هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد مدير مسجد فيسنبري بارك في لندن، محمد كزبر، أنه
من المهم عدم التهاون في ملاحقة المزاعم التي تطلقها وسائل إعلام وكتاب من اليمين
المتطرف، تجاه المراكز الإسلامية وشخصيات إسلامية في بريطانيا، بما في ذلك
الملاحقة القضائية.
وقال في مقابلة مع "عربي21": "من المهم
المحافظة على سمعتنا"، مضيفا: "آثارنا أن نردع مثل هؤلاء، ليس فقط من
أجل المسجد، بل أيضا من أجل الجالية المسلمة".
من جهة أخرى، أكد كزبر أن المساجد في بريطانيا تحترم
الإجراءات الخاصة بمواجهة فيروس كورونا، رافضا المزاعم التي يطلقها متطرفون مناهضون
للمسلمين في هذا السياق.
وكانت الكاتبة اليمينية المتطرفة، كاتي هوبكنز، قدمت
اعتذارها لمسجد فينسبري بارك، بعد نحو خمسة أشهر من مزاعم أطلقتها عبر تويتر، ربطت فيها بين اعتداء وقع على الشرطة وبين المسجد، رغم أن الحادثة وقعت على بعد
شارعين من موقع المسجد. بل إن هوبكنز خضعت لطلب محامي المسجد بالإقرار بالتبرعات
التي قدمها المسجد للمجتمع.
وفي حالة مشابهة، وفي أيار/ مايو 2018، اضطرت صحيفة
"صاندي تايمز" للاعتذار من كزبر ومسجد فينسبري بارك، مع دفع تعويضات، وإزالة تقريرها من موقعها الإلكتروني، بعدما اتهمت المسجد ومديره بالتطرف، ومزاعم
أخرى من مثل أن كزبر يتهم بريطانيا بالمسؤولية عن تنظيم الدولة، وأنه يريد القضاء
على إسرائيل، وهي مزاعم لم تقدم عليها الصحيفة أي دليل.
اقرأ أيضا: تغطية واسعة بعد "هزيمة" يمينية متطرفة أمام مسجد ببريطانيا
وفيما يأتي نص المقابلة:
- كيف بدأت قصة المزاعم الأخيرة تجاه مسجد فينسبري
بارك؟
في رمضان الماضي، حصلت مشكلة بعيدة عن المسجد، على
بعد حوالي شارعين، بين الشرطة ومجموعة من الشباب، معظمهم من الجالية الجزائرية، أدت لتصادم بين الشرطة وبين مجموعة من هؤلاء الشبان. هكذا بدأت، وليس
للقضية علاقة بالمسجد".
ربما وصلتها (هوبكنز) معلومات مغلوطة أو تقصدت الأمر،
لأن المكان قريب من المسجد، على بعد حوالي خمس أو ست دقائق مشيا على الأقدم..
فكتبت هذه التغريدة، بأن أعضاء من المسجد هم الذين تورطوا في الحادثة، وأنه حصل عراك
بين الشرطة وأعضاء في المسجد.
- هل كانت هناك شكوى أمام القضاء، أم تم حل الأمر
خارج القضاء؟
لا.. عبر محامينا. بعثنا لها وقلنا إن هذا غير صحيح.
حتى قائد الشرطة ورئيس البلدية في منطقتنا أرسلا لها وأكدا أن ما قالته غير صحيح،
لكنها لم تحذف التغريدة، وحينها تواصلنا مع محامي المسجد، فأرسل لها رسالة رسمية
يطلب منها حذف التغريدة وتقديم الاعتذار، أو المضي بالقضية إلى القضاء، وهذا هو
الإجراء المتبع عادة قبل اللجوء للمحكمة.
- واستغرق الأمر خمسة أشهر للحصول على اعتذار؟
نعم، استغرقت القضية كل هذا الوقت؛ لأنها حاولت
التسويف بطريقة وبأخرى، لكنها كانت حريصة على عدم ذهاب القضية للمحكمة؛ لأنها
تعلم أنها ستخسر القضية وستكلفها أموالا طائلة، خاصة أنها خسرت قضية أخرى قبل
حوالي سنتين، كلفتها حوالي 200 ألف جنيه إسترليني.
- نلاحظ أن وسائل إعلام وشخصيات من اليمين واليمين
المتطرف تنشر كثيرا اتهامات حول مؤسسات إسلامية أو شخصيات من الجالية المسلمة، ثم
تضطر في كثير من الحالات للاعتذار ودفع تعويضات.. لماذا لا يرتدع هؤلاء، ويستمرون
في نشر معلومات وتقارير يضطرون في نهاية المطاف للاعتذار عنها؟.. هل هذا مقصود
لإحداث الضرر بغض النظر عن الاعتذار في نهاية المطاف؟
- هؤلاء عندهم تصور بأن المسلمين عادة لا يتابعون
مثل هذه الحالات.. وكاتي هوبكنز عندما نشرت تغريدتها عن مسجد فينسبري بارك لم تكن
تعتقد أننا سنتابع الأمر، وأننا قد نذهب بالموضوع إلى المحكمة.. وللأسف الشديد معظم
وسائل الإعلام البريطانية، وحتى شخصيات مثل هذه (هوبكنز)، يعتقدون أن بإمكانهم مهاجمة
الإسلام والمسلمين، وأن يكتبوا ما يشاؤون دون أن يكون هناك رادع.
لذلك آثارنا أن نردع مثل هؤلاء، ليس فقط من أجل
المسجد، بل أيضا من أجل الجالية المسلمة.. لإشعار المسلمين في بريطانيا بأنهم من
الممكن أن يفعلوا ما فعلناه إذا تعرضوا لمثل ما تعرضنا له، وألّا يتركوا حقهم،
لأنه لو لم نقم بمثل هذا الإجراء فإنه
سيصبح ما كتبته كأنه الحقيقة والواقع. فعندما يُكتب شيء في الإعلام ووسائل
التواصل الاجتماعي، ولا تواجهه أو تحاول أن تبين الحقيقية، يصبح واقعا ومرجعا
للناس. فمن المهم المحافظة على سمعتنا وسمعة الجالية، فكان لا بد من اتخاذ هذا
الإجراء، رغم أنه كلف جهدا ومالا. فالموضوع لا يتعلق بالمسجد، بل هو أكبر ويتعلق
بالجالية.
- بالنسبة لمسجد فينسبري بارك كثيرا ما يتم ربطه
بتاريخه القديم خلال فترة أبي حمزة المصري. هل لهذا السبب يتم التركيز عليه مثلا؟
للأسف، دائما عندما يكون هناك أمر يتعلق بمسجد
فينسبري بارك، كثيرون -خاصة ممن يهاجمون الإسلام والمسلمين- يعودون إلى الفترة التي
كان أبو حمزة المصري يدير المسجد، ولا يبيّنون التغيير الذي حصل خلال 15 سنة.
والآن الناس يرون تغييرا، والمسجد لم يعد مسجدا فقط، بل أصبح مركزا اجتماعا، وهو
مفتوح حتى لغير المسلمين وسكان المنطقة.
للأسف، اليمين والمتطرف والإعلام المتطرف يحاول
بطريقة أو بأخرى ربط المسجد بالتطرف بناء على ما كان عليه قبل ذلك. والسبب في ذلك
أنه لا يريدون بأي حال من الأحوال أن تكون هناك مؤسسة إسلامية ناجحة في هذا البلد،
لها وجود نوعي وناجح في بريطانيا.. يريدون أن يضربوا أي مصداقية لأي مؤسسة إسلامية
أو أي مسجد في البلد، حتى لا يصبح نموذجا أو قدوة أو مركزا يحتذى به من قبل
الآخرين؛ لذلك يحاولون ضرب مصداقية أي مؤسسة إسلامية أو خيرية.. لكن أعمال المسجد
وإنجازاته واضحة، ورأينا كيف كتب الإعلام البريطاني عن هذا الموضوع (الاعتذار)،
وكان شيئا إيجابيا جدا، فقد كتب عن إنجازات المسجد، خاصة خلال فترة كورونا.
- أيضا، في سياق الإسلاموفوبيا والهجوم على
المسلمين، هناك مزاعم يتم إطلاقها بأن المسلمين ومساجدهم في بريطانيا تحولوا لبؤرة
لانتشار كورونا، كيف تردون على هذه المزاعم؟
العكس هو الصحيح، فالمساجد هي أكثر الأماكن سلامة.
أولا المساجد أغلقت أبوابها في منتصف آذار/ مارس، قبل أن تقرر الحكومة البريطانية
إغلاق أماكن العبادة، وعندما تم السماح بفتح أماكن العبادة، تم اتخاذ إجراءات
صارمة لمنع أي انتشار للوباء داخل المساجد.. فتتم مراعاة التباعد بين المصلين، وارتداء
الكمامات، والمصلي يُحضر سجادة الصلاة الخاصة به، وتم توفير مواد التعقيم، وتم
إغلاق أماكن الوضوء والحمامات، ويُمنع حضور كبار السن فوق سن السبعين والأطفال تحت
سن الثالثة عشرة، وتم إيقاف كل الأنشطة والدروس، واقتصر الأمر على الصلاة فقط لمدة
ربع ساعة قبل الصلاة وربع ساعة بعدها. وهذه إجراءات لم تتخذ في أماكن العبادة
الأخرى (غير المساجد)..
معظم المساجد التزمت بهذه الإجراءات، والحمد لله لم
نسمع عن حدوث انتشار للوباء بسبب مسجد معين.. لم نشهد انتشارا جماعيا كما حصل في
الحانات والشواطئ والمطاعم وغيرها؛ لذلك من يتهم المساجد فهذا مردود عليه.
- بهذه المناسبة، كيف تعلقون على تصريحات الرئيس
الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة بشأن الإسلام؟
للأسف الشديد، عنده عقدة مع الإسلام، فرنسا بشكل عام
لديها مشكلة وعقدة مع الإسلام كدين. وماكرون بعلمانيته المتطرفة لا يترك أي فرصة
إلا ويهاجم الإسلام كدين، وهذا يبين عنجهية ماكرون وكرهه للإسلام والمسلمين،
ونفاقه.. هذا النفاق بادعاء تبني الديمقراطية والحرية، ولكن عندما يأتي الأمر
للإسلام والمسلمين فهذا ممنوع.. تصريحات تبين موقف هذه العلمانية المتطرفة ضد أكثر
من مليار ونصف المليار مسلم في العالم.
أما قصة أن الإسلام في أزمة، فمن أزّمه أولئك
الذين ولّوهم (الفرنسيين) الحكم في بلادنا، فهم من وضعونا في أزمة، ويتحملون مسؤولية
هذه الأزمة، من خلال حكمهم ودكتاتوريتهم.