هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وصف الداعية المغربي ورئيس اتخاد علماء المسلمين ربط الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية والتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي بأنه "قائم على الابتزاز والمساومة، ومنطق المتاجرة السياسية".
وقال أحمد الريسوني في بيان نشره على موقعه الرسمي إن "مغربية الصحراء، حقيقةٌ لا يعرف التاريخ ولا الجغرافية سواها.. ومجرد الاحتلال الإسباني المبكر والطويل لهذه المنطقة، لا يعطي لأحد حق فصلها سياسيا وقانونيا، عن أصلها وانتمائها العضو".
وأضاف: "وكذلك احتلال بريطانيا لفلسطين، وتقديـمها هدية للحركة الصهيونية العالمية، لاتخاذها “وطنا قوميا لليهود”، لم يكن ولن يكون سوى اغتصاب قهري ولصوصية دولية"، متابعا: "فوجود “إسرائيل” – بهذه الطريقة – هو في حكم العدم، من الناحية الشرعية والقانونية والأخلاقية".
وانتقد الريسوني سياسة الرئيس الأمريكي القائمة على "إرغام بعض الدول العربية على الاعتراف بـ”دولة إسرائيل”، وجرجرتها إلى تطبيع العلاقات معها". معتبرا أن "هذا السلوك يؤكد أن “إسرائيل” لا وجود لها، ولا بقاء لها، ولا اعتراف بها، إلا في نطاق القهر والقسر، والقتل والغصب، والضغط والتهديد".
يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر الجاري موافقة المغرب على تطبيع علاقته مع الاحتلال الإسرائيلي.
وقال ترامب في تغريدة نشرها عبر حسابه على "تويتر": "اختراق تاريخي آخر اليوم.. اتفقت إسرائيل والمملكة المغربية على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة (...) اختراق هائل للسلام في الشرق الأوسط".
وأوضح ترامب أن الولايات المتحدة الأمريكية تعترف بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، المتنازع عليه مع جبهة البوليساريو منذ عقود.
اقرأ أيضا: ترامب يعلن تطبيعا دبلوماسيا كاملا بين المغرب والاحتلال
وفيما يلي نص ما كتبه الريسوني:
كثر هذه الأيام الربط بين الصحراء المغربية والكيان الإسرائيلي، وذلك بعد أن ربط الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بين اعترافه بمغربية “الصحراء الغربية”، واعتراف المغرب بإسرائيل وتطبيع علاقاته معها.. وهو ربطٌ تعسفي، قائم على الابتزاز والمساومة، ومنطق المتاجرة السياسية.
نحن لا نشكر الرئيس المتاجر على اعترافه المتأخر بمغربية الصحراء المغربية، ولكننا نلومه لكونه لم يعترف بها إلا وهو في الرمق الأخير من رئاسته، ولكونه لم يعترف بمغربية الصحراء إلا مقابلَ اعتراف المغرب بكيان باطل شرعا وزائل حتما.
وكذلك نلوم وندين الأوروبيين (وخاصة إسبانيا وفرنسا المحتلتين سابقا للمغرب)، ونلوم بعض العرب والمسلمين، لكونهم لحد الآن لا يعترفون بسيادة المغرب على صحرائه، وما زالوا يعتبرونها “صحراء غربية متنازعا عليها”..!!.
وأما مغربية الصحراء، فحقيقةٌ لا يعرف التاريخ ولا الجغرافية سواها.. فلم تكن هذه الصحراء يوما سوى الجزء الجنوبي من المغرب، تماما مثلما أن صحراء الجزائر هي الجزء الجنوبي منها، وكذلك تونس وليبيا ومصر.. فهذه الدول كلها تشكل “الصحراءُ الكبرى” امتدادَها الجنوبي الطبيعي.. أو لنقل: إن الجنوب في هذه الدول كلها، هو عبارة عن مناطق صحراوية. فهذا عن شهادة الجغرافية.
وأما تاريخيا: فلم يعرف تاريخ هذه المنطقة في أي يوم، ولا أي سنة، ولا أي عصر، وجودَ كيان سياسي، على شكل دولة، أو شبه دولة، أو مملكة، أو إمارة. ولم تُعرف هذه المناطق إلا بكونها جزءا من دولة المغرب الأقصى.
وأما سكان هذه المنطقة الصحراوية، فهم أنفسهم سكانُ المناطق الوسطى والمناطق الشمالية من المملكة المغربية؛ فالقبائل هي القبائل، والأعراق هي الأعراق، واللغة هي اللغة، والدين هو الدين، وحتى المذهب هو المذهب.
ومجرد الاحتلال الإسباني المبكر والطويل لهذه المنطقة، لا يعطي لأحد حق فصلها سياسيا وقانونيا، عن أصلها وانتمائها العضوي، مثلما أنه لم يُعطِ اسبانيا حق امتلاك هذه المناطق وإلحاقها بالمملكة الإسبانية..
وكذلك احتلال بريطانيا لفلسطين، وتقديـمُها هدية للحركة الصهيونية العالمية، لاتخاذها “وطنا قوميا لليهود”، لم يكن ولن يكون سوى اغتصاب قهري ولصوصية دولية. فوجود “إسرائيل” – بهذه الطريقة – هو في حكم العدم، من الناحية الشرعية والقانونية والأخلاقية. وبقاؤه إما هو رهن ببقاء القوة الغاشمة التي صنعت “إسرائيل” وتقوم على حمايتها..
وما قام به الرئيس الأمريكي المنتهي، من إرغام بعض الدول العربية على الاعتراف بـ”دولة إسرائيل”، وجرجرتها إلى تطبيع العلاقات معها، إنما هو دليل جديد على حتمية زوال إسرائيل؛ لأن هذا السلوك يؤكد، لمن يحتاجون إلى تأكيد، أن “إسرائيل” لا وجود لها، ولا بقاء لها، ولا اعتراف بها، إلا في نطاق القهر والقسر، والقتل والغصب، والضغط والتهديد. ومعنى هذا أن الوجود الحقيقي والقبول الحقيقي والوجود القانوني لإسرائيل منعدم وميئوس من تحققه.
لو أن “إسرائيل” وحُماتها تمكنوا من كسب اعتراف إقليمي طوعي بها، ولو أنهم نجحوا في كسب قلوب الفلسطينيين ورضاهم، ولو أنهم حققوا تطبيعا طبيعيا وتلقائيا مع شعوب المنطقة، لقلنا حينئذ: إن لهم أملا في الاندماج والبقاء.
وأمَّا بمجرد التحالف الاستعماري، والتفوق العسكري، والقهر الإجرامي، والتطبيع القسري، والابتزاز الظرفي، ثم اصطناع “المحبة بالسيف”، فلا ثم لا.