هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات تقريرا سلّط فيه الضوء على القرارات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي مؤخرا بشأن تركيا على خلفية التوتر المتصاعد في مياه شرق البحر الأبيض المتوسط.
وقال المركز في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن القمّة الأوروبية التي شهدت نقاشات حادة، رفضت مقترح اليونان بفرض عقوبات على أنقرة، منها حظر بيع الأسلحة وإجراءات أخرى، واتخذت في المقابل بعض الإجراءات محدودة التأثير.
وقد وجّهت قمة زعماء الاتحاد الأوروبي بـ"وضع قائمة سوداء إضافية استنادا إلى القرار الصادر في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 بشأن القيود الناجمة عن الأنشطة غير القانونية التي تمارسها تركيا في البحر الأبيض المتوسط". ومن المنتظر لاحقا أن يتم تحديد قائمة موسعة للشخصيات التي تشملها العقوبات الأوروبية، بينها اثنان من أكبر المسؤولين في مؤسسة البترول التركية.
خيبة أمل يونانية
وحسب المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات، فإن هذه القرارات تُظهر أن الاتحاد الأوروبي اختار عدم تصعيد الموقف مع تركيا، وفضّل حماية المصالح الاستراتيجية وتطوير العلاقات مع أنقرة، وهو ما سبّب خيبة أمل كبيرة لأثينا التي كانت تنتظر اتخاذ قرارات صارمة.
وقد عبّرت صحيفة "كاثيميريني" اليونانية بوضوح عن هذه الخيبة، عندما أكدت أن القمة شهدت إصرار "كتلة برلين وروما ومدريد" على تأجيل أي قرارات جادّة، موضحة أن الإيطاليين كانوا الأكثر معارضة لفرض أي عقوبات على تركيا، بينما كان موقف اليونان وقبرص ضعيفا بسبب عزوف فرنسا الواضح عن تقديم الدعم المطلوب لإقرار العقوبات.
وقد صرّح رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس أن القادة الأوروبيين كانوا متفقين خلال اجتماع المجلس الأوروبي في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي أن استمرار التجاوزات لن يمرّ دون عواقب، وكان من المفترض أن تتخذ قمّة كانون الأول / ديسمبر قرارات في هذا الشأن.
وتتهم اليونان أنقرة بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، بسبب أعمال التنقيب عن الغاز والنفط في مياه شرق المتوسط، وهي المنطقة التي تعتبرها أثينا ضمن المياه الإقليمية القبرصية.
اقرأ أيضا: بلومبيرغ: لهذا السبب أخفى بوتين غضبه من أردوغان بأذربيجان
وقد تصاعدت الخلافات بين البلدين بعد أن وقّعت اليونان وقبرص وإسرائيل اتفاقية لمدّ خط أنابيب غاز إلى أوروبا، وردّت تركيا بتوقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق المعترف بها دوليا في طرابلس، وأعلنت أن خط الأنابيب اليوناني الإسرائيلي لا يراعي الحقوق التركية في المنطقة.
وتحذر اليونان من أن تركيا قد تستخدم الأسلحة الأوروبية، بما في ذلك غواصات تايب 214، التي تم إنتاجها بشكل مشترك بين ألمانيا وتركيا، ضد دول الاتحاد الأوروبي. وطالبت أثينا بإيقاف تمويل الاتحاد الأوروبي للشركات والبنوك التركية، وتعليق مشاركة أنقرة في برامج الاتحاد الأوروبي، ومراجعة الاتفاقيات الجمركية بين تركيا والاتحاد.
تركيا تتمسك بمواقفها
من جهته، اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كلا من اليونان وقبرص بمحاولة استغلال الاتحاد الأوروبي كجسر عبور لتمرير أجندتهما ضد تركيا، ووعد بمقاومة "التوسع الإمبريالي"، وإفشال الخطط والخرائط التي تهدد مصالح بلاده.
وحسب المركز الروسي، فإن تركيا لا تبدو مستعدة للتخلي عن طموحاتها في شرق المتوسط رغم سحب سفنها من المياه المتنازع عليها، حيث أكدت مجددا حقها في مواصلة التنقيب.
وفي المقابل، فإن الاتحاد الأوروبي فشل في اتخاذ موقف صارم ضد تركيا، خاصة أن العديد من دول الاتحاد لا ترى أن أنقرة تشكّل أي تهديد، بل تنظر إليها كحليف في الناتو. كما تخشى الدول الأوروبية من أن ينفّذ الرئيس التركي تهديداته ويفتح الأبواب أمام اللاجئين الطامحين للوصول إلى أوروبا.
ويرى المركز أن الولايات المتحدة بدورها فشلت في اتخاذ أي إجراءات صارمة ضد تركيا رغم التهديدات التي أطلقتها مؤخرا بعد أن حصلت أنقرة على منظومة الدفاع الجوي الروسية إس-400.
وقد لخّص الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، سبب تردّد الاتحاد الأوروبي وواشنطن ما زالتا تترددان في اتخاذ أي إجراءات ضد أنقرة، قائلا: "لا بد أن نفهم جيّدا أهمية تركيا كدولة في حلف الناتو، وجزء من العالم الغربي".