دأب النظام السعودي على وأد أي كلمة تعارض منهجيته وخنق أي صوت يجرؤ على مجرد نصحه، وتقطيع أي جسد يفكر في الخروج من تحت سطوته. والشواهد التاريخية، وكذا المعاصرة لا تحصى ولا تعد.
لذا، كانت أول خطوة له قبل أن يشرع في صهينة الجزيرة العربية شكلا ومضمونا هي أن يُغيّب
العلماء الصادقين والدعاة المؤثرين والمفكرين النابهين، لأنه أدرك أنه لا يمكن شراء ذمتهم، ولا تلويث مصداقيتهم، ولا إغراقهم بالعطايا، ولا إسكاتهم بالإرهاب.
فاعتقل ثلة من خُلّص علماء الأمة ودعاتها، لا لجريمة اقترفوها، ولا لذنب اجترحوه. ومنذ أكثر من ثلاثة أعوام وهو ينكل بهم داخل معتقلات لا تعرف للإنسانية طريقا، ولا للقوانين مسلكا، وقبل أن يُشهر تطبيعه العلني مع الصهاينة المحتلين كان عليه أن يقدم المزيد من التنكيل بالعلماء، إرضاءً لأوليائه، وإرهابا لمن تسول له نفسه الاعتراض، أو حتى مجرد الاستياء، وكذا ليزداد الطامعون طمعا والساقطون سقوطا، واللاهثون لهثاً فيقدمون له الفتاوى المجانية بتكفير من يريد تفسيقه، وتبرير ما يريد تمزيقه وتشريع جرائمه، وتلميع وجهه الكالح، ومحاولة غسل سمعته العفنة باسم الدين!!
وكان أحدث توجيه لعلماء المؤسسات الأمنية وشيوخ الضلالة أن يُخرجوا فتاوى بتكفير إخوانهم الذين كانوا قبيل اعتقالهم يتوددون لهم بالقول، ويكيلون لهم الثناء والمديح!
فخرج مفتي المملكة ليؤكد للناس أن عمى البصيرة أسوأ آلاف المرات من عمى البصر، فيعلن تكفير الدعاة الصادقين والعلماء المظلومين، وهو الذي لم يُسمع له في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم كلمة، ولم ينبس ببنت شفة لتقطيع جثة مواطن مسلم في قنصلية نظامه!!
وخرجت هيئة "كبار المضلين" ببيان تكفير إخوانهم، والتمهيد لذبحهم، وتشريع قتلهم بغير مسوغ شرعي، إلا تنفيذا لتكاليف الطغاة المجرمين!!
خرجوا ليمهدوا لإصدار أحكام القتل العلني والحبس الأبدي للسادة العلماء والدعاة المأسورين!!
فهل تصمت المؤسسات العلمائية وهي ترى ما يُعد لإخوانهم العلماء من تنكيل وتقتيل؟ وهل تسكت المؤسسات الحقوقية وهي ترى كيف يفعل النظام السعودي بالأبرياء، وكيف ينتهك أبسط حقوق الإنسان؟ وهل تصمت المؤسسات الإعلامية عن فضح جرائم ذاك النظام المستبد بحق الإنسانية؟!
لا بد أن تنهض الأمة من شتى أقطارها لتنتصر لعلمائها انتصارا للدين، وصدعاً بالحق، ودمغا للباطل.
نداء:
- إلى كل صاحب قلم: جرد سيفك للحق مدافعاً عن المظلومين ومقاوماً لبغي الطغاة المجرمين.
- إلى كل صاحب كلمة: قاوم بكل ما أوتيت من بلاغة وبيان صروح الباطل، وحصون الشيطان.
- إلى كل من مكنه الله في منصة إعلامية أو وسيلة تواصل: هلم إلى وجه الطغيان فاكشف سوءته، وحطم أصنامه، وافضح جرائمه.
وأخيراً أقول: إن نصرة العلماء المأسورين نصرة للدين الحنيف، وانتصارا للرسول الكريم، وقياماً بحق الأخوّة الإسلامية والرابطة الإنسانية.
وأختم بقول النبي صلى الله عليه وسلم في ما رواه أبو داود: ما من امرئ مسلم يخُذلُ امرأ مسلما في موطن تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يُحبّ فيه نُصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عِرضه، ويُنتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موضع يحبُ فيه نُصرته.