قضايا وآراء

الخليج ومخطط وأد الإخوان.. انتبهوا!

محمد عماد صابر
1300x600
1300x600
اتفق مع الإخوان أو اختلف هذا حق لك، لكن انتبه.. الإخوان وغير الإخوان من التيار الليبرالي واليساري والقومي وغيرهم هم القوى الحية للتصدي للاستبداد والفساد والفشل في نظم الحكم الشمولي الملكي والعسكري سواء بسواء.

تغيرت عقيدة نظم الاستبداد تجاه الإخوان عندما فشلت في استيعاب وترويض الجماعة، كما استوعبت وروضت باقي تيار النضال السياسي، وهو نموذج واقع ومتكرر وسيستمر.

نعم استخدمت نظم الاستبداد القوى الحية للقضاء على بعضها البعض، فكانت الحركة الإسلامية، خاصة الإخوان، أداة نظم الحكم المستبد لتحجيم التيار الاشتراكي بقايا عهد عبد الناصر وتقزيم الحركة العمالية والنقابية التي غلب عليها التيار الاشتراكي. وكانت وما زالت التيارات الإسلامية والاشتراكية دون مستوى الوعي للمخطط الذي تحكمه قاعدة "لقد أكلت يوم أكل الثور الأبيض".

بمرور الوقت تضاءل وجود التيارات الاشتراكية والقومية، وتمددت الحركة الإسلامية خاصة الإخوان، وأرادت أنظمة الحكم أن تحقق بها وظيفتين، الأولى التخلص من بقايا العهود القديمة خاصة المدرسة الناصرية، والثانية أن تكون حائط صد ضد فصائل الإسلام المتشدد والعنيف، فظل هذا الفكر الوظيفي لأكثر من نصف قرن.

ثم كانت ثورات الربيع العربي والتي شعر معها ملوك وأمراء الخليج بالخطورة البالغة من تصدير الثورة إليهم، فاستخدموا علاقاتهم الغربية بدعم مليارى مهول في تغيير فكر وعقل الغرب الذي تحكمه المصالح أكثر من القيم والأخلاق والمبادئ التي طالما أعلنها، بالتزامن مع ظهور تمدد داعش وأخواته، وفي المقابل نمو الحركات والأفكار القومية والعنصرية في الغرب بتغذية صهيونية عالمية.

تغيرت عقيدة الغرب تجاه الإسلام السياسي الذي كانوا يرونه شريكا قادما إلى خصم قائم، وكانت التقارير الغربية ترى أن الإخوان تحولوا من حائط صد ضد العنف والإرهاب إلى حزام ناقل العنف والإرهاب، خاصة بعد انقلاب العسكر في مصر على الرئيس الشرعي، وسيطرة الجيش على السلطة بالقوة وما صاحبها من اعتقال وقتل وخطف، أجواء أوجدت ردة داخل الحركة الإسلامية يغلب عليها الخشونة والعنف سلوكا وفكرا، وفقا لقانون لكل فعل رد فعل.

كان هذا في مصر وغالب دول الخليج، وظهر هذا واضحا في الانتخابات الأخيرة في الأردن الذي يتبع منهج الإضعاف التدريجي وإخراج الجماعة من المشهد بالقانون، بعيدا عن الوسائل الخشنة التي استخدمت في مصر وبعض دول الخليج.

الخلاصة، ما عانته الحركة الاشتراكية في ثمانينيات القرن الماضي من حصار وإضعاف وتآكل، وما عانته فصائل الحركة الإسلامية التي انتهجت العنف في تسعينيات القرن الماضي من سجن وقتل وخطف، تمر به اليوم جماعة الإخوان، بدعم ملياري خليجي وتخطيط صهيوني عالمي، بموافقة وصمت دولي.

مخطط وأد الإخوان هو الورقة الأخيرة في معركة التحرر من الاستبداد، فهل تنجح أنظمة الحكم في تنفيذ المخطط؟ أم تنجح الجماعة في مقاومة هذا السيناريو بمشروعات فكرية جديدة وأدوات عملية مناسبة؟ أم تبقى الجماعة في خندقها الضيق تراهن على الصبر والوقت دون أدوات فعل؟

الجماعة ثروة قومية لمصر والعروبة والإسلام، لكننا بكل أسف في منطقة من العالم تخصصت في إهدار الفرص و الثروات!
التعليقات (1)
الكاتب المقدام
الثلاثاء، 24-11-2020 03:38 م
*** يقع كثير من الكتاب بسذاجة في خطأ بل وفي خطيئة ترديد استخدام مصطلح ما يسمى "الإسلام السياسي"، وهو المصطلح الذي نشره علمانيوا وملاحدة الخارج واتباعهم في الداخل عن سوء نية، فليس هناك إسلام سياسي وإسلام غير سياسي، ولا يوجد إلا إسلام واحد يرتضيه الله يُشرع للفرد والجماعة والمجتمع والأمة بل وللعالم بأسره، ولكن هناك مسلمون قد تقاعصوا عن القيام بواجباتهم الشرعية تجاه الأمة والمجتمع، وقصروا ممارساتهم الدينية على أداء العبادات الفردية، جهلاُ منهم أو تجاهلاُ بحقيقة شمول دينهم، وغالباً لتكاسلهم وجبنهم عن تحمل مسئولياتهم في إدارة وسياسة شئون مجتمعاتهم، وحسابهم في الدنيا والآخرة عن هذا التقاعس عسير، فالاهتمام بالواجبات السياسية للمواطن تجاه مجتمعه ووطنه (بمصطلح المعاصرين) هو فرض عين على كل مسلم قادر عليه، ولا تصلح أحوال المجتمعات ولا يُمكن للشريعة إلا بذلك، وما تهدف إليه الحركة الإسلامية ومن ضمنها الإخوان إلا لتنبيه المسلمين لواجباتهم السياسية والشرعية الشاملة، ويريد العلمانيون والملاحدة بأن يستأصلوا دور المسلمين في إدارة شئون مجتمعاتهم السياسية ويهمشونهم، وذلك بإن يشوهوا سمعة المسلمين المهتمين بشئون مجتمعاتهم السياسية ويتهمونهم بالإرهاب، ويروجوا لإسلام مقتصر على العزلة والدروشة والرهبنة المبتدعة، ويحولوا الدين إلى مجرد "بروتوكولات فولكلورية" كالرقص والزمر في الموالد، وذلك حتى يخلوا المجال للتيار الصليبي الصهيوني الجديد واتباعهم في الداخل من العلمانيين والملاحدة للاستيلاء على سياسة شئون المجتمعات والدول، ثم ليستخدموا ما بيدهم من قوة وسلطة سياسية في قمع المتدينين والترويج لإفكهم، وما أتى الجنرال الانقلابي السيسي وداعميه ومؤيديه إلا لتحقيق هذه المهمة، فانتبهوا يا أولي الألباب فالأمر جلل، وسيرد كيدهم في نحرهم بإذن الله، وسينتصر قريباُ المؤمنون الصابرون المتمسكون بالحق بمشيئة الله، وليست تلك نبؤة ولكنها سنة الله في المجتمعات التي يغفل عنها كثيراُ من الغافلين.