هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رأى زعيم حركة مجتمع السلم الجزائرية "حمس" عبد الرزاق مقّري، أن التصويت بـ "لا" على الدستور المزمع الاستفتاء عليه يوم 1 من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل أفضل وأكثر وقعا من خيار المقاطعة التي يدعو لها البعض.
وذكر مقّري في مقال له اليوم نشره على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن مقاطعة الاستفتاء على هذا المشروع المعروض خطأ لاعتبارات عدة منها أن أي مقاطعة للمسار الانتخابي لا ينقل إلى بديل آخر للتغيير هو مجرد تعبير صوتي يكون لصالح المصوتين بـ "نعم" وعليه لصالح النظام السياسي القائم والسلطة الحاكمة.
وقال: "من يعتقد بأن المقاطعة ستحرج النظام السياسي فهو مخطئ، ذلك أنه إن لم يتبع المقاطعة وسيلة أخرى سلمية تزعزع حكمه، سيفرض هذا الدستور نفسه وسيخضع المقاطعون لأحكامه وستعترف به الدول ويتعامل معه الشعب بكل توجهاته".
وأكد مقّري أن خلو مكاتب التصويت من الناخبين لن يضر النظام السياسي لأن ما يقوم به يحظى بغطاء دولي من الدول المساندة له والمستفيدة من الوضع القائم.
وقال: "إن قررت هذه الدول إحراجه فإنما تفعل ذلك لفترة وجيزة لابتزازه بغرض مزيد من التنازلات في مجالات السيادة والهوية والاقتصاد والتوازنات الدولية، وبعد أن تحقق مبتغاها تعود لمساندته ومساندة خياراته".
وأشار مقّري إلى أن "هذا التصويت، خلافا لدستور 2016، معروض على الشعب وليس البرلمان وبإمكان ملايين الأصوات بـ"لا" أن تسقط حتمية التزوير بأن تخيف النظام السياسي من العواقب وتشجع قوى رسمية في الإدارة وفي مختلف مؤسسات الدولة للانحياز للشعب، لا سيما أن النظام السياسي في وضع هش ويعيش أزمات متعددة بسبب طريقة تسييره للدولة بما يجعل المشاكل تتعمق ولا تنفرج".
وأضاف: "حتى وإن تم التزوير فإن امتلاء الصناديق بأوراق "لا" سيدمر معنويات السلطة المتحكمة التي تريد فرض هذا الدستور، وسيفتح ذلك سبلا قوية وفاعلة للنضال السياسي بعد الدستور إذ ما يسقط شرعية الاستفتاء هو افتضاح التزوير وليس المقاطعة".
ولفت مقّري الانتباه إلى أنه "ثبت أثناء الحراك وقبله وبعده أن الخطاب الذي كان يوجع النظام السياسي هو كون الانتخابات كانت مزورة، ولم يكن في الخطاب السياسي لكل السياسيين والنشطاء شيء عن عدم شرعية الانتخابات السابقة بسبب نسب التصويت التي كانت متدنية".
وأكد مقّري أن نتائج المقاطعة في مختلف الدول حيث تجارب الكفاح من أجل التحول الديمقراطي كانت عسيرة مثل حالنا وكانت على العموم سلبية، وفي الغالب رجع المقاطعون إلى المشاركة السياسية ولم يتوقفوا إلا حينما انتقلوا إلى وسيلة جديدة كالانتفاضات السلمية العارمة التي تسمى عندنا الحراك الشعبي المبارك.
وشدد مقري على أن ما يسير سياساته في هذا الشأن في حركة مجتمع السلم هو هذا الفهم، وقال: "نحن نشارك منهجيا في كل الانتخابات، خصوصا التي لها علاقة بالشعب، ولكن قد نقاطع أو نمتنع عن التصويت إذا قدّرنا أنه لا توجد أي فرصة ولا أي مكسب مهم يشجع ويساعد على استمرار النضال بشكل أفضل، وحينما يظهر أن ثمة توجها عاما لحراك شعبي سلمي يستطيع تغيير موازين القوة نتحول إلى الوسيلة الجديدة الأكثر فاعلية، تماما مثلما فعلنا حين انتقلنا إلى المشاركة في حراك 22 فبراير في أول جمعة وانسحبنا فورا من الترشح للانتخابات الرئاسية التي دخلناها لمواجهة العهدة الخامسة ومرشح الدولة العميقة. فالسياسة ليست مجرد عواطف وردود أفعال وحالات نفسية انتقامية دون بصيرة ولا رؤية".
ودعا مقّري في نهاية مقاله الشعب الجزائري إلى المشاركة بكثافة في الاستفتاء والتصويت بـ"لا" وقال: "ذلك هو الصواب وذلك هو الذي يزعج السلطة الحاكمة ويفسد حساباتها، ويفتح لنا آفاقا أوسع لاستمرار النضال"، على حد تعبيره.
ومن المقرر أن يصوت الشعب الجزائري في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل على مشروع تعديل الدستور المتألف من ديباجة و7 أبواب، ويضم في أبرز مواده منع الترشح للرئاسة لأكثر من فترتين (5 سنوات لكل واحدة) سواء كانتا متتاليتين أو منفصلتين.
كما يشمل تعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية، والسماح بمشاركة الجيش في مهام خارج الحدود، بشرط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان.
وانقسم الجزائريون إزاء تعديل الدستور بين تيارين أحدهما يدعو للمقاطعة، ويمثله تحالف ما يسمى "قوى البديل الديمقراطي" ويضم أحزابا ومنظمات يسارية وعلمانية (لائكية)، والتيار الثاني يمثله الإسلاميون ويطالب بالتصويت بـ "لا" على المشروع بدعوى أنه يمثل "تهديدا لهوية البلاد الإسلامية، كما أنه صيغ بطريقة غير توافقية".
يذكر أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي يراهن على تعديل الدستور لتنفيذ إصلاحات تعهد بها قبل وبعد اعتلائه سدة الحكم في 19 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، تعرض لوعكة صحية دعت إلى نقله إلى مستشفيات ألمانية لمتابعة وضعه الصحي.
إقرأ أيضا: من هم المؤيدون والرافضون للاستفتاء على الدستور بالجزائر؟