هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار اغتيال الناشطة الليبية حنان البرعصي، برصاص مسلحين في مدينة بنغازي (شرقا)، بعد انتقادها الشديد لصدام، نجل الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، حالة غضب وإدانات محلية ودولية واسعة.
والثلاثاء، أفادت وسائل إعلام ليبية، بأن "ثلاث سيارات يستقلها مسلحون أطلقوا النار على الناشطة البرعصي أثناء خروجها من سيارتها بشارع عشرين (في بنغازي)"، وهو ما أكده شهود عيان.
وذكرت قناة "فبراير"، أنه تم اغتيال البرعصي من قبل مليشيا تابعة لصدام، نجل الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، دون تفاصيل أخرى.
وأشار موقع "ليبيا أوبزيرفر" (بالإنجليزية) إلى أن اغتيالها جاء "بعد أيام من انتقادها الشديد لنجل أمير الحرب حفتر ووزير الداخلية في حكومة شرق البلاد".
محاولة لوأد الأمل
وفي تعليقه على الحادث، قال وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا، في تغريدة عبر حسابه على تويتر، إن "اغتيال الحقوقيين وأصحاب الرأي وتكميم الأفواه جريمة نكراء وشكل مشين من أشكال الاستبداد".
واعتبر باشاغا، الاغتيال "محاولة يائسة لوأد الأمل في قيام دولة مدنية ديمقراطية".
من جانبها، أدانت الهيئة البرقاوية (إقليم برقة في الشرق الليبي)، في بيان، اغتيال الناشطة البرعصي "من قبل مليشيا حفتر".
وقالت الهيئة: "نطالب المجتمع الدولي بضرورة التحقيق في جميع جرائم حفتر ومعاقبته بدلا من الاعتراف به".
جريمة بشعة
النقابة العامة للمحامين في ليبيا، التي تنتمي إليها المحامية البرعصي، اعتبرت الاغتيال "جريمة بشعة"، وقالت في بيان إن "الجريمة لن تسكت صوت المحامين".
وحملت النقابة، الحكومة المؤقتة في شرق ليبيا، الموالية لحفتر وغير المعترف بها دوليا، المسؤولية عن اغتيال البرعصي.
وأشارت النقابة، إلى أن "الأجهزة الأمنية في بنغازي (الموالية لحفتر) استدعت مجلس نقابة بنغازي الفرعية، الاثنين الماضي، وطالبتهم بإسكات صوت المحامية المغدورة حنان البرعصي".
في السياق، دعت قبيلة البراعصة أبناءها إلى التجمع الأربعاء، أمام مقر البرلمان في مدينة البيضاء (شرقا)، للاحتجاج على مقتل المحامية حنان، وفق إعلام محلي.
غضب دولي
دوليا، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في بيان، عن إدانتها الشديدة لاغتيال البرعصي.
وقالت: "كانت السيدة البرعصي من أشد المجاهرين بانتقاد الفساد وإساءة استخدام السلطة وانتهاكات حقوق الإنسان، وتدلل فجيعة مقتلها على التهديدات التي تواجهها المرأة الليبية التي تتجرأ على المجاهرة برأيها".
وأضافت: "يعد مقتل البرعصي تذكيرا قويا لمن هم في موقع المسؤولية من الليبيين بضرورة وضع خلافاتهم جانبا والتوصل بسرعة إلى حل شامل للأزمة التي طال أمدها من أجل استعادة العدالة والمساءلة".
وشددت على ضرورة إنهاء الحالة السائدة في ليبيا المتسمة بالإفلات من العقاب، داعية لتقديم الجناة على الفور إلى العدالة.
ودان الاتحاد الأوروبي بشدة جريمة اغتيال حنان البرعصي، وطالب بتحقيق ذي مصداقية وتقديم الجناة للعدالة.
وأعربت سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا، في بيان، عن قلقها البالغ إزاء ذلك، معتبرة أن المحامية البرعصي "سعت بنشاط لمحاربة الفساد في ليبيا".
وشددت على أنه "لا ينبغي التسامح مع إسكات أصوات الناشطين السلميين".
وقالت، إن هذا "الحادث الوقح يؤكد على أهمية إنشاء حكومة تكون مسؤولة أمام الشعب بدلاً من السماح للفساد والقوة الغاشمة بإملاء مستقبل ليبيا".
ودعت السفارة الأمريكية، إلى ضرورة التحقيق في جريمة قتل المحامية الليبية وتقديم جميع المسؤولين عنها للعدالة.
على الصعيد ذاته، أعرب السفير الألماني لدى ليبيا أوليفر أوفيتشا، عبر تويتر، عن صدمته بعملية الاغتيال التي وصفها بـ"الجبانة".
وحث السفير أوفيتشا على ضرورة تحميل الجناة المسؤولية، مشيرا إلى أن "الأصوات القوية مثل الناشطة البرعصي التي تعمل من أجل مستقبل مفعم بالسلام لليبيا ستبقى المرشد لتعاوننا".
إدانات حقوقية
على الصعيد الحقوقي، أدانت منظمة العفو الدولية بشدة اغتيال البرعصي، وقالت إنها "دأبت على انتقاد عدد من الأفراد المرتبطين بالمجموعات المسلحة في شرق ليبيا"، في إشارة لمليشيا حفتر.
وذكرت العفو الدولية، في بيان، أن "حنان تلقت عدة تهديدات بما فيها التهديد بالقتل لها ولابنتها على خلفية تلك الانتقادات".
واعتبرت أن "مقتل الناشطة الليبية دليل على المخاطر التي تواجهها النساء في ليبيا ممن يتحدثن في الأمور السياسية".
وطالبت المنظمة الحقوقية الدولية بالتحقيق بشكل عاجل في عملية الاغتيال وتقديم المسؤولين إلى العدالة.
في السياق، رأى المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره جنيف)، أن "الإفلات من العقاب مكن المليشيا من إزهاق أرواح الناشطين لمجرد تعبيرهم عن آرائهم".
وقال المرصد، إن "اغتيال البرعصي جاء بعد انتقادها الشديد لنجل حفتر ووزير الداخلية بالحكومة المؤقتة بالشرق (الموالية لحفتر)".
من ناحيتها، دانت منظمة رصد الجرائم الليبية (غير حكومية)، في بيان لها، بأشد العبارات اغتيال المحامية البرعصي.
ووصفت المنظمة، الحادث بأنه "جريمة بشعة تهدف لقمع وإسكات الأصوات المدافعة عن حقوق الإنسان والمعارضة للجريمة والفساد".
ودعت السلطات بالمنطقة الشرقية إلى فتح تحقيق عاجل وسريع وتقديم المجرمين إلى العدالة.
جدير بالذكر أن اغتيال الناشطة الليبية جاء أيضا بعد أقل من ساعتين من ظهورها في بث مباشر عبر صفحتها على فيسبوك، حيث انتقدت فيه عددا من التابعين لحفتر.
والأحد، كشفتت البرعصي عبر مقطع فيديو نشرته وتداوله مغردون، عن تعرض ابنتها لمحاولة اغتيال في بنغازي.
وقبلها بأسابيع، أعلنت في مقطع آخر أنها تعرضت لمحاولة اغتيال على يد مسؤول أمني شرق ليبيا، دون أن تذكر اسمه.
وتعرف البرعصي بمواقفها المناهضة لمسؤولين في الشرق الليبي وتتهمهم بالفساد والثراء غير المشروع.
وكانت الناشطة حنان البرعصي قد اختطفت في آذار/ مارس الماضي، بسبب ظهورها في فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي انتقدت فيه حفتر وسياسته في بنغازي، قبل أن يفرج عنها.