ملفات وتقارير

خطوات حكومية ضد "الحشد الشعبي".. هل يسعى الكاظمي لتفكيكه؟

أغلق الكاظمي مكاتب الحشد الشعبي في مطار بغداد الدولي- الأناضول
أغلق الكاظمي مكاتب الحشد الشعبي في مطار بغداد الدولي- الأناضول

أثارت خطوات رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، بإعفاء قيادات بارزة من الحشد الشعبي، وإغلاق مكاتب لها في مطار بغداد والمنافذ الحدودية، وعدم إدراج مخصصاتهم بقانون بالموازنة المالية، تساؤلات عدة حول دلالات وأهداف تلك القرارات.

وفي حديث لـ"عربي21"، تباينت تفسيرات محللين وسياسيين بخصوص دلالات خطوات الكاظمي وأهدافها، ففي وقت اعتبرها البعض محاولة لإضعاف الحشد الشعبي، أكد آخرون أن تفكيك "الحشد" مسألة ليست بالسهلة، وغير قابلة للتحقق حاليا.

خطوات حكومية

كشفت مصادر سياسية خاصة لـ"عربي21" عن "تضمين حكومة مصطفى الكاظمي فقرة في الموازنة المالية العامة، استفزت قوى سياسية شيعية وأثارت غضبها، حيث اعتبروها خطوة تمهّد لحل قوات الحشد الشعبي".

المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، قالت إن "نسخة مسربة من الموازنة المالية، تضمنت فقرة تتحدث عن التقسيمات المالية بين التشكيلات الوزارية، اعتبرتها قوى سياسية شيعية وسيلة لحلّ الحشد الشعبي، ودمج عناصره ضمن تشكيلات وزارتي الدفاع والداخلية".

 

اقرأ أيضا: رسالة تهديد أمريكية شديدة للعراق.. هل توقف الصواريخ؟

يأتي ذلك بالتزامن مع قرار أصدرته رئاسة الحشد الشعبي، الخميس الماضي، قضى بإعفاء زعيم مليشيا "سرايا الخراساني" حامد الجزائري من مهام آمر "اللواء 18"، وكذلك إعفاء القيادي وعد القدو من مهام آمر "اللواء 30"، دون توضيح أسباب ذلك.

ويواجه "الجزائري" اتهامات بقيادة فريق من القناصين لتصفية المتظاهرين، في الحراك الذي شهدته البلاد مطلع أكتوبر/ تشرين أول الماضي، فيما تطال "القدو" اتهامات بارتكاب انتهاكات وتعذيب وتصفية لأبناء عشائر سنية في محافظة نينوى.

واتساقا مع ذلك، أصدر رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في اليوم ذاته (الخميس)، قرارا يقضي بغلق مكاتب الحشد الشعبي في مطار بغداد الدولي، والإبقاء على مكاتب جهاز المخابرات ووزارة الداخلية فقط.

"عقبات حقيقية"

وتعليقا على ذلك، قال النائب جمال كوجر عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي في حديث لـ"عربي21" إن "نسخة الموازنة العامة الرسمية لم تصل البرلمان حتى اليوم، لكن لدينا نسخة من مسودة للموازنة مسربة، ولا ندري هل هي رسمية أم لا؟".

وأكد على أنه "حتى إذا وردت فقرة تذكر التشكيلات الوزارية، ولم تذكر الحشد الشعبي على وجه الخصوص، فإن الحديث عن حلّ الأخير ليس بالأمر السهل، لأنه قوة عسكرية موجودة على الأرض ولها قانونها الخاص".

وأضاف كوجر أن "ما يمنع حلّ الحشد ويجعله أمرا صعبا هو وجود مدافعين عنه بشراسة لا يقبلون تفكيكه بسهولة، كما أن الموضوع له أبعاد خارجية، وهذه كلها معوقات تحول دون موضوع الحلّ أو السعي إلى ذلك في موازنة 2020، أما إذا كان في موازنة 2021، فبالتأكيد سيكون لها حسابات أخرى".

من جهته، قال المحلل السياسي وائل الركابي، في حديث لـ"عربي21": "لا أحد يستطيع التجاوز على مقدرات الحشد الشعبي، فإذا كانت الموازنة تريد تجريد الحشد من استحقاقه، فلا أعتقد أن طرفا سياسيا يستطيع أن يمرر هذه النقاط في الموازنة أثناء مرحلة التصويت عليها البرلمان".

"إضعاف للحشد"

وحول الإعفاءات والإجراءات التي اتخذتها مؤخرا الحكومة بحق الحشد الشعبي، قال الركابي: "لاحظنا أن رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، حاول منذ تسلم منصبه استفزاز الحشد الشعبي بشكل أو بآخر".

ورأى الركابي أن "غلق مكاتب الحشد الشعبي في مطار بغداد والمنافذ الحدودية هي خطوات يحاول رئيس الحكومة من خلالها أن يثير فيها ردود فعل الحشد الشعبي، لكن الأخير بقياداته المؤثرة لم يعطوا مجالا للكاظمي حتى اللحظة في التمادي لتحقيق ما يريد، فهم يتعاملون بكل حكمة، وهم أيضا مع القانون".

 

اقرأ أيضا: السلام والدولة والقانون في العراق!


وأضاف: "لا الكاظمي ولا غيره قادر على إضعاف مؤسسة الحشد الشعبي، لأن المؤسسة تمتلك إرادة قوية مستمدة من المرجعية الدينية (الشيعية) في النجف، ومن الدماء التي قدمها دفاعا عن العراق".

واستدرك الركابي قائلا: "لكن هناك نية أمريكية لإضعاف الحشد الشعبي، وهناك إرادة سياسية من الحكومة العراقية تسير بهذا الاتجاه، وتنفذ ما تريده الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن "ما اتخذته الحكومة من خطوات ضد الحشد الشعبي مؤخرا، جميعها تندرج ضمن تنفيذ الحكومة للإرادة الأمريكية".

وردا على سؤال حول نجاح خطوات الكاظمي في التأثير على الحشد الشعبي، أجاب: "أعتقد أن الحشد الشعبي قادر على الرد في حال أحس بخطورة السلوكيات التي يسير عليها الكاظمي تنفيذا  للإرادة الأمريكية".

ويتكون "الحشد الشعبي" من فصائل شيعية في الغالب، وهو تابع رسميا للقوات المسلحة العراقية، إلا أن العديد من تلك الفصائل تتبع أوامر قادتها المقربين من إيران.

ومنذ تسلم الكاظمي رئاسة الحكومة، تصاعدت حدة التوتر مع فصائل الحشد الشعبي، لا سيما بعد عملية اعتقال 14 عنصرا "كتائب حزب الله"، جنوب بغداد؛ بتهمة الاستعداد لإطلاق صواريخ على المنطقة الخضراء، لكنهم أفرج عنهم بعد أيام قليلة لـ"عدم كفاية الأدلة".

التعليقات (0)