض ما قدمه؛ ولكن بلا شك لا نختلف على إبداعه الناقد والمهموم دوما بقضايا بسطاء المصريين.
وحيد حامد.. وداعا.