هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار مؤتمر اللاجئين
الذي عقده النظام السوري في دمشق، قبل أيام، ردود فعل العديد من السوريين، وخاصة
اللاجئين منهم، ورأوا فيه محاولة من النظام لإعادة إحياء نفسه، بعد تسع سنوات حدث فيها انهيار لأغلب مؤسسات الدولة، بفعل الحل العسكري، لقمع الثورة.
وكان النظام عقد
المؤتمر بمشاركة روسيا وفنزويلا وإيران والصين ولبنان
والصومال وفلسطين والعراق وموريتانيا وعُمان، وحضرت الأمم المتحدة بصفة
مراقب، لكن الاتحاد الأوروبي، أعلن رفضه المشاركة، رغم تلقي عدد من أعضائه دعوات
للحضور.
وقال جوزيب بوريل وزير خارجية التكتل الأوروبي إن "الشروط
الحالية في سوريا لا تشجع على الترويج لعودة طوعية على نطاق واسع ضمن ظروف أمنية
وكرامة تتماشى مع القانون الدولي".
وقال الأسد في كلمته بالمؤتمر إن "الدولة تعمل ما بإمكانها من أجل عودة اللاجئين" مشيرا إلى أن الملايين "يرغبون
بالعودة" إلى سوريا.
لكن حديث الأسد أثار استهجان الكثير من
السوريين في دول اللجوء، وقالوا إنه من أكبر المستفيدين من مسألة اللجوء، وهو
يطالب بعودتهم الآن من أجل الفائدة لإعادة إحياء نفسه.
وقالت سمية البني لـ"عربي21" وهي
لاجئة تعيش في تركيا، إن العودة لسوريا في ظل حكم النظام والقبضة الأمنية،
"أمر لا يفكر اللاجئون به على الإطلاق".
وأضافت: "كيف يمكن لعاقل أن يعود
لسوريا، وتستقبله أجهزة القمع والمخابرات، وتلقي به في زنازينها ويختفي، ويسجل في
قائمة المفقودين، أو تظهر صوره بين جثث من ماتوا تحت التعذيب في السجون".
اقرأ أيضا: دبلوماسي سابق لـ"عربي21": انفراجة بملف سوريا مع قدوم بايدن
ولفتت إلى أن "عودة اللاجئين تتحق،
بالتخلص من هذا النظام وأجهزته، والحصول على ضمانات حقيقية لعودة آمنة لا يخاف
فيها الشخص على نفسه وأولاده".
من جانبه قال الإعلامي السوري محمد البيطار،
إن النظام "لا يتحدث بجدية سوى عن استنزاف آخر قطرة من دماء السوريين، ودعوته
اللاجئين للعودة، هي من أجل مكاسب مادية بحتة".
وأوضح البيطار لـ"عربي21" أن
النظام "يحاول ابتزاز السوريين على الدوام، وعودة اللاجئين تعني عودة العملة
الصعبة معهم، بعد سنوات كدهم ومقاساتهم من أجل تمكين أنفسهم، بعد أن شردتهم
دباباته، وهو يريد منهم أن يعودوا لإصلاح ما خربه بأموالهم".
وأضاف: "من تبقوا في سوريا هم قرابة الثمانية ملايين، يعيشون على أموال الحوالات الخارجية، التي تفيد النظام، وهو حريص على
استمرار هذه العملية، سواء عاد اللاجئون أم لم يعودوا، فالسوريون بنظره هم مجرد
أرقام وحوالات مالية، وليسوا بشرا".
وشدد على أن من البديهيات لدى اللاجئين
السوريين، أن "النظام لن يستقبلهم بالأحضان، ومن قتل المدنيين بالكيماوي،
ونصف مليون معتقل قتلوا تحت التعذيب، سيلحق بهم إذا فكر بالعودة لبلاده".
ولفت إلى أن السوريين اليوم، "أمام
عصابة، تستنزف المواطنين تحت إشراف الروس والإيرانيين، واللاجئون لن يعودوا إلا
بضمانات دولية أنه لن تقع مجازر مجددا بحقهم".
من جانبه قال عضو الائتلاف الوطني السوري
محمود عثمان، إن النظام لا يملك جديدا في دعوته لعودة اللاجئين، سوى أن روسيا تضغط
لأنها تريد القول للرأي العام إنها تعمل شيئا في الساحة السورية".
وقال عثمان لـ"عربي21"، إن روسيا بحاجة
دائما إلى "اختراق وإيجاد مسارات موازية، تأخذ الرأي العام إلى مسارات دولية لا
تلتقي مع المسارات التي تشرف عليها الأمم المتحدة مثل جنيف والقرارات الدولية الأخرى،
ولذلك قامت بابتكار أستانا ومناطق خفض التصعيد ولم تلتزم بها، وحتى لم تحقق تلك
الفعاليات شيئا للسوريين سوى قضم مناطق جديدة كل يوم".
وأضاف: "أعتقد أنه بعد وصول المسألة
السورية للوقف التام للاحتكاك الخشن والمعارك الكبيرة، فإن روسيا مضطرة لان تقدم
شيئا وأقدمت على هذا الأمر الرمزي، وتعلم أن غالبية دول العالم تضع في المقدمة
شرطا أساسيا لهذا الملف، وهو العملية السياسية وخصوصا الدول والمنظمات
القادرة على إعادة الاعمار، وإعادة الحياة الطبيعية لسوريا، مثل الاتحاد الاوروبي
ودول الخليج".
واعتبر عضو الائتلاف أن هذه الفعالية "لا
قيمة لها لا سياسيا ولا عسكريا ولا اقتصاديا، وربما كان الروس يطمحون للضغط
على الأمم المتحدة لأن تكون المساعدات المقدمة للاجئين عن طريقهم، واذا كانت بعض الدول
المشاركة في المؤتمر، قدمت الدعم، فهو لمصلحة النظام المنهار اقتصاديا ولا قيمة
بالأساس لدعمهم على أرض الواقع".
وختم بالقول إن الروس "يسعون بقوة كذلك لإعادة
إنتاج النظام، وإدماجه في المجتمع الدولي، في ظل عدم قدرتهم منفردين على النهوض
به، وإعادة إصلاح ما دمروه".