سياسة تركية

محللون يقرأون أسباب التقارب السعودي التركي

التصريحات تأتي بعد 3 أعوام شهدت تراجعا حادا في العلاقات وصل حد الدعوة لمنع بضائع تركيا في السعودية- أرشيفية (أ ف ب)
التصريحات تأتي بعد 3 أعوام شهدت تراجعا حادا في العلاقات وصل حد الدعوة لمنع بضائع تركيا في السعودية- أرشيفية (أ ف ب)
اتفق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والعاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة من أجل حل الخلافات العالقة بين البلدين.

كذلك الأمر وصف وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود السبت، علاقات بلاده مع تركيا بأنها "طيبة ورائعة"، مشددا على أنه لا توجد بيانات تشير إلى وجود مقاطعة غير رسمية للمنتجات التركية.

وذكر ابن فرحان في مقابلة مع وكالة "رويترز"، على هامش قمة مجموعة العشرين، أن السعودية لديها علاقات طيبة ورائعة مع تركيا، لافتا إلى أن بلاده إلى جانب أبوظبي والقاهرة والمنامة تبحث عن سبل لإنهاء الخلاف مع قطر، "رغم أنها ما زالت تريد علاج مخاوف أمنية مشروعة".

أسباب التقارب

وأثار هذا التقارب بين البلدين تساؤلات عن أسبابه ولماذا حرصا عليه تحديدا السعودية؟

وأكد المحلل السياسي عماد الدين الجبوري على أن الاتصال الذي تم بين الملك سلمان والرئيس أردوغان هو إجراء بروتوكولي بحت، مشيرا إلى أن الجانب التركي وظف هذا الاتصال، ولكن أيضا كان هناك ترحيب سعودي به، وفق قوله.

وأوضح الجبوري في حديث لـ"عربي21"، بأن "الملك سلمان لترؤسه القمة اتصل على الرئيس أردوغان وذلك ضمن الإجراءات الرسمية"، لافتا إلى أن الأخير "وظف هذه المكالمة لفتح قنوات حوار لإزالة التوتر الحاصل بين البلدين خلال العامين الماضيين".

واعتبر بأن "هذا الاتصال والتقارب مدخل مهم للطرفين لا سيما للجانب التركي، فأنقرة خلال العامين الماضيين تعاني من الأزمة الاقتصادية وهبوط سعر الليرة والضغوط التي يتعرض له قطاع الأعمال وتأثره بمقاطعة السلع التركية في الخليج والسعودية".

وأضاف مستدركا بالقول: "لكن في نهاية الأمر التقارب مسألة مهمة للطرفين، وعبر وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان آل سعود في تصريحه اليوم عن ذلك عبر إرساله إشارات إيجابية، حيث وصف العلاقات بين البلدين بالطيبة، وبالطبع نأمل أن تزال هذه التوترات، فكما هو معلوم بالرغم من التوتر كان هناك تواصل رسمي من قبل أنقرة".

من جهته أشار مدير تحرير صحيفة ديلي صباح التركية محمد تشيلك، إلى أن "السعي للتقارب جاء من الرياض، مؤكدا أن تركيا في ذات الوقت لم تسع أبدا إلى عداء السعودية، على الرغم من تأثر العلاقة بين البلدين بشكل سلبي بشدة نتيجة سياسات الرياض العدائية تجاه أنقرة، إضافة لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي والأحداث التي تلت ذلك".

وتابع تشيلك في حديث لـ"عربي21": "والكل يعلم بأن هناك منافسة سعودية واضحة لتركيا منذ فترة طويلة وبلغت ذروتها في السنوات الثلاث الماضية، خاصة بعد ظهور ولي العهد محمد بن سلمان في الساحة الدولية، وكذلك دعم ترامب له وتسامحه تجاه سياسته".

ولفت إلى أن "تركيا تسعى لاقامة علاقات ودية مع الدول العربية، مع الحفاظ على مبادئها كما ظهر ذلك جليا في أزمة قطر، وبالوقت نفسه تسعى لإنهاء التوترات الإقليمية عبر الجهات الإقليمية الفاعلة، بالتعاون المتبادل والمنافع المشتركة، دون وجود طرف ثالث".

وأكد أن "القيادة السياسية القوية للرئيس أردوغان معروفة في المنطقة والعالم الإسلامي من قبل قادتها وشعوبها، وعلى هذا النحو فهو مؤثر للغاية، ومع ذلك لم يتم استغلال هذه القوة بطريقة من شأنها الإضرار بشعوب المنطقة، التي تشترك معها تركيا بروابط تاريخية واجتماعية وثقافية وكذلك دينية".

وأردف تشيلك: "السعودية ومصر وتركيا وإيران من الدول القوية في المنطقة، والدور التركي على الصعيد الدولي يزداد، من ثم فمعاداة تركيا عوضا عن التعاون معها لا يفيد أحدا، والأمر نفسه ينطبق على هذه الدول، وبالتأكيد هذا التقارب لن ينهي جميع الخلافات، ولكنه على الأقل يزرع بذرة طيبة على طريق ترميم العلاقات حتى لو كان الأمر مجرد خطوات بسيطة".

العلاقة بين فوز بايدن والتقارب السعودي التركي

وجاء تقارب البلدين عقب فوز بايدن بالرئاسة، ومن المعلوم أن الرئيس المنتخب كان له عدة مواقف وتصريحات سلبية تجاه البلدين، مما دفع للتساؤل حول احتمالية كون وصوله للبيت الأبيض دافعا لهما للتقارب والسعي لحل خلافاتهما.

وعبر أستاذ دراسات الخليج وإيران، محجوب الزويري عن رأيه بأن "تغير الإدارة في البيت الأبيض كان سبب هذا التقارب، مؤكدا أنه لو فاز ترامب لما سعت الرياض له".

وأشار الزويري إلى أن "السعودية تبحث الآن عن حلول مرحلية للتعامل مع إدارة بايدن بما في ذلك التقارب مع تركيا، خاصة أن موقفه السلبي تجاه البلدين يعتبر نقطة التقاء بينهما، وربما يكون ذلك دافعا للرياض تحديدا كي تعمل مع أنقرة لتحسين موقفها".

وتابع الزويري في حديث لـ"عربي21": "بالمقابل أنقرة غير قلقلة من أمريكا وعينها لا تراقب بايدن، على عكس السعودية التي تخشى من ضغوط الإدارة الأمريكية خاصة فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، لذلك بدا الأمر وكأنها تريد استمالة تركيا لجانبها خوفا من ميل الأخيرة لصالح لبايدن، لأن انحياز أنقرة له سيضع الرياض في موقف سيئ".

من جهته لفت الجبوري إلى أن "الربط بين فوز بايدن والتقارب السعودي التركي موجود فقط في الإعلام وليس على الصعيد الرسمي، من ثم فهو مجرد حكم استباقي".

وأضاف: "قطعا حينما يستلم بايدن الرئاسة، حديثه سيختلف ولا يمكن العودة إلى الماضي، أيضا هناك علاقات استراتيجية لواشنطن مع كلا الجانبين، نعم قد يكون هناك عدم ارتياح سياسي بين بايدن والطرفين، ولكن كما قلت ربط التقارب بفوز بايدن هو حكم استنباطي".

واستدرك بالقول: "ولكن مع ذلك، هناك احتمالية بأن فوز بايدن قد يتسبب في هذا التقارب، لكن الأمر يتعلق بأنقرة أكثر، فهناك ضغوط خارجية وداخلية عليها، ولن ننسى أن الجانب الخارجي مهم لتركيا؛ فهي حققت نجاحا مذهلا وجيدا في الحرب الأذرية الأرمنية، وتريد المحافظة على هذا النصر والربط الجغرافي المستقبلي مع أذربيجان، من ثم فهي في هذه الحالة بحاجة للسعودية التي تمثل الثقل الإسلامي ومركز القرار العربي".

بدوره اعتبر محمد تشيلك بأنه "من السابق لأوانه التنبؤ بإدارة بايدن"، مستدركا: "لكن يمكننا القول بأن الأمر قد لا يكون سهلا بالنسبة لبعض الدول العربية كمصر والسعودية والإمارات، وحتى خارج العالم العربي بالنسبة لإسرائيل، ولن يكون الحال مثلما كان في زمن ترامب".

وأضاف: "كشفت تركيا في الفترة الماضية عن نهج جديد في شؤونها الخارجية، سواء كان ذلك مع أمريكا أو الاتحاد الأوروبي أو العالم العربي، لذلك لا يمكنني القول بأن هذا التقارب قد تم الاتفاق عليه بعد فوز بايدن، لكن التقارب بينهما مفيد في كلتا الحالتين للمنطقة ولهما".

موقف الإمارات

ويبقى السؤال الأهم: كيف سيكون موقف الإمارات التي تُعتبر حليفا مهما للسعودية، وفي الوقت نفسه هي على خلاف شديد مع تركيا، وهل يمكن اعتبار أن التقارب هو رسالة سعودية لها؟

واعتبر المختص بالشأن الخليجي محجوب الزويري بأن "التقارب مؤشر على حالة من الافتراق المؤقت في المواقف بين الرياض وأبو ظبي، وتصريحات وزير الخارجية السعودي اليوم تعيد الأمور لمقترح بيروت 2002 المتمثل بالمبادرة السعودية، بأنه لا علاقات كاملة مع إسرائيل إلا بعد الحق الفلسطيني".

وأضاف: "وعليه، فمن الواضح تماما بأن الرياض لا تتوافق مع التطبيع بالشكل الذي سارت عليه الإمارات والبحرين، وذلك بحسب ما ظهر من مواقفها العلنية، خاصة مع مجيء بايدن".

وخلص بالقول: "تحاول السعودية إعادة ترتيب تحالفاتها الإقليمية، فهي لا يوجد لها شركاء إقليميا حيث لا يمكنها الاستناد إلى الإمارات 100 في المئة، وهي تحتاج إلى شريك، وأفضل من يمكنه أداء هذا الدور ويساعدها في تخفيف الأعباء الدولية عليها وتثق به رغم الخلافات معه، هو تركيا".
التعليقات (3)
طارق الجزائري
الإثنين، 23-11-2020 11:28 ص
حذاري يا اردوغان من هذا التقارب مع خونة الدين والامة.
المذكورة أعلاه
الإثنين، 23-11-2020 11:03 ص
تقارب المدعوة من تركيا لن ينفي عنها اية مسؤولية تتعلق بذبح الشهيد المغدور خاشقجي ولن ينفي عنها انتهاك حقوق المواطن من الطبقة الحاكمة ولا تهورها وسفكها للدماء باطلا في دول عديدة واسهامها الاساسي والرئيسي في زعزعة امن واستقرار المنطقة...
سياسه
الإثنين، 23-11-2020 10:03 ص
السياسه ليس لها دين ولا مبدأ